ختم أعوان فرقة الابحاث والتفتيش للحرس الوطني بالمهدية أمس أبحاثهم في قضية قتل حارس ضيعة فلاحية توجهت فيها الشبهة الى زميله في العمل. وحسب الشبهة فإن المظنون فيه أصاب القتيل بفأس على مستوى الرأس فأرداه قتيلا في الحين ثم عمد الى دفنه لكن محققي الفرقة المذكورة تمكّنوا من ايقافه في ظرف وجيز. وكانت وقائع هذه الجريمة قد جدت في الليلة الفاصلة بين يومي السبت والاحد بإحدى المناطق الريفية من مدينة السواسي حيث كشفت الأبحاث المجراة فيها ان المظنون فيه وهو شاب (21 سنة) كان يعمل حارسا بإحدى الضيعات الفلاحية صحبة زميله الضحية (43 سنة) ويبدو ان علاقاتهما المهنية لم تكن على أحسن ما يرام اذ كثيرا ما كان الضحية المعروف باستقامته وجدّيته في العمل يقف بالمرصاد لمحاولات الشاب المظنون فيه سرقة بعض الأغنام والتحيّل وانتهاز بعض الفرص للعودة الى مسقط رأسه وهو ما حزّ على ما يبدو في نفسه ودفعه الى التفكير في الانتقام من زميله بالتخلص منه. وقد صارت هذه الفكرة تراوده وتلحّ عليه حتى استبدت به فوضع خطة لتنفيذها. يستدعي صديقيه عمد الشاب المشتبه فيه الى استدعاء شابين للسهر معه صحبة الضحية مساء السبت، وبعد لعب الورق واحتساء الشاي وفي ساعة متأخرة من الليل استأذن الضيفان في العودة الى منزليهما فاصطحبهما الشاب زاعما لهما أنه سيقضّي ليلته عند أحد أصدقائه في المدينة وبعد توديع الضحية الذي بقي وحيدا في فراشه سار الشبان الثلاثة في المسلك الفلاحي مسافة غير قصيرة سرعان ما ادعى خلالها الشاب المظنون فيه في قضية الحال انه نسي حافظة أوراقه في المنزل واستأذنهما في العودة لجلبها بسرعة بعد ان طلب منهما انتظاره تحت شجرة الزيتون. عاد الشاب أدراجه نحو المنزل جريا وحين اقترب من الباب أخرج فأسا كان قد تعمّد اخفاءها بالقرب منه ثم دلف الى الغرفة التي كان زميله مستلقيا فيها على فراشه ودون مقدمات وجه للضحية عددا من الضربات ورغم ان الضحية قد حاول تفاديها والهروب من المكان الا ان المشبوه فيه سدّ عليه كل المنافذ ولم يترك سبيله الا حين خارت قواه وانهار أرضا. وحين أبطأ المشتبه فيه على ضيفيه اللذين قرر أحدهما الالتحاق به للنظر في سبب تأخره وما إن اقترب من المنزل حتى سمع صوت صراخ الضحية ووقع ضربات الفأس تنهال عليه فظن ان الحارسين يتشاجران لخلاف جدّ بينهما فأسرع خطاه للتدخل بينهما بالحسنى، لكن الشاب المظنون فيه سبقه في الخروج من المنزل فاستفسره ضيفه عما جرى فأخبره بأن خلافا نشب بينه وبين زميله تبادلا على اثره العنف وطلب منه نسيان ما حصل ثم سارا الى ان التحقا بالشاب الآخر. وقد سار الثلاثة الى ان تفرّقوا دون ان تبدو على المشتبه فيه علامات تدل على ارتكابه جريمة قتل إذ كان في منتهى الهدوء. دفن ضحيته لطمس الجريمة ودّع الشاب رفيقيه زاعما انه سيقضّي ليلته عند صديقه وقد كان ذلك جزء من خطته التي وضعها لدفع الشبهة عنه وايهام رجال الامن عند التفطن للجريمة بأنه لم يبت ليلته في المنزل بشهادة ضيفيه. ولكن بما ان أحد الضيفين قد تفطن الى الخلاف الذي شب بين المظنون فيه والضحية فإنه قرر العودة الى المنزل والتخلص من جثة المجني عليه فوضعه في عربة مع الحشية والوسادة الملطختين بالدماء وحمله الى مكان مقفر حفر فيه حفرة ودفن فيها ضحيته وعاد أدراجه الى المنزل ليواصل طمس معالم الجريمة بمسح آثار الدماء من الغرفة. كشف الجريمة في صبيحة يوم الاحد تقدم الشاب الذي شك في أمر مضيّفه من أعوان فرقة الابحاث والتفتيش للحرس الوطني بالمهدية وأعلمهم بشكوكه فيما حصل. فأخذ أعوان الحرس هذه التصريحات مأخذ الجد وتحوّلوا الى مكان الواقعة حيث وجدوا الشاب المظنون فيه وبسؤاله عن زميله ادعى انه لم يبت ليلته في المنزل وأنه حين عاد صباحا لم يجده وبسؤاله عن حقيقة الخلاف الذي جدّ بينهما في الليلة السابقة ارتبك فأيقن أعوان الفرقة المذكورة بما لديهم من خبرة ان في الامر سرّا فقرروا اخضاع الشاب الى الاستجواب فاعترف لهم بأنه تعمّر ازهاق روح زميله الذي صار يضايقه كثيرا بما يسلّطه عليه من رقابة تقيّد تحركاته. ودل المحققين على المكان الذي دفن فيه المجني عليه. وبعد اتخاذ الاجراءات القانونية تم استخراج الجثة من المكان الذي دُفنت فيه كما حجز المحققون الفأس أداة الجريمة والوسادة الملطخة بالدماء التي عثروا عليها ملقاة غير بعيد عن مكان الدفن.