مع الشروق .. قمّة بكين ... وبداية تشكّل نظام دولي جديد    انطلاقا من غرة جوان: 43 د السعر الأقصى للكلغ الواحد من لحم الضأن    رئيس الحكومة يستقبل المدير العام للمجمع السعودي "أكوا باور"    توقيع مذكرة تفاهم تونسية سعودية لتطوير مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس    شهداء وجرحى في قصف لقوات الاحتلال على مدينة غزة..    بطاقتا إيداع بالسجن ضد أجنبيين تورّطا في تنظيم عمليات دخول أفارقة لتونس بطرق غير نظامية    بداية من اليوم: خدمة جديدة للمنخرطين بال'كنام' والحاصلين على الهوية الرقمية    صفاقس: إيقاف 21 افريقيا وصاحب منزل أثر معركة بالاسلحة البيضاء    جنيف: وزير الصحة يؤكد أهمية تعزيز قدرات الدول الإفريقية في مجال تصنيع اللّقاحات    عاجل/ هذا ما قرّرته 'الفيفا' بشأن المكتب الجامعي الحالي    وزارة الصناعة: توقيع اتفاقية تعاون بين أعضاء شبكة المؤسسات الأوروبية "EEN Tunisie"    مفقودة منذ سنتين: الصيادلة يدعون لتوفير أدوية الإقلاع عن التدخين    كلاسيكو شوط بشوط وهدف قاتل    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    بالفيديو: بطل عالم تونسي ''يحرق'' من اليونان الى إيطاليا    مراسم استقبال رسمية على شرف رئيس الجمهورية وحرمه بمناسبة زيارة الدولة التي يؤديها إلى الصين (فيديو)    عاجل/ فرنسا: إحباط مخطّط لمهاجمة فعاليات كرة قدم خلال الأولمبياد    وزارة المرأة تحذّر مؤسسات الطفولة من استغلال الأطفال في 'الشعوذة الثقافية'    بن عروس: حجز أجهزة اتصالات الكترونيّة تستعمل في الغشّ في الامتحانات    بطاقة إيداع بالسجن ضدّ منذر الونيسي    مجلس نواب الشعب: جلسة استماع حول مقترح قانون الفنان والمهن الفنية    رئيس لجنة الفلاحة يؤكد إمكانية زراعة 100 ألف هكتار في الجنوب التونسي    المنتخب الوطني يشرع اليوم في التحضيرات إستعدادا لتصفيات كأس العالم 2026    النادي الصفاقسي في ضيافة الاتحاد الرياضي المنستيري    الرئيس الصيني يقيم استقبالا خاصا للرئيس قيس سعيّد    قبلي : تنظيم اجتماع تشاوري حول مستجدات القطاع الثقافي وآفاق المرحلة القادمة    وزير التعليم العالي: نحو التقليص من الشعب ذات الآفاق التشغيلية المحدودة    عاجل/ حريق ثاني في حقل قمح بجندوبة    مستشفى الحبيب ثامر: لجنة مكافحة التدخين تنجح في مساعدة 70% من الوافدين عليها على الإقلاع عن التدخين    منظمة الصحة العالمية تمنح وزير التعليم العالي التونسي ميدالية جائزة مكافحة التدخين لسنة 2024    صفاقس: وفاة امرأتين وإصابة 11 راكبا في اصطدام حافلة ليبية بشاحنة    تطاوين: البنك التونسي للتضامن يقرّ جملة من التمويلات الخصوصية لفائدة فلاحي الجهة    بمشاركة اكثر من 300 مؤسسة:تونس وتركيا تنظمان بإسطنبول أول منتدى للتعاون.    رولان غاروس: إسكندر المنصوري يتأهل الى الدور الثاني لمسابقة الزوجي    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    آخر مستجدات قضية عمر العبيدي..    الانتقال الطاقي: مشروع للضخ بقدرة 400 ميغاواط    انتخاب التونسي صالح الهمامي عضوا بلجنة المعايير الصحية لحيوانات اليابسة بالمنظمة العالمية للصحة الحيوانية    رولان غاروس: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة 34 عالميا    حادث مروع بين حافلة ليبية وشاحنة في صفاقس..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    بعد الظهر: أمطار ستشمل هذه المناطق    جبنيانة: الإطاحة بعصابة تساعد الأجانب على الإقامة غير الشرعية    الرابطة المحترفة الأولى: مرحلة تفادي النزول – الجولة 13: مباراة مصيرية لنجم المتلوي ومستقبل سليمان    الأوروغوياني كافاني يعلن اعتزاله اللعب دوليا    عاجل/بعد سوسة: رجة أرضية ثانية بهذه المنطقة..    إلغاء بقية برنامج زيارة الصحفي وائل الدحدوح إلى تونس    تونس والجزائر توقعان اتفاقية للتهيئة السياحية في ظلّ مشاركة تونسية هامّة في صالون السياحة والأسفار بالجزائر    بنزرت: الرواية الحقيقية لوفاة طبيب على يدي ابنه    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    منبر الجمعة .. لا يدخل الجنة قاطع صلة الرحم !    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    شقيقة كيم: "بالونات القمامة" هدايا صادقة للكوريين الجنوبيين    محكمة موسكو تصدر قرارا بشأن المتهمين بهجوم "كروكوس" الإرهابي    مدينة الثقافة.. بيت الرواية يحتفي ب "أحبها بلا ذاكرة"    الدورة السابعة للمهرجان الدولي لفن السيرك وفنون الشارع .. فنانون من 11 بلدا يجوبون 10 ولايات    عندك فكرة ...علاش سمي ''عيد الأضحى'' بهذا الاسم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متابعات : ندوة كونية الفكر العربي في القلعة الكبرى
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

مثل كل سنة وفي جو بهيج يفيض بالنخوة والاعتزاز، انطلقت مؤخرا وتحت إشراف وزارة الثقافة والمحافظة على التراث فعاليات مهرجان الزيتونة الدولي بالقلعة الكبرى في دورته الرابعة والعشرين بإدارة الاستاذ: فتحي قدوار الذي سعى بالتعاون مع السلط الجهوية والمحلية وتناغم أعضاء الهيئة المديرة للمهرجان الى إعطاء الطابع الفرجوي والترفيهي ما يستحقه من اهتمام لائق بسمعة المهرجان، وتجلّى ذلك في برمجة عروض شتى تمزج بين الفن الرابع والسهرات الموسيقية والمحطات الثقافية الجادة بحثا للمهرجان عن خصوصيته ونضجه وتجديده، ومن هذا المنطلق تابع المهوسون بالفكر النير وأحباء الادب الرفيع أشغال الندوة الفكرية الدولية لتفتح آفاقا شاسعة للحوار المعمّق حول كونية الفكر العربي وما تحويه من دلالة وإثارة، الشروق تابعت كل فقرات هذه الندوة ورصدت لقرّائها ملخّصا شاملا ومفيدا لابرز المداخلات والمحاضرات التي ألقاها ثلة طيبة من المفكرين العرب والتونسيين على غرار الدكتورة: مها ناصر من لبنان والدكتور ياسين فاعور من فلسطين والدكتورين سمير حسن وغانم هنا من سوريا الى جانب الدكاترة: أحمد الحذيري وعبد الرزاق الحمامي وفوزي الزمرلي من تونس.
هذا ونسّق الورقة العلمية للندوة الدكتور التهامي العبدولي حيث ورد بين طياتها: «هذا زمان ليس زماننا، أو نحن فيه أثر بعد حين، وجع عربي يلازمنا وليس منه فكاك ولا نفرّ منه إلا اليه. لنقلب رسمائه دون تلطيف ولنبدأ من نكسة الى هزيمة توهموا أنها النصر، الى طغيان كم هو حسبوه «التحرير» نعزي النفس بهذا وذاك ونعلم أن الوطن مرتع الغاصبين. نستجمع الروح ونستنهضها، فاذا هي على وهن، أو هي الروح بلا روح. حالنا كيفما قلبنا ألم على ألم وأزمة على أزمة، وأصواتنا رجع الصدى ما بلغت المنتهى ولن تبلغ. ما كانت الاندلس، وما القدس وما بغداد مدائن تسقط بعد أخرى ونحن العرب وما هم العرب؟ إذ كان الجسد منا قد عقل، وضاق علينا فشاء الحركة، فلا إقبال ولا ادبار إلا برخص وضرورات حتى صرنا ندور مع الريح ذات الشمال وذات اليمين، فما بقي لنا اليوم أو ما الباقي؟
لنفكر سويا واعتباريا في ما يجعلنا نكون، ولم نكن أو كنا وما عدنا، أو كنا وضيعنا، ليس المهم كل ما كان بل ما جعل ما كان يكون. إنه الفكر الحي الذي يعبر الازمان وهو ما به نوسع ما ضيّقوا علينا. لنغير مأثوراتنا ولنقل «لا فضل لقوم على قوم إلا بالفكر» و»فمن يفكر مثقال ذرة» وما بيننا فكر يذاع له سر «ونفكر مثنى وثلاث ورباع» و»علق كتابك حيث يراه أهلك» «علمه كيف يفكر» و»اعلم لا جنس له ولا فصل ولا دين»... في المجمل علينا أن نتعلم المعقول وأن نتخلى عن القيل.
حين نفكر كونيا ندرك أن الانسان كاف بذاته، لا يحتاج إلا رؤى الانسان، فهو الكائن الوحيد في الكون الذي يفكر، ولكن أي تفكير يفكر، هل بالدوران على الاعقاب وعلى الظهور أم بما يجاوز المدى ويبقى الادوم... ولا دوام غير دوام العقل... ربما نبادر بالاجابة، كي نفكر كونيا علينا أن نتخذ العقل أداة في الفكر ولا شيء غيره يصلح أداة فكر، وربما أيضا لابد من تقويض ما هو ظل فكر وليس فكرا وقد ورثناه... قد نحتاج الى استعادة ما كنا نستبعده منذ دخلنا التاريخ وقد ولجنا به التاريخ، نقصد العقل وقد ضيعناه باليقين... إذن نحن لن نفكر كونيا إلا إذا استعدنا العقل»... ثم توزعت المداخلات على المنوال التالي:1 الفكر الجبراني: إبداعا كونيا / للدكتورة: مها ناصر (لبنان)
بين الفكر والابداع والكونية وشائج وعلاقات تستبطن رغبات النفس الانسانية، تعلن عنها بلغة أدبية تفيض بالانفعال والاحاسيس، وتعرب عن جوهر الانتماء الى الفضاءات الرؤيا حيث يتم التلاقي بين الذات الواعية وجوهرها، وتتوحد الروح المبدعة والكون، ويذوب الذاتي بالكوني في عملية تجلّ لغوي تفصح عن حركة الفكر الهادفة الى كشف ما هو مجهول ومعرفة أسراره ومعانيه المتبطنة فتعكس اللغة القدرة العقلية المدركة حركة الكون التوالدية التعاقبية، وتؤسس لحركة فكرية غايتها التحول من اللامعرفة الى المعرفة وتتكشف انسانية الانسان فيتحرر من محدودية الزمان والمكان وتتحقق الالفة بينه وبين الكون، ويتجاوز حدود النسبية الى الكونية المطلقة.
تمخضت خصوبة التحول عن حركات فكرية تتلاقى وتتقاطع، مدّا وجزرا على مرافئ الوجود الانساني، فتعددت التسميات وتنوعت المصطلحات، ولكنها كانت تكرّس على كل شاطئ مركز عبور للبحث والاستقصاء والكشف والتأسيس، وظلت هذه الحركات مراكز إشعاع وإضاءة تنير الطريق أمام المجنّحين برغبة المعرفة، فكان التواصل والتلاقي المعرفي انسانيا كونيا يسمو على الذاتية الجغرافية والسياسية الدينية، ويتوحد بنور الالوهية الابداعية الابدية التي تترفع على الحدود والتقسيمات العشائرية والطائفية والاقليمية وتؤمن بوحدة الجوهر الازلي الابدي بهذه الالوهة اتسم فكر أرسطو وسقراط وابراهيم وموسى والمسيح ومحمد فكان فكرا انسانيا يخاطب الوجدان والروح وينأى عن الذاتية.
وبهذه الرؤيا يمكننا وشم نتائج فكر الحلاج ورابعة العدوية والمتنبي وموليير وشكسبير ونيتشة وسارتر ورولان بارت وغيرهم ممن أضافوا واستبقوا وأسسوا لفعل انساني معرفي شامل، فأيقظوا الاسرار النائمة في الاشياء وبدّلوا الصنمية لفاعلية الخلق، وكان جبران واحدا من المتوهجين بألوهية الحدس والرغبة والخلق فأنطق الروح وحفزها على البوح بأسرار النفس، ثم نسج البوح لغة أدبية كونية تلامس جوهر النفس الطامحة الى التلاقي والتوحد والتسامي: «وتواصل الدكتورة مها خير بك ناصر توسعها في فكر وفلسفة جبران حيث تقول: «خرج النص الجبراني من حدود الذاتية، ومن دائرة الوعي الذاتي الى مدرات الوعي الجماعي، متبينا قضية الانسان وأزمة وجوده وأشكال صراعه مع الواقع المشحون بالتناقضات والصعوبات، والازمات فتجاوزت لغته الادبية حدود الحاجة الى التفاهم مع الجماعة الاقليمية الى مخاطبة الروح الانسانية في انتمائها الشمولي الكوني وجاء خطابه الادبي شكلا من أشكال التوحد بين حيوية المعرفة وحيوية الابداع، ومرآة تفصح عن أسرار الحياة بعلامات لغوية أدبية كونية مهمتها استنطاق التجربة الانسانية والكشف عن الخلل والتشققات في بنية المجتمع الانساني، غايته التعرف الى البشاعة والتحرر من أشكالها برؤية مغايرة قوامها المفهوم الانساني الحقيقي الذي يقضي على أنواع الصراع والسيطرة والتعصب ويبشر بولادة الغد المتوهج بنور المحبة والاخوة والتسامح.
جسدت هذه الرؤيا ذات جبران المبدعة الطامحة الى انتماء انساني كوني شامل يعزز فيه وبه انسانيته ويؤصّل وجوده ويعزز العلاقات الجوهرية الممهورة بحيوية الكشف والتعرية والصدق والمحبة والمعرفة فكان أدبه فعلا كونيا استقطب أبعاد النفس البشرية وكشف عن عمق مأساتها وأسس لتوحدها وتفردها وانتمائها».
2 الرواية العربية والعالمية / للدكتور: فوزي الزمرلي (تونس)
تتلخص مداخلة الدكتور الزمرلي في الاتيان على أبرز خصوصيات الرواية العربية مقارنة بمميزات الرواية العالمية حيث جاء فيها ما يلي: «اقتفى الروائيون العرب آثار الرواية الغربية، نظرا الى تسليمهم بأن الفن الروائي استحال الى معيار رئيسي لتحديد درجة ارتقاء الآداب في العصر الحديث واقتناعهم بأن تلك الوجهة سترتقي بأعمالهم الى مصاف الروائع العالمية.
غير أن هزيمة حزيران ونتائجها قد شككت طائفة من المفكرين العرب في مشاريع التحديث ودفعهم الى إعادة النظر في توجهات مجتمعاتهم فاخترقت الأدب العربي الحديث نتيجة لذلك نزعات تجريبية باحثة عن الاشكال الكفيلة بالتعبير عن الواقع العربي إثر الهزيمة تعبيرا يخلص آثارهم من هيمنة الاشكال الكلاسيكية الغربية ويفتح لها أبواب العالمية.
وقد تولّد عن ذلك في الحقل الروائي اتجاهان رئيسيان حرص أنصار الاول منهما على توظيف تقنيات الفنون الجميلة وفتح أعمالهم على بعض الاجناس الادبية وغير الادبية، على غرار فئة من أعلام الروائيين الاجانب توق منهم الى العالمية، باعتبار أن الجنس الروائي أصبح جنسا أدبيا عالميا. أما أعلام الاتجاه الثاني، فانهم مالوا الى توظيف التراث السردي العربي لتلوين أشكال رواياتهم بلون يظهر خصوصياتها العربية، إيمانا منهم بأن المحلية هي السبيل القويم الى العالمية. وكل هذا يحملنا على دراسة اتجاهات الرواية العربية لرصد العوامل التي حملتها على التوق الى العالمية وتقويم السبل التي اتبعتها لبلوغ تلك الاهداف واستشراف آفاقها».
3 الرواية الفلسطينية في رحاب كونية الابداع الروائي / للدكتور ياسين فاعور (فلسطين)
أجمعت الدراسات والبحوث على تزامن نضج الرواية الفلسطينية مع نضج تطوراتها العربية، وذلك لان الرواية الفلسطينية، تعبر عن واقع لا تنفصل عراه عن الواقع العربي، الى حد يصعب معه أحيانا رسم حدود واضحة وبارزة بين ما هو رواية فلسطينية، وما هو رواية عربية، وبذلك كان من الصعب معالجة الرواية الفلسطينية بمعزل عن الاطار العربي، ومن ضمنه تطور الرواية والقصة.
ولولا بعض الملامح الخاصة التي تكشف عن نفسها، وحاجة الباحث لتتبع هذه الملامح بهدف دراستها، وكشف مخبوءاتها وفنياتها، لكان من غير الممكن تحقيق المسعى السابق، والذي يتتبع الحدود الفاصلة بين الرواية والقصة والعربيتين وأختيهما الفلسطينيتين.
وشغلت الرواية والقصة المسرحية الفلسطينية بتصور المأساة ولم تغب عنها قضايا القومية العربية والنضال من أجل الوحدة كذلك لم يفتها تسجيل الاحاسيس والحاجات الاجتماعية والاقتصادية كما أنها لم تهمل الشأن الطبقي عربيا وفلسطينيا فاندرجت هذه القضايا تحت قضية الهم الفلسطيني وعولجت المسائل الاجتماعية والاقتصادية والطبقية وحتى العاطفية منضوية تحت شأن التروح المتلاحق، آخذة بالحسبان حجم المأساة غير المتناهي.
تلمس الابداع الروائي العربي خطوات الابداع الروائي العالمي والفرنسي منه بشكل خاص، ويلاحظ متتبع الرواية العربية محاولات التجاوز والسعي الى إنتاج رواية حديثة تعكس موقفا نقديا صريحا أو ضافيا تجاه الانجازات السائدة، وظهر عدد من الكتّاب نذكر منهم الطيب صالح وغسان كنفاني إميل حبيبي وجبرا ابراهيم جبرا، وعبد الرحمان منيف وحنا مينه وجمال الغيطاني وصنع الله ابراهيم ويوسف القعيد.
والدراسة المقارنة للرواية الفلسطينية والرواية العربية العالمية تقودنا الى مظاهر التجديد وحدودها في الرواية العربية وتحديد علاقاتها بحركة رواية شبيهة بها قصد الاجابة عن مشكلية هامة تتعلق بتفسير مظاهر التشابه بين الآداب المنتمية الى حضارات مختلفة، وهل كان التشابه نتيجة حتمية لقانون التأثير والتأثر؟ أم يخضع لعوامل أخرى أبرزها توافر ظروف اجتماعية وحضارية متشابهة تفرز ظواهر أدبية تحمل رؤى متقاربة.
والاجابة عن السؤالين السابقين تؤدي بنا الى إبراز مدى تواصل تأثير الآداب العالمية في الرواية من ناحية والى تحديد مدى رد فعل الادب العربي الحديث من ناحية أخرى.
على صعيد الرواية الفلسطينية فإن الكتابة الروائية تشير الى اتساع دائرة الهم الوطني الفلسطيني وملامسته للوجدان العربي كقضية تتعدى معناه الوطني الى معنى قومي أكثر اتساعا. وهذه الخصوصية في الرواية الفلسطينية، والالتزام في التعبير عن قضية الارض والشعب والهوية حققت كونية فن الرواية كإبداع روائي استطاع الانطلاق بتلقائية الى رحابة العالم ليحقق في ذلك اللقاء والتطابق بين الهم الفلسطيني بتفاصيله والهموم الانسانية بعموميتها، حيث يمتلك الجزء قوة التعبير عن كلية أشمل «إن فلسطين تمثل العالم برمته في قصصه».
هذا واعتبر الدكتور ياسين فاعور في مداخلته قرب كتابة الرواية الفلسطينية حدود الخصوصية الكونية لكن الاختراق الفعلي لم يتحقق إلا من خلال التقاط جوهر وتفاصيل رحلة الانسان الفلسطيني وتجربته في شروطها التاريخية المتباينة وفي هذه الخانة تصبح تجربة الانسان الفلسطيني تجربة فلسطينية وانسانية في آن واحد فالكتاب لم يختزل العالم ليحصره في حدود قضيته، بل ان على العكس من ذلك يمسك بقضيته وانسانيته ليلامس بها التجربة الانسانية الشاملة.
4 الثقافة العربية بين الخصوصية والكونية / للدكتور: سمير ابراهيم حسن (سوريا)
إن الانفتاح الراهن للعالم بفعل تقدم وسائل الاتصال، يتضمن من حيث المبدأ امكانات رائعة للتقرب من ثقافات الشعوب والحوار والتفاهم بينها وإظهار تنوعها الغني، وإمكانيات تغيير الصور النمطية المتبادلة والمشوهة غالبا، ولكن هيمنة مجتمعات محددة في هذه السيرورة هو الذي يجعلها تنطوي على مخاطر كبيرة وملموسة اليوم في تهميش المقومات الثقافية الخصوصية المميزة للشعوب ورد كثير من عناصرها التقليدية الى ما هو لا عقلاني، بل والى الممات التافه.
ومن حيث المبدأ أيضا، فإن الكونية المحتفى بها تعني انفتاح الحدود وحرية انتقال شتى أصناف البضائع الثقافية والفكرية، وإمكانية أي ثقافة، وأي نتاج فكري حامل لها، كأن تنتقل من المحلية والخصوصية الى العالمية. ولكن واقع الحال أن الامر يتعلق بقدرة هذه البضائع على العبور.
ولقد بات من الواضح، ومما هو ليس بحاجة استفاضة في الشرح وتقديم البراهين، ان المنتج والمهيمن على المعلومات والصور وتسويقها يفرض رؤيته وتصوّره على المطلق وبإمكانه بالتكرار المتزايد فرض تصورات خاصة تغيّر في الهوية والخصوصية وفي زاوية النظر الى التراث الثقافي.
من هذا المنطلق ننظر الى الثقافة العربية والفكر العربي وعلاقته بإمكانات الكوننة أو العولمة. إن الثقافة العربية ثقافة تاريخية وعريقة وذات مضامين انسانية تمتلك بذاتها كل مقومات العالمية من حيث انطوائها على قيم التسامح والتنوع والتعدد والسلام وقيمة الحياة والانسان. ولكن المشكلة ليست في أن الثقافة العربية تاريخية وعريقة وذات مضامين انسانية سامية، بل في أن العرب الراهنين الذين تعنيهم الثقافة العربية هم اليوم أضعف بجميع المعايير الاقتصادية والسياسية والعلمية والتكنولوجية والاعلامية. فالرؤية الصحيحة لا تهتم بالمقارنة بين هذه الثقافة وتلك، وإنما تتعلق بالشروط الموضوعية النوعية التي تضعف هذه وتقوي تلك.
5 فكر إدوارد سعيد والكونية / للدكتور: أحمد الحذيري (تونس)
عبّر الدكتور أحمد الحذيري في مداخلته أنه بإمكان الفكر العربي أن يلقي نظرة فحص لمنجزه وحصيلة أعمال مفكريه ونحن في السنوات الاولى من الالفية الثالثة. وبإمكاننا أن نسأل: هل تغيّر فيه شيء حقيقي؟
وهل بإمكان هذا الفكر أن يصير عطاؤه فكريا محضا؟وله قصد هذا الفكر الى الكونية؟
هل تاق الى الوصول الى الجنس البشري عامة بتجاوز الفرد والجماعة؟
وهل الكونية إلا حالة خاصة من حالات الممكن، صيرورة غير مدركة ذات شكل غير قار؟
هذه جملة من الاسئلة وكثير من غيرها سعى جاهدا الاستاذ المحاضر من أجل الاجابة عنها من خلال تحليل البعض من أطروحات إدوارد سعيد.
6 الفكر العربي واستشراف المستقبل / للدكتور: عبد الرزاق الحمامي (تونس)
للفكر العربي في العصر الحديث انخراط في مشروع الكونية قسرا وإجبارا، ومن بين القضايا التي التفت اليها نزر قليل من المفكرين العرب وقد أسست لها المعاهد في الغرب وضبطت استراتيجات بعيدة المدى ومنذ الحرب الكونية الثانية قضية استشراف المستقبل.
لقد خص قسطنطين زريق المستقبل العربي في ظل الصراعات العالمية بدراسة عنوانها: «نحن والمستقبل» تستشرف مستقبل «الأمة من سنة 1977 الى سنة 2000 وترتكز على الرؤية الوحدوية في ظل انقسام العالم الى قطبين. وسعى المهدي المنجرة الى التخصص في المستقبليات بدءا بكتابة «الحرب الحضارية الاولى» فاستشرف مستقبل العرب من سنة 1991 الى سنة 2003 واعيا بمشروع العولمة وسلطة القطب الواحد.
وفي كل من الاطروحتين محاولة جادة للاجابة عن سؤال الفرد أو المؤسسة أو المجتمع أو النخبة من خلال علاقة الفكر العربي بسؤاله المستقبلي، اعتمادا على منهجية واضحة وآليات موضوعية موظفة على أحسن وجه.
7 لاءات للكونية في الثقافة / للدكتور: غانم هنا
ترمي ورقات هذه المداخلة الى نفي امكانية كونية في الثقافة وذلك من خلال فهم للثقافة على أنه ناتج فعل الانسان على نفسه، وعلى آخرين وعلى الطبيعة حين يكون في الاساس موقف نقدي وجماعي من تحوّلات تبدو حتمية في الثقافة والاقتصاد والاعلام، الخ... وإزاء تيارات عديدة لتغييب فعل الانسان على نفسه بشكل خاص، يفتح له نوافذ ليست بضيقة للافلات من قبضة التهديدات والعمل على تحقيق ذاته ومجتمعه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.