أوردت جريدة «الشروق» يوم الثلاثاء 2512005 (ص7) مقالا بعنوان «وفد للجنة الدفاع عن صدّام حسين اليوم في الاردن.. والخصاونة قريبا في تونس»، ومفاده ان وفدا من لجنة الدفاع عن صدّام حسين، بتونس، قد توجه عبر مطار تونسقرطاج الدولي الى العاصمة الاردنية عمان، وهو محمّل بعدد هام من الوثائق والدراسات حول المحاكمة «المزعومة» للرئيس العراقي الاسير واعضاء حكومته من قبل قوات الاحتلال الامريكي والحكومة المعيّنة هناك. هذه الزيارة، التي جاءت تلبية لرغبة الاستاذ زياد الخصاونة رئيس هيئة الإسناد والدفاع العالمية عن الرئيس صدّام ورفاقه تعكس مدى تجاوب المحاماة التونسية للدفاع عن القضايا العادلة وقضايا الحرية والتحرر الوطني وسعيها الجاد للترافع عن صدّام حسين ورفاقه والمعتقلين العراقيين والعرب. يظهر، جليا، ان اعضاء اللجنة الحقوقية التونسية ثلّة من خبراء القانون التونسي والدولي حزموا انفسهم ليكونوا رسلا للدفاع عن صدّام حسين ورفاقه، وصوتا ناطقا باسمهم ومدفعية ثقيلة في وجوه سجّانيهم وجلاّديهم. غيرة رجال القانون التونسي على موروث الانسانية القانوني قناعة تونسية غير قابلة للنقاش جعلتهم لا يقبلون بالدوس على هذا الموروث القانوني الدولي، وتواضع هيبته والتلاعب به وتشكيله على «مقاسات» تستفيد منها اطراف دون اخرى، لما يسببه ذلك من اختلال خطير جدا، يهدد السّلم الاقليمية والعالمية. والهيئة التونسية للدفاع عن صدّام حسين تدافع عن القيم المهدورة بأيدي الاحتلال لم تتشكل من عدم، ولم تتركّز على ايديولوجيات منحازة، تخدم جهة سياسية محددة، او ما شابه، وانما استندت الى حجج دامغة، موثقة بشكل علمي وقرائن قانونية تستند الى بنود الدستور الوطني العراقي والى القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة. وليس خير ولا ادقّ في هذا الشأن ما سبق ذكره من عدم شرعية المحاكمة سواء بالرجوع للقانون العراقي او القانون الدولي من ان نستشهد بكلام رجل الاختصاص الاستاذ المحامي احمد الصديق، المكلّف بالتنسيق بين اللجنة التونسية للدفاع عن صدّام وجهات دولية حقوقية وقانونية للقيام باجراءات دقيقة لمقاضاة كل من شارك في العدوان على العراق دون موجب قانوني وفي خرقهم لاتفاقيات جنيف ومسؤوليتهم عن الجرائم ضد الانسانية في سجن «أبو غريب» وفي الفلوجة والنجف والموصل وغيرها من المدن العراقية والذي (الاستاذ احمد الصديق) ذهب الى ان الرئيس صدّام يتمتع بالحصانة بموجب الدستور العراقي، وبموجب قواعد القانون الدولي والتي لا يجوز معها مقاضاة المسؤولين الحكوميين عما يأتونه من افعال اثناء ممارستهم لمسؤولياتهم الدستورية. واقرّ خبير القانون المذكور سلفا ان اقامة محكمة جنائية تمارس ولايتها داخل الحدود العراقية ليست لها اي صفة من صفات المحاكم الدولية التي لا قيمة للحصانة امامها في جرائم الإبادة والحرب وضد الانسانية والتطهير العرقي، ولا يمكن اقامة محاكمة دولية لصدّام ورفاقه مادام مجلس الامن لم يصدر اي قرار في هذا الشأن فضلا عما قاله كوفي عنان بأن الحرب على العراق كانت غير قانونية (الشروق: الاحد 26122004 (ص6). ولن نشكّ، لحظة، في حنكة وكفاءة «رجالات القانون التونسي» في المهمة الجسيمة الدولية التي اخذوها على عواتقهم، وهم المعروف عنهم خبرتهم ودرايتهم في مختلف مجالات القانون الوطني الدولي، وصولاتهم في الدفاع عن علوية الدساتير وقدسيّة القوانين، وحرمة الشرعية الدولية. اعضاء المنظمة الحقوقية التونسية وعلى رأسهم رئيسها الاستاذ فوزي بن مراد ومنسّقها الاستاذ احمد الصديق، ستكتب «ستنقش» اسماؤهم على لائحة اسماء الشرفاء في العالم على غرار اذا كان من داع للتذكير السياسي البريطاني المعروف، جورج غالاواي الذي تحمّل الكثير دفاعا عن العراق وورد اسمه ضمن شرفاء العالم على لسان صدام نفسه اثناء لقائه المحامي العراقي خليل الدليمي، الذي يرأس هيئة الدفاع العراقية عن الرئيس «المخلوع» وايضا وزير العدل الامريكي السابق المحامي رامزي كلارك، الذي انضمّ مؤخرا لهيئة الدفاع عن صدّام وتجريم الاحتلال وأذياله. الحقوقيون التونسيون لم يدخلوا في حسابات طويلة وعقيمة في خصوص انضمامهم رسميا للجنة الدولية للاسناد والدفاع عن صدام حسين ونظامه السابق «ولم يرتبكوا».. ولم «يخافوا» في سعيهم لإثبات براءة الرئيس العراقي المأسور وعناصر نظامه السابق، لانهم رجال المحاماة التونسيين لم ينشأوا على المداهنة والزيف، ولم يتعلّموا المراوغة والنفاق، لذلك وهبوا انفسهم لنصرة الحق والعدل، وإدانة الجور والظلم سيما وأنهم يؤمنون شديد الايمان بأن الحق يعلو ولا يعلى عليه، وان الحق يده اطول من الباطل. هذه الحركة التونسية النبيلة ليست نوعية ولكن عادة دأبت بلادنا على انتهاجها العادة تغلب الاعتياد وهي الوقوف سدّا منيعا امام كل اشكال الظلم والقهر والعدوان التي تعاني منها شعوب الارض، دون تمييز ولا تفضيل. ولا يختلف عاقلان في كون الانسان التونسي ترتفع فيه قوة الجمال الانساني في جميع القضايا المصيرية التي تمسّ حياة البشر ولا تمنعه حواجز ولا عراقيل في مساندة قضايا الحق والعدل والسلم في كل بقاع الدنيا. قيس العرقوبي