في زمن الضجيج والزحام وفي زمن رحيل الرومانسية ما زالت لعلاقات الحب ضحاياها وكوارثها ومآسيها وتأثيراتها التي يمكن تصنيفها في خانة أمراض الحب. تأتي هذه الأمراض جراء فشل العلاقة بين الطرفين خاصة في حالة الحب المفرط ففي هذه الحالة التي يتعلق فيها الطرف بالآخر تعلقا مفرطا يقول الدكتور عطيل بينوس أن الطرف يخصص جانب كبير من حياته للآخر فلا تفكير إلا فيه ولا اهتمام إلا به ويتخلى عن كل شيء من أجله حتى نفسه ينساها ونرجسيته يتخلى عنها! والمشكل أن حدوث القطيعة أو فشل العلاقة لسبب أو لآخر تجعل هذا الطرف يعيش الفراغ وتصبح حياته بلا معنى وبلا هدف. وما يلاحظ أن البعض يستطيع تجاوز هذه الفترة بربط علاقات أخرى أو بالتركيز على تحقيق أهداف حياتية أخرى كالنجاح في العمل مثلا، لكن ما يلاحظ أيضا أن البعض الآخر ممن أحبوا بافراط وفشلت علاقتهم يسقطون في الاحباط وحالة كآبة وجو من الحزن تشبه إلى حد بعيد فترة الحداد بعد موت شخص عزيز علينا. وهي بالفعل فترة أكثر حزنا من فترة الحداد لأن الطرف يخيم عليه الحزن والكآبة بما يؤثر على توازنه النفسي. ثمة شعور بالمعاناة وبتأنيب الضمير ربما وقد يحمل نفسه مسؤولية فشل العلاقة وفي بعض الأحيان يصل عتاب النفس هذا أقصاه ويصل إلى التفكير في الانتحار. يتأكد أنه رغم زمن رحيل الرومانسية فإن الحب ما زال له ضحاياه واضافة الى الانتحار (وهي حالات نادرة) فإن هذه الفترة التي تأتي بعد القطيعة تؤثر في بعض الأحيان على حياة الطرف فيصبح قليل الاحتكاك بالآخرين منطويا على نفسه وحتى البسمة ومختلف علامات الفرح تغيب عن وجهه الأسوأ من هذا أنه قد يفقد الثقة في الجنس الآخر ويتعامل معه بمقدار كبير من الشك والحيطة. **سن المراهقة أشد وطأة باختصار آثار الحب المفرط قد تكون مقدمة لحياة البعض وقد تكون أكثر تأثيرا في فترة المراهقة لأن الشاب عندما يربط علاقة حب في هذه الفترة يعتقد أن الطرف الآخر سيبقى معه حياته كلها مما يجعله يبني عليه أحلامه ومشاريعه وبمجرد انقطاع العلاقة تسقط كل المشاريع في الماء. ويؤكد الدكتور عطيل في الآخير على أن بعض العلاقات لها آثار سلبية تنتج على أن الطرف يحرص على اظهار الطرف الآخر في مظهر الكمال أي أنموذج لا يجد فيه أية سلبية ولكن في الحقيقة السلبيات موجودة وانما هو من حرص على التغافل عنها لذلك بمرور الوقت تظهر سلبيات الطرف الآخر وقد يتعجب لتغيره ولعدم ظهوره بالمثالية التي رسمها هو في ذهنه. يبقى الحب «هو الطاغية الذي لا يرحم أبدا» كما يقول فوليتر «قوة... كالكارثة... كالصاعقة» على حد عبارة سعيد عقل. ولكن يجب أن نعرف كيف نتعامل معه وألا يدفعنا فشل اية علاقة حب مهما كانت قوتها الى ارتكاب أخطاء.