يواصل أحد قضاة التحقيق بابتدائية العاصمة حاليا استنطاق ثلاثة شبان يشتبه في علاقتهم بمقتل كهل إثر أيام من إقامته بأحد المستشفيات. وكان الهالك أسلم روحه يوم الأربعاء الماضي إثر سقوطه من شرفة شقته الكائنة بإحدى عمارات مدينة رادس (جنوب العاصمة) في شرفة الشقة الكائنة تحتها وغلب على الظن في الداية أن يكون ألقى بنفسه بنية الانتحار لكن مجهودات أعوان فرقة الشرطة العدلية بحمام الأنف أحدثت بسرعة منعرجا مهما في الأبحاث إذ اتضح أن الكهل سقط من شرفة شقته بعد أن تلقى بعض الطعنات. وكان أعوان الفرقة المذكورة تلقوا مكالمة هاتفية مفادها أن كهلا ألقى بنفسه من شرفة شقته لكن المعاينة الموطنية أثبتت أن الكهل الذي كان في غيبوبة تامة يعاني من إصابات بآلة حادة على مستوى رقبته وصدره. واتضح أن المصاب (49 سنة) مطلق ويقطن بمفرده ويستقبل ليلا بعض أصداقائه. الحلّ في المكالمات الهاتفية مرّ رجال فرقة الشرطة العدلية إلى المعاينة الميدانية فاقتحموا شقة الكهل التي وجدوا بابها محكم الغلق وهو خيط أول فخمّنوا أن يكون الشبان اعتدوا على الضحية ثم أغلقوا عليه باب شقته وانصرفوا، مما اضطره إلى القفز من شرفته إلى شرفة الجيران طلبا للنجدة. أما داخل الشقة فقد وجد المحققون بركا من دماء الضحية فيما تناثرت محتويات البيت في مختلف أرجائه معلنة تعرضها إلى تفتيش دقيق يشير إشارة واضحة إلى السرقة... لم تبح معاينة مسرح الجريمة بمعلومات تؤدي إلى التعرف على الفاعل فعوّل المحققون على الخبرة والذكاء لفكّ رموز اللغز، وبالتالي استنتجوا أن الجاني أو الجناة لا يخرجون عن دائرة معارف الضحية الذين اعتاد استقبالهم في بيته والسهر معهم كما دلّت على ذلك شواهد خلفتها الجلسة التي سبقت الواقعة ومن ثمة بحث المحققون عن دفاتر عناوين خلّفها الضحية أو ما شابه ذلك وحين خاب سعيهم انتقلوا إلى سجل مكالماته الهاتفية الأخيرة بعد أن علموا أن للهالك هاتفا جوالا اختفى بفعل فاعل وتمكنوا فعلا من الحصول على أرقام هواتف بعض الذين اتصل بهم الكهل قبل وفاته فجدّوا في البحث عنهم وتوفقوا إلى بلوغ أحدهم وهو شاب يسكن في حي شعبي محاذ للعاصمة فأفادهم بدوره بأنّ كهلا آخر يعرفه الضحية ويسكنه معه يعرف جميع أصدقائه ومثّل هذا الخيط تطوّرا حقيقيا في البحث فاجتهد رجال الأمن في الوصول إلى الكهل الذي وجوده فجلبوه إلى مقرهم. نطق باسم قاتله اعترف الكهل بأنه يعرف الضحية الذي يستضيفه منذ قرابة خمسة أشهر في بيته كما اعترف بأنه يعرف ضيوفه من الشبان ولم يبخل فأمد الأعوان بأسماء وأوصاف استحضرتها ذاكرته التي اختزنت عددا كبيرا من الأسماء ا لتي احتار المحققون في اختيار إحداها ولم تطل حيرتهم إذ عادوا إلى أقوال أهل الشقّة التي سقط في شرفتها الضحية والتي جاء فيها أنّه نطق بكلمة هي «اسم مذكر» ثم صمت ودخل في غيبوبة وكان هذا الاسم بمثابة القشّة القاسمة لظهر البعير إذ تعرف الكهل المستجوب على صاحب ذلك الاسم فألقى الأعوان القبض على الشاب المشتبه به واقتادوه إلى مقرهم حيث جرى استنطاقه... 7 طعنات لم يراوغ المشتبه به كثيرا وجلس إلى كرسيّ الاعتراف فروى أنه اتفق مع صديقين له على سرقة الكهل المصاب ووضعوا خطّة تتمثّل في تحولهم إلى مدينة رادس ومنها إلى شقة الكهل فيتولى المظنون فيه زيارة الرجل في بيته ومنادمته فيما ينتظر رفيقاه إشاره منه ليلتحقا به ويساعداه على السرقة وبالفعل نجح الثلاثي في تنفيذ الفصل الأول واستقبل الكهل ضيفه وأكرم وفادته وأقام له جلسة خمرية لم تكتمل نظرا لخلاف شبّ بينهما فاستلّ الشاب سكينا من بين ثنايا ثيابه ليصيب به مضيّفه بطعنة على مستوى رقبته تبعتها 6 طعنات في الصدر تداعى لها جسد الضحية الذي عجز عن الدفاع عن نفسه، فيما استولى المظنون فيه على هاتفه واتصل بصديقيه القابعين أسفل العمارة فالتحقا به على جناح السرعة وقاما بمساعدته على تقييد يدي الرجل ثم جالا في الشقة بحثا عما يمكن سرقته واستولوا على بعض المال وجهاز فيديو بالإضافة إلى الهاتف الجوال ثم غادروا المكان بعد أن أحكموا غلق الباب من الخارج مستعملين مفاتيح الضحية... ويبدو أن الضحية تحامل على نفسه واستجمع قواه وتمكن من بلوغ الباب الذي وجده مغلقا فغير وجهته نحو الشرفة ليلقي بنفسه في الشرفة الواقعة أسفله. ولم ينتظر المحققون أخذ تصريحات الكهل المصاب بل كثّفوا جهودهم حتى تمكنوا من إيقاف المشتبه بهم في اليوم الموالي لوقوع الحادثة لكن منعرجا مهما آخر حدث يوم الأربعاء الماضي عندما أسلم الضحية روحه بأحد مستشفيات العاصمة قبل أن يفيق من غيبوبته. وقد ختم باحث البداية أبحاثه يوم السبت الماضي قبل أن تتم إحالة الشبان الثلاثة على قاضي التحقيق.