انشقاق القمر ورد الشمس وحبسها له ونبع الماء من بين أصابعه وتكثير الطعام اليسير ببركته وكلام الشجر والحجر وشهادتها له بالنبوة وشهادة الحيوانات له بالرسالة وشفاء العلل بريقه وكفه المباركة وإجابة دعائه لمن دعا له وصلاح ما كان فاسدا بلمسة وما أخبر به من المغيبات مما كان ومما هو آت وأعظمها معجزة: القرآن العظيم والذكر الحكيم. فهذه عشرة أنواع من المعجزات الباهرة والآليات الظاهرة كل نوع منها منطو على ما لا يحصره منه: {ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا} (سورة المدثر ). فأما انشقاق القمر ورد الشمس وحبسها له صلى الله عليه وسلم فقد قال الله تعالى: {اقتربت الساعة وانشق القمر} (سورة القمر ). وروى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين: فرقة فوق الجبل وفرقة دونه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه من المسلمين: اشهدوا وفي رواية: حتى رأيت الجبل بين فرقتي القمر. * سحركم فقال كفار قريش: سحركم محمد؟ فقال رجل منهم: إن محمدا إن كان سحركم فإنه لا يبلغ من سحره أن يسحر أهل الارض كلها فاسألوا من يأتيكم من بلد آخر هل رأوا مثل هذا؟ فأتوا فسألوهم فأخبروهم أنهم رأوا مثل ذلك فقال أبو جهل هذا سحر مستمر. وخرج الطحاوي في مشكل الحديث بإسنادين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوحى اليه ورأسه في حجر علي رضي الله عنه فلم يصلّ علي العصر حتى غربت الشمس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلّيت العصر يا علي؟ فقال: لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس فطلعت بعدما غربت وأشرقت على الجبال وكان ذلك بالصهباء في غزوة خيبر. وروى الحافظ يونس بن بكير أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به ليلة الاثنين وأخبر قومه بالرفقة التي وجدهم في طريق الشام في العير الآتية اليهم فقالوا له: متى تجيء العير؟ فقال: يوم الاربعاء فلما كان ذلك الوقت احتسبت العير وأشرقت قريش ينتظرون ودنت الشمس للغروب فحبس الله الشمس ساعة حتى قدمت العير بعد أن دعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يحبسها له. وأما نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم فالاحاديث فيه كثيرة ففي الصحيحين عن أنس رضي الله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حانت صلاة العصر فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء وفي رواية: بإناء لا يكاد يغمر أصابعه فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الاناء وأمر الناس أن يتوضأوا منه. قال: فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه حتى توضأوا عن آخرهم. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معنا ماء فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اطلبوا من معه فضل ماء فأتي بقليل ماء فصبه في إناء ثم وضع كفه فيه فجعل الماء ينبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم. فلقد طلب فضل الماء ليكون من باب تكثير القليل لا من باب الايحاء من العدم لئلا يتوهم أحد أنه الموجد للماء. * الماء بين يديه وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة فتوضأ منها وأقبل الناس نحوه فقالوا: ليس لنا ماء إلا ما في ركوتك هذه فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم كأمثال العيون. وعن البراء بن عازب وسلمة بن الاكوع رضي الله عنهما أنهم نزحوا بئر الحديبية فلم يتركوا فيها قطرة وكانت قليلة الماء لا تروي خمسين شاة فنزح صلى الله عليه وسلم منها دلوا وبصق فيه وأعاده اليها فجاشت بالماء الغزير حتى أروى الجيش أنفسهم وركابهم. وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: أصاب الناس عطش شديد وهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فوجه رجلين من أصحابه وهما: عمران بن حصين وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما وأعلمهما أنهما يجدان امرأة بمكان كذا معها بعير عليه مزادتان فوجداها فأتيا بها الى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل في إناء من مزادتيها وقال فيه ما شاء الله أن يقول ثم أعاد الماء في المزادتين ثم فتحت عزاليهما فأمر الناس أن يستقوا من مزادتيها فملأوا أسقيتهم حتى لم يدعوا سقاء إلا ملأوه قال عمران بن حصين: ثم أوكيتهما وتخيل لي أنهما لم يزدادا إلا امتلاء ثم أمر فجمع لها من الازواد حتى ملأ ثوبها وقال: اذهبي فإنّا لم نأخذ من مائك شيئا أي: لم ننقصه ولكن الله سقانا. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش العسرة فعطش الناس عطشا شديدا حتى إن الرجل منا لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه فرغب أبوبكر الى النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء فرفع يديه فلم يرجعهما حتى قالت السماء فانسكبت فملأوا ما معهم من الاسقية ولم يجاوز المطر العسكر. وعن جابر رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة فقال: يا جابر ناد الوضوء فلم يجدوا ماء إلا قطرة في فم مزاده فقال: ائتني بجفنة الراكب فأتيته بها فوضع النبي صلى الله عليه وسلم كفه فيها وصب ذلك الماء فقال: باسم الله فرأيت الماء يفور من بين أصابعه حتى امتلأت الجفنة فأمر الناس بالاستقاء منها فاستقوا وأسقوا ركابهم فرفع يده من الجفنة وإنها لملأى. وعن الإمام مالك في الموطأ عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فوردنا العين فوجدناها تبض بشيء من ماء مثل الشراك فغرفوا منها شيئا في إناء فغسل به النبي صلى الله عليه وسلم وجهه ويديه وأعاده فيها فجرت بماء كثير له حس كحس الصواعق ثم قال: يوشك أن يكون ما ها هنا جنانا أي: بساتين فكان ذلك.