في اطار مراجعة كرة القدم التونسية وإعادة تقييمها والبحث عن أسباب تراجعها وسبل النهوض بها، تحدث الجميع عن اللاعبين وغياب النجوم في ملاعبنا وغياب التكوين أي عدم قيام المدربين بواجبهم ووجهت أصابع الاتهام الى الحكام كالعادة. ولكن بقي طرف له دور كبير ورئيسي في النوادي الرياضية وهو المسؤول أو «رئيس النادي» وكان لا بد من طرح هذه المسألة خاصة أن أغلب الأندية التونسية تعيش أزمات مختلفة. الملعب التونسي مرّ من النقيض الى النقيض والنادي الافريقي تمر السنوات وتتشابه وفي كل موسم يهاجم المحيطون بالنادي رئيس الجمعية وتصوّب نحوه أصابع الاتهام وفي كل صيف يرفض جميعهم تولي رئاسة الفريق والنادي الصفاقسي يسعى صيفا الى القيام بالتعزيزات استجابة لطلب الأحباء لكن يتخلى عنهم في منتصف الموسم لاستعادة الأموال التي صرفت وليتبيّن الجميع أن نصف لاعبي الفريق تنتهي عقودهم بعد أشهر فقط.. والنجم الساحلي أهدر أموالا طائلة لو توفرت للأولمبي الباجي مثلا لفاز بكأس العالم للأندية والترجي فعل الممكن والمستحيل من أجل الفوز بكأس افريقيا للأندية لكنه فشل وقد يفوز بها اينيمبا الذي يشارك في هذه المسابقة لأول مرة في تاريخه. أين الخلل؟ وماذا يجب أن يتغير في القانون الأساسي للأندية؟ حتى تحدد المسؤوليات وكيف نجنب انديتنا من سطوة الانفراد بالرأي؟ ولماذا تناول المجلس الفدرالي السابق كل الأطراف في كرة القدم التونسية وحاول تحديد مسؤوليات المدرب وواجباته وذلك الحكم وتحت عنوان «مشروع القانون الأساسي لحكم كرة القدم» افردت الجامعة هذا القطاع بعناية خاصة وحاولت ضبط مهمة الحكم وشروط قبوله وتكوينه وارتقائه في الدرجات وواجباته وكذلك المدرب تحت عنوان «Statut de lصentraineur» وبقي المسؤول بمنأى عن كل تحديد واطلقت يديه. وفي التحقيق الموالي حاولنا البحث في هذا الموضوع مع أهل الذكر. *جلال القادري (مدرب) اللاعب التونسي أصبح محترفا بنسبة 80 تقريبا رغم عديد الملاحظات السلبية وكذلك المدرب وبدأ الطرفان يتأقلمان مع هذه الوضعية الجديدة لكن بقي طرف هام لا بد من احترافه وهو المسؤول وبدون هذا الطرف لن تكتمل المعادلة وبقي احتراف المسؤول بمثابة الحلقة المفقودة وبالنسبة الى رئيس النادي من وجهة نظري يجب أن يقتنع أن تمويله للفريق لا يمكن أن يعطيه صلاحية التصرف كما يراد في النادي على كل المستويات (التسيير والمسائل الفنية والانتدابات) وأعتقد أن هذه المسألة مطروحة خاصة في الاندية الكبرى. أما في الاندية الصغرى فإن عديد الهياكل هي التي توفر الموارد مثل الولاية والبلدية وسلطة الاشراف وبذلك لن يتمكن «الرئيس» من التصرف كما يُراد في النادي كما بإمكان أي شخص آخر أن يعوض رئيس النادي. وأعتقد أن الحل بالنسبة لي يكمن في تكوين مجلس إدارة وقانون أساسي يحدد المسؤوليات فيتحول الفريق الرياضي الى مؤسسة أو شركة وهو ما يمنع أي مسؤول من التجاوزات كما يمكن أن نؤكد أن وجود رئيس النادي على مقعد البدلاء قد يدخل نوعا من الاضطراب على المدرب واللاعبين لأنه يكون بمثابة الضغط. *زياد التلمساني (لاعب سابق) مسألة وجود رئيس النادي على مقعد البدلاء مسألة عادية أو على الأقل ليست مؤثرة سلبا على الفريق والمدرب الا إذا كانت شخصية هذا الأخير ضعيفة وتنتفي في وجود رئيس النادي الى جانبه وإذا كانت شخصيته قوية بإمكانه أن يفرض آراءه الفنية ويتمسك بها وأعتقد أن رئيس النادي يحاول أن يتدخل عندما يجد المسائل بدأت «تفلت» من يد المدرب وشخصيا كانت لي تجربة في الترجي وعندما كان رئيس النادي يجلس على مقعد البدلاء لم يكن ذلك يسبب أي اضطراب للاعبين أو المدرب فاللاعب يتقيد بتعليمات المدرب وبمجرد انطلاق المقابلة ينسى اللاعب الجمهور والمسؤولين ولا يفكر إلا في الاندماج مع زملائه والتصدي للمنافس وبإمكان اللاعب أن ينظر الى وجود رئيس النادي على مقعد البدلاء من الناحية الايجابية. واللاعب أو المدرب الذي يخشى وجود رئيس النادي على مقعد البدلاء عليهما أن ينسحبا من كرة القدم. أما بالنسبة الى احتراف المسؤول فهذا لا مفر منه ولا مفر أيضا من تكوين مجلس ادارة حتى تتحدّد المسؤوليات ولا يجد رئيس النادي مجالا للإنفراد بالرأي. من ناحية أخرى أريد أن أؤكد أن المسألة مسألة عقلية وفي غيابها سيكون القانون الأساسي بدون جدوى ويجب أن يضع رئيس النادي مصلحة الفريق فوق كل مصلحة أخرى شخصية أو ذاتية. أما بالنسبة الى ابتعاد الوجوه الرياضية المعروفة عن فرقهم مثل طارق وعتوقة وغيرهما فهذا يعود الى عدم وجود الأجواء المناسبة وإلى أن المسؤولين في الأندية وفي الجامعة لم يطلبوا منهم المساعدة وهناك احتمالان. إما أن يكتفوا ((الرياضيون السابقون) بالمشاهدة والمتابعة عن بعد وهذا هو الموجود الآن أو أن يحاولوا فرض أنفسهم وعدم انتظار الفرصة التي قد تأتي في شكل هدية وهو ما يجب أن يكون وفي كلمة نحن مطالبون بالاقتحام والجرأة وعدم الاكتفاء بالفرجة والكرة التونسية تغرق. * نور الدين الغربي (طبيب رياضي) شخصيا عملت مع عديد الأندية مثل الافريقي والترجي والملعب التونسي والأولمبي للنقل وقرمبالية ونادي الشمينو وجمعية أريانة وعديد الفرق الأخرى وخرجت بقناعة وهي أن المسؤول يجب أن يكون رياضيا سابقا ومن لم يمارس الرياضة ولم يمر بمرحلة اللاعب عليه أن يترك التسيير ا لرياضي لأهله.. وفي فرنسا مثلا تفطنوا الى هذا العائق وقاموا بدورات تكوينية للمسؤولين حتى «يتثقف» المسؤول في كرة القدم وتصبح له فكرة ولو شاملة في النواحي الفنية والتكتيكية والنفسية وحتى لا يكون تدخله في هذه الميادين هداما وقد تمّت برمجة ثلاثة تربصات بأسبوع. أما بالنسبة الى انفراد الرؤساء بالرأي والتدخل في كل شؤون الفريق فهذا يجب أن يتوقف حالا ونحن في دولة المؤسسات والقانون وسيادة الرئيس مثلا الذي نعتبره مثالا يحتذى به يؤكد على عدم الانفراد بالرأي ويؤكد على ضرورة الاعتماد على المجالس الاستشارية والفريق الرياضي يجب أن يتحول إلى مؤسسة يسيّرها أشخاص وليس الشخص الواحد. ويجب أن يعطي المثال في الفريق أما اذا تحول هو الى «ضارب بالطبل فلن تلوم الصغار عن الرقص» وكذلك المحيطين به مثل المدير الفني الذي يجب أن يكون مربيا لأن اللاعب الصغير غير المتخلّق لن ينجح في كرة القدم مهما كان موهوبا لأنه بمجرد وصوله الى فترة المراهقة سينصرف. والشاب الذي ينتمي الى فريق مشهور ويكون على خلق بإمكانه أن يصبح مثالا لأصدقائه وزملائه وجيرانه وهكذا يلعب النادي دوره الحقيقي في التربية والتكوين وهذا مرتبط برئيس النادي بدرجة أولى لأنه الذي يختار المدير الفني ومدربي الشبان والمسيرين في الفريق. بالنسبة الي جلوس رئيس النادي على مقعد البدلاء أعتقد من وجهة نظري أنها عادة سيئة يجب أن نقطع معها حالا لأن ذلك يدخل اضطرابا على المدرب وشخصيا جلست على مقعد بدلاء عديد الأندية وفوجئت كم من مرة عندما يتساءل المدرب «من أمر هذا اللاعب بالقيام بالحركات التسخينية؟».