أصبح شبح العنوسة يطارد الكثيرات من فتياتنا بعد ان تقلصت حظوظهن في الزواج، ورغم عزوف الرجال عن الزواج وهروبهم من تحمل مسؤولية الاسرة والزواج الا ان فئة هامة من الطالبات لا يفكرن في الزواج حاليا ويجعلنه من آخر اهتماماتهن. وئن كانت الفئة المستجوبة من الطالبات لا تعكس تفكير جميع الطالبات في الموضوع الا انه يبقى رأيا له من الأهمية الكثير اصة اذا ما كانت الأجوبة متشابهة الى درجة التماثل والانطباق التام. «الشروق» حاولت الكشف عن أغوار نفس الطالبة التونسية وملامسة تفكيرها الباطن والخروج باستنتاجات تتعلق بموضوع الطلبة والزواج فكان التحقيق التالي فرصة للتعرف على آراء بعض الطالبات في موضوعنا اليوم. يمكن ان نقر منذ البداية بأن هناك تناقضا كبيرا بين ما تصرّح به الطالبة لرفيقاتها عندما يطرح موضوع الزواج وبين ما تعلنه أمام الناس اذا طرح عليها السؤال التالي : ما هو رأيك في الزواج؟ وهل تفكرين فيه الآن؟ وللاشارة فإن موضوع الزواج والحب والعلاقات العاطفية مع الرجل من المواضيع التي تستأثر بحيز زماني هام خلال الجلسات التي تعقدها الطالبات. ويأتي ذلك في صدارة قائمة المواضيع التي يدور النقاش حولها كاللباس والتسوّق والطبخ... فالفتيات بعدما يقضين يوما دراسيا يجتمعن ليلا ليتجاذبن أطراف الحديث ولتسر كل منهن بكوامن ذاتها لأترابها وتعبّر بالتالي عن رغبتها الشديدة في تكوين أسرة قوامها الحب والتفاهم مع شريك الحياة حتى تجد ان البعض منهن أصبحن يخيرن التعجيل في الزواج نظرا للظروف الاجتماعية الصعبة وخوفهن من البطالة ومداهمة العنوسة لهن. الدراسة والشغل هما الأهم لكل منا رأيه في الموضوع وهذا يتحدد انطلاقا من البيئة التي تنتمي اليها الفتاة وللقناعات الشخصية بالأساس. فالآنسة وسام تحصلت على الاستاذية وتطمح لاجتياز «الكاباس» لكنها لا تفكر في الزواج حاليا رغم عروض الزواج الواردة عليها. فالشغل هو الأساس بالنسبة اليها. هذا الرأي توافق عليه الآنسة زينب لأنها تعتبر ان الزواج سيعطل مسيرتها الدراسية ويمكن ان يسبب لها الفشل وتغيير مسارها في الحياة فزينب ترفض رفضا تاما فكرة الارتباط الزوجي ومزاولة التعليم معا لأن ذلك يعتبر مجازفة في نظرها ولا يمكن ان تتنبأ بنتائجها باعتبار ان المشروع يمكن ان يفشل كما يمكن ان ينجح لكنه في حالة فشله سيؤثر سلبا على مستقبلها. الآنسة هاجر بدورها عبّرت لنا بكل حزم عن رفضها التفكير في مسألة الزواج حاليا لأن دراستها هي أهم من كل شيء باعتبار ان العمل الذي ستتحصل عليه لاحقا هو الضمان الوحيد لبلوغ غاياتها المادية وحتى المعنوية كالاعتزاز بالنفس والاستقلالية وغيرها من الاشياء الضامنة لكرامة المرأة. فالزواج بالنسبة للطالبة هاجر هو من الأمور الثانوية وليس غاية في حد ذاته كما تذهب الى ذلك بعض الفتيات. الزواج بعد العمل وتذهب بعض طالباتنا الى اعتبار العمل هو مفتاح الحياة وانه وفقا لنوعية العمل التي تقوم به الفتاة يتحدد حظها في الزواج. وباعتبار اللهفة المادية الطاغية على عقول الأفراد ونفوسهم فإن الرجال قلّ وندر أن يفكروا في الارتباط بطالبة جامعة لذلك يخيّر الرجال ان ينتظروا الفتاة حتى تتحصل على عمل عندها يقرر خطبتها والزواج منها كان هذا رأي الآنسة نادية في الموضوع لذلك فهي حريصة على اتمام دراستها لا من أجل عيون الزوج المرتقب فقط بل من أجلها ومن أجل عائلتها قبل كل شيء. فتحية كذلك ورغم بلوغها سن الثلاثين مازالت مصرة على النجاح في مناظرة «الكاباس» لتحقق ماحلمت به طيلة سنوات الدراسة لأنها متأكدة تماما ان نزعة الأنانية التي يتصف بها الرجل لا يمكن ان تسمح له بتحقيق ماحلمت به شخصيا. عين على الدراسة وأخرى على الزواج وبما ان خير الأمور وسطها وبما أن الاعتدال أحسن من التطرف والتعصب فإن بعض من طالباتنا انتهجن هذا النهج وسرن على خطاه فهن مخطوبات في انتظار اتمام الدراسة ليتزوجن لاحقا. فالطالبة ضحى مخطوبة منذ سنتين وهي بصدد مزاولة تعليمها العالي، ضحى فسرّت ذلك بالمكتوب أولا ثم برغبتها في الحصول على رفيق لدربها بعد ان قلّت فرص الزواج بالنسبة للفتاة التونسية فهي لم ترد اضاعة الفرصة في الارتباط مع حرصها الشديد على اتمام دراستها. تقول ضحى ربما لو أني رفضت فكرة الارتباط حاليا لا أجد من يتقدم لخطبتي بعد أن أنهي دراستي. «عين على الرجل والاخرى على الدراسة» بهذه الجملة بدأت سمر كلامها معنا حين سألناها عن رأي الطالبة التونسية في الزواج والارتباط بالتوازي مع سنوات دراستها فسمر لا تمانع في الخطبة أو حتى الزواج خلال دراستها الجامعية لأن الاستقرار وايجاد رفيق لحياتها المستقبلية من أهم الأشياء في حياة الفتاة مهما كان مستواها الاجتماعي او الثقافي.