طعن، محامي شقيقين في العشرينات من عمرهما بالاستئناف، في قرار جنائي ابتدائي صادر عن ابتدائية العاصمة يقضي بسجن المتهم الاول مدة عشر سنوات والثاني خمس سنوات من أجل ارتكاب جريمة العنف الشديد الناجم عنه الموت مع سابقية الاضمار. أوراق القضية تفيد أن أحد المتهمين وهو الشقيق الاصغر قد رافق صديقته في جولة مسائية في احدى حدائق ولاية منوبة، وكانت رحلتهما هادئة قبل أن يتدخل شخص معروف في الحي مصحوبا بثلاثة شبان آخرين، ليعتدوا على الشاب وصديقته ثم تعمدوا لاحقا اختطاف الفتاة وافتكاكها من حبيبها وطلبوا منه المغادرة حفاظا على حياته فانسحب ورجع الى حيهم. وفي أثناء ذلك بلغ الخبر الى بعض أبناء الحي الذين أخبروا بدورهم شقيقه، فتوجّه مباشرة (الأخ الأكبر) الى أخيه الاصغر وسأله عن حقيقة ما وقع ليسرد عليه ما تعرض له مؤكدا أن شخصا يسانده شبان قد تعمّد اختطاف صديقته. توجه الأخ الاكبر الى المنزل وتسلح بسكين وطلب من صديق له أن يصطحبه رفقة أخيه لاسترجاع الفتاة، ثم ركب ثلاثتهم شاحنة صغيرة وانطلقوا في رحلة بحث، الى أن دلّهم «المتضرر» على الشخص المعني مؤكدا أنه هو المختطف، عندها توجهوا نحوه ودار نقاش بينهم ارتفعت فيه الاصوات، وخشية أن يسمع بعض الاهالي الصياح وأطوار الواقعة توجهوا لمواصلة الحديث والتفاوض داخل الشاحنة التي ولجها السائق والمتهم الاول وهو الاخ الاكبر والمختطف الذي كان يجلس وسطهما فيما كان الاخ المتضرر راكبا بالصندوق الخلفي للشاحنة. وأثناء الحديث احتد النقاش وبلغ درجة الشتيمة، فتعمد المختطف دفع جليسه طالبا منه النزول «وإنهاء التفاوض» ففعل هذا الاخير، وعندما همّ المختطف بالنزول تعرض الى طعنة قوية من المتهم الاول بلغت حسب الطبيب الشرعي خمسة صنتيمترات عمقا وخمسة عشر طولا. عندها انتقل به سائق الشاحنة الى مستشفى القصاب بمنوبة، وبوصولهما، أنزل الممرضون المصاب وأثناء رفعه لاسعافه سقط أرضا، وحسب أحد الشهود فلقد ارتطم رأسه بقوة على إسفلت أحد الممرات الخارجية للمستشفى. حاول الاطباء إسعافه إلا أن النزيف الدموي كان حادا وهو ما أدى الى وفاته. وبعد ذلك تم إعلام ممثل النيابة العمومية الذي أذن بفتح تحقيق في جريمة القتل وألقي القبض على الشقيقين. وبالتحرير عليهما أفاد المتهم الاول أنه فعلا طعن الهالك بسكين على مستوى فخذه ونفى أي قصد إجرامي لذلك، كما نفى أن يكون قصد قتله أو كان يفكر في ذلك أصلا. وبالتحرير على المتهم الثاني وهو الشقيق الاصغر، صرح بأنه توجّه صحبة أخيه وسائق الشاحنة بقصد استرجاع صديقته إلا أن الامور تطورت بعدما نشب خلاف بين شقيقه والهالك أدى الى طعن هذا الاخير في فخذه طعنة قوية كانت سببا في إحداث نزيف حاد أودى بحياته. وأحيل المتهمان على أنظار أحد قضاة التحقيق بابتدائية تونس الذي وجّه اليهما تهمة العنف الشديد الناجم عنه الموت، بعد أن تمسكا بأقوالهما التي أدليا بها أمام باحث البداية، وقد أذنت النيابة العمومية بإيقافهما بالسجن الى حين مقاضاتهما. وبعد ذلك أحالت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بالعاصمة ملف القضية على احدى الدوائر الجنائية بابتدائيتها لمقاضاتهما من أجل ما نسب اليهما. وبمثولهما أمام هيئة المحكمة تمسكا بأقوالهما التي أدليا بها سابقا، وتمسك محاميهما بالبراءة واحتياطيا بأخف العقوبات. وإثر المفاوضة القانونية رأت المحكمة الادانة والقضاء بسجنهما مدة عشر سنوات بالنسبة للمتهم الاول وخمس سنوات للمتهم الثاني. وتولى محاميهما الطعن في هذا الحكم بالاستئناف حيث أفاد أمام المحكمة أن الشقيق الاصغر هو المتضرر ولم يكن له أي دور في القضية لا بالمشاركة ولا بالمساعدة في حين شكك المحامي في أن تكون الطعنة التي تلقاها الهالك في مستوى فخذه هي السبب في الوفاة رابطا وفاته بالاصابة التي تعرض لها أثناء سقوطه من بين أيدي الممرضين خاصة وأن تقرير الطبيب الشرعي يؤكد على وجود ارتجاج في المخ، وحمّل المحامي المسؤولية للمستشفى طالبا سماع أقوالهم وأقوال صديقة الشقيق الاصغر. وفي ختام مرافعته طلب لسان الدفاع بالحكم بعدم سماع الدعوى بالنسبة للمتهم الثاني وهو الشقيق الاصغر واعتبار أن ما اقترفه المتهم الاول هو من قبيل العنف الشديد لعدم وجود علاقة سببية مباشرة بين الطعنة والوفاة وطلب على أساس ذلك بإلغاء الحكم الابتدائي المطعون فيه والقضاء مجددا بأقصى ظروف التخفيف. وبعد سماع جميع أطراف القضية قررت الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف حجزها للمفاوضة والتصريح بالحكم لاحقا.