هذه الأسباب التي قد تكون وراء قرار الإحتفاظ ببرهان بسيس ومراد الزغيدي    الناطق باسم المحكمة: تنفيذ بطاقة الجلب في حقّ سنية الدهماني تم في كنف القانون    رابطة الدّفاع عن حقوق الإنسان: تنفيذ بطاقة جلب بمقرّ دار المحامى "سابقة خطيرة"    ''الستاغ'' تشرع في تركيز العدّادات الذكية    صفاقس جوان القادم الستاغ تركز اولى العدادات الذكية    النادي الإفريقي يكشف تطورات الحالة الصحية لمدافعه المصاب    إصدار القرار المتعلّق بضبط تطبيق إعداد شهائد خصم الضريبة من المورد عبر المنصة الإلكترونية    جوان القادم.. "الستاغ" تشرع في تركيز اول دفعة من العدّادات الذكية    ر م ع ديوان الزّيت: تطور ب27 % في الكميات المصدرة من زيت الزّيتون المعلب    نتائج استطلاع رأي أمريكي صادمة للاحتلال    رجة أرضية بسيدي بوزيد    مواجهة نارية منتظرة للإتحاد المنستيري اليوم في الدوري الإفريقي لكرة السلة    حضور جماهيري غفير لعروض الفروسية و الرّماية و المشاركين يطالبون بحلحلة عديد الاشكاليات [فيديو]    انشيلوتي.. مبابي خارج حساباتي ولن أرد على رئيس فرنسا    اليوم: إرتفاع في درجات الحرارة    حوادث: 07 حالات وفاة و اصابة 391 شخصا خلال يوم فقط..    الأونروا يكذب ادعاء الاحتلال بوجود مناطق آمنة في قطاع غزة    طقس اليوم.. سحب عابرة وارتفاع في درجات الحرارة    وفاة مفاجئة لنائب المستشار السويسري في الجبال    مظاهرات حاشدة في جورجيا ضد مشروع قانون "التأثير الأجنبي"    حالة الطقس ليوم الأحد 12 ماي 2024    وزير الخارجية يلتقي عددا من أفراد الجالية التونسية المقيمين بالعراق    أزعجها ضجيج الطبل والمزمار ! مواطنة توقف عرض التراث بمقرين    وزير الشؤون الخارجية ووزير النقل العراقي يُشددان على ضرورة فتح خط جوي مباشر بين تونس والعراق    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    البطولة العربية لالعاب القوى تحت 20 عاما - تونس ترفع رصيدها الى 5 ميداليات من بينها 3 ذهبيات    قيادات فلسطينية وشخصيات تونسية في اجتماع عام تضامني مع الشعب الفلسطيني عشية المنتدى الاجتماعي مغرب-مشرق حول مستقبل فلسطين    مصادر إسرائيلية تؤكد عدم وجود السنوار في رفح وتكشف مكانه المحتمل    مع الشروق .. زيت يضيء وجه تونس    سوسة: أيّام تكوينية لفائدة شباب الادماج ببادرة من الجمعية التونسية لقرى الأطفال "أس أو أس"    6 سنوات سجنا لقابض ببنك عمومي استولى على اكثر من نصف مليون د !!....    تطاوين: إجماع على أهمية إحداث مركز أعلى للطاقة المتجددة بتطاوين خلال فعاليات ندوة الجنوب العلمية    النادي الافريقي: فك الارتباط مع المدرب منذر الكبير و تكليف كمال القلصي للاشراف مؤقتا على الفريق    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    تنظيم الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية من 14 إلى 21 ديسمبر 2024    مهرجان الطفولة بجرجيس عرس للطفولة واحياء للتراث    بطولة الاردن المفتوحة للقولف - التونسي الياس البرهومي يحرز اللقب    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    مدير مركز اليقظة الدوائية: سحب لقاح استرازينيكا كان لدواعي تجارية وليس لأسباب صحّية    عاجل/ الاحتفاظ بسائق تاكسي "حوّل وجهة طفل ال12 سنة "..    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس..    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    أسعارها في المتناول..غدا افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك بالعاصمة    لويس إنريكي.. وجهة مبابي واضحة    الجامعة التونسية لكرة القدم تسجل عجزا ماليا قدره 5.6 مليون دينار    عاجل : إيلون ماسك يعلق عن العاصفة الكبرى التي تهدد الإنترنت    استشهاد 20 فلسطينياً في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    صفاقس: الإحتفاظ بشخصين من أجل مساعدة الغير على إجتياز الحدود البحرية خلسة    القصرين: بطاقة إيداع بالسجن في حق شخص طعن محامٍ أمام المحكمة    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    مهرجان ريم الحمروني للثقافة بقابس.. دورة الوفاء للأثر الخالد    مسيرة فنية حافلة بالتنوّع والتجدّد...جماليات الإبدالات الإبداعية للفنان التشكيلي سامي بن عامر    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    الكريديف يعلن عن الفائزات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية لسنة 2023    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملفات الشروق: شخصيات عايشت صدام ورجال عرفوه (6)...فاروق القدومي ل»الشروق»: * صدام يعتبر ثروة العراق... ثروة كل العرب المحتاجين
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005


تونس الشروق
بعد جولته الشرقية، التقيت رئيس الدائرة السياسية ووزير خارجية دولة فلسطين السيد فاروق القدومي وقد كان على أهبة الاستعداد لمغادرة تونس ثانية باتجاه الجماهيرية...
التقيته بالأمس، حول موضوع «شخصيات عايشت صدام ورجال عرفوه» وبي يقين أن الرجل يعرف صدام من عدة زوايا... أولا كان القدومي بعثيا الى حدود آخر الخمسينات وثانيا هو رئيس الدائرة السياسية الذي يعرف «أدغال» السياسة العربية المعاصرة. وثالثا وليس أخيرا ربما، هو أن القدومي رجل ديبلوماسية، لا تفرز معه الخنادق بالعنف أو بالقطيعة ففي شخصية القدومي زاوية مزودة للرجل بفعل مجامل، تسمو به عن الصغائر وتجعل منه شخصية لا تخزّن الضغائن...
تحدث عن صدام المناضل وصدام الرئيس، وذكر حسنات صدام كما نقاط ضعفه. لم يتوان القدومي في التعبير عن الأسى الذي لحق بالأمة كما الهوان، لأسر رئيس عربي وسط صمت ملفت... كان يختار كلماته وقد كان الأمر واضحا، كلما دققت السؤال عن حدث، ورأيته يجوب بخاطره في الفضاء فكنت أفهم أن الرجل لا يبوح بكل شيء، وأنه يقيم وزنا لتداعيات آتية في المستقبل القريب، قبل التباهي ببطولات ومبادىء، صعب صيانتها اليوم... كان لا بد خلال اللقاء، وهو يجرى ليلة ذكرى انطلاق الكفاح المسلح في فلسطين سنة 1965 أن أسأله عن الذكرى وعن معانيها اليوم التي تترجمها الانتفاضة، وتضيء بالتأكيد درب بلد عربي آخر سقط بأيدي الاحتلال بشكل مباشر...
سألت «أبو لطف» عن موضوع الملف، وعن لقاءات جمعته بصدام، فتحدث عنها لماما ولكن نطق باستخلاصات وأحكام عن الشخصية دون اعتماد أسلوب القصة والوقائع... فالقدومي ديبلوماسي بالفطرة على ما يبدو وليس بالمهنة والتكيلف فقط.
قال في البداية :
«قابلت صدام حسين قبل ثلاثين سنة، بعد أن قامت ثورة العراق في 1968، وكان ذلك في اجتماعات القمة العربية. وكانت قبل ذلك علاقاتنا مع الرئيس أحمد حسن البكر وكان صدام نائب الرئيس. ولما استقال البكر أصبحت علاقاتنا كمنظمة التحرير الفلسطينية مع الرئيس صدام حسين. تعززت هذه العلاقات فكان سخيا معنا في تقديم الدعم المادي والمعنوي والسياسي ل.م.ت.ف.
قلت «لأبي لطف» في أول لقاء ما هو الانطباع الذي حصل لديك عن شخصية الرجل؟
فرد على ا لسؤال «لا بد من القول أننا كنا نعرف حزب البعث بعد الثورة العراقية الأولى عام 1958. وكانت ثورة قومية قادتها مجموعة من المناضلين القوميين والمستقلين والبعثيين. وكان يرأس حزب البعث في ذلك التاريخ في العراق. فؤاد الركابي وبدأت هذه العلاقة عندما كنت طالبا في الجامعة الأمريكية بمصر حيث كنا نلتقي مع الأستاذ ميشيل عفلق وصلاح البيطار وعبد الله الريعاوي... بصفتي عضوا في حزب البعث حتى عام 1958 وتعرفت على «طالب شبيب» و»علي السعدي وغيرهما» ممن شاركوا في الثورة العراقية في مراحلها المختلفة.
جاء صدام حسين إلى مصر بعد تخرجي من الجامعة عام 1959. ودخل الجامعة في مصر بعد مشاركته في محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم، لكني لم ألتق به في القاهرة... لكن تعززت علاقاتنا بالعراق أثناء الحرب العراقية الإيرانية فكنا في م.ت.ف نحاول وقف هذه الحرب لاعتقادنا بما جلبته علينا من ويلات. فقد طالت ثماني سنوات فكان الأخ أبو عمار عضوا في لجنة المساعي الحميدة التابعة للمؤتمر الإسلامي وكنت أنا عضوا في لجنة المساعي الحميدة لدول عدم الانحياز وكانت هذان اللجنتان تسعيان لوقف الحرب العراقية الايرانية.
إن اللقاءات التي جمعتني مع صدام حسين سواء بصفته نائبا للرئيس أو رئيسا للجمهورية تؤكد أن صدام رجل صلب الإرادة إذا قرر شيئا نفذه. ولكن انفراده باتخاذ القرار لا يجعله وحيدا بين الزعماء العرب الآخرين. صدام أيضا يعتبر الثروة العراقية ثروة عربية، أي هي ثروة للدول العربية المحتاجة نصيب فيها. فلم يبخل في تصوري، عن تقديم الدعم لفلسطين والأردن ومصر واليمن والسودان وموريتانيا والمغرب. ولكن في بداية تسلمه مقاليد الحكم اختلف مع سوريا وبقي هذا الخلاف الى فترة من الزمن أي إلى ما بعد حرب الخليج الثانية كما اختلف مع السعودية والكويت.
ولكن الخلاف الحقيقي كان مع الكويت حول حقل الرميلة وترسيم الحدود واسقاط الديون التي قدمتها الكويت إبان حرب الخليج الأولى. ودون أن يسنى القدومي ذكر اجتياح القوات العراقية للكويت في 2 أوت 1990 والتداعيات التي نتجت عنها، شدّد على أن لا أحد يقدر أن يشك في أن صدام حسين قومي في تفكيره ومبادئه كما عرفناه وهو يعتقد أن من واجب كل عربي أن يقدم الدعم للثورة الفلسطينية بل ويشارك فيها.
سألت «أبا لطف» عن خلافات أو خلاف مع صدام، فقال : «في بداية الثورة اختلفنا معه، فقد كان يريد من حركة فتح أن تلتحق بحزب البعث العربي الاشتراكي، واقترح «البكر في ذلك التاريخ استحداث وزارة سميت بوزارة الشؤون الفلسطينية على أن يتولاها الأخ «أبو عمار» وحركة فتح بالتحديد واشتد الخلاف بيننا واحتضن العراق «أبو نضال» المنشق أدى ذلك إلى قيام «أبو نضال» وجماعته باغتيال عدد من المسؤولين الفلسطينيين مثل عصام سرطاوي في البرتغال وسعيد حمامي في لندن وعز الدين قلق.
أقفلت طبعا مكاتبنا في بغداد ودام الخلاف بيننا وبين العراق إلى أن قمنا بالوساطة بين ايران والعراق في الحرب. فبدأت علاقتنا تتحسن شيئا فشيئا. وكان صدام لا يغفر لأي عربي انسلخ عن البعث،. للقيام بثورة وطنية. (أي الوطنية بمفهومها الإقليمي الضيق) كنت دائما ضمن وفد في مقابلة صدام برئاسة الأخ أبو عمار. وبعد ذلك كنا نزوره من آن لآخر طلبا للدعم السياسي والمالي. وكان كريما في عطائه. كان صدام مخلصا في فعله مع القضية الفلسطينية وكانت علاقته جيدة بأعضاء قيادة فتح. ويكرمهم ولا يرفض لهم طلبا.
وبالرغم من العلاقة الجيدة به، فقد كان يعتبرني محسوبا على سوريا، ولذلك كان تصرفه ممزوجا ببعض الخلافات التي كانت له مع سوريا.
قابلته زمن الحصار ويوم أن تبرع «بمليار يورو» لفلسطين بداية الألفين، وكان التبرع للإنتفاضة لكن الولايات المتحدة ضغطت على الأمم المتحدة فلم تسمح باعطائنا هذا المبلغ، هذا بالرغم من محاولاتنا المتكررة بشتى الوسائل وقد كان صدام يتحدث ويجدد التزامه والتزام العراق بخندق المقاومة والثورة الفلسطينية.
فقد كان الحديث في تلك المقابلة حول دعم المقاومة الفلسطينية. وتشكيل فرق عراقية للمشاركة في الوقت المناسب. ولكن صدام كان يشعر بالعزلة والحصار. قابلته لثلاث مرات أو أربعة، كانت كلها لقاءات مفعمة بالالتزام والنضالية فهو لم يتغير أبدا.سألت رئيس الديبلوماسية الفلسطينية عن يوم أسر صدام : ما هو الشريط الذي جال بخاطرك في تلك اللحظات التي بانت فيها صور صدام بتلك الطريقة التي شاهدنا؟
قال القدومي بسرعة ممزوجة بمرارة : يشعر الإنسان بالأسى لاعتقال رئيس بلد عربي. له تاريخ مجيد. ولا يستحق أن توجه له مثل هذه الاهانة، لأنها اهانة لكل مواطن عربي بنظري. وهي دليل على ضعف العرب وتخاذلهم وانقسامهم.
ولما سألته عن مكان سماعه الخبر قال إنه كان (هنا) في مكتبه بالدائرة السياسية ل.م.ت.ف بتونس.
لم يكن الحديث مع «أبي لطف» وبعد رجوعه من جولته العربية التي قادته الى لبنان وسوريا ومصر، ليمر دون أن أسأله عن زيارة مصر وحقيقة الأمر هل أنه ذهب للإعتذار أم للأسف، لما حصل لرئيس الديبلوماسية المصرية بالحرم القدسي الشريف فرد بديبلوماسيته المعهودة :
«كان في البداية لي موعد مع معالي وزير الخارجية أحمد ماهر، فبعد أن زرت لبنان ودمشق والأردن كنت أنوي في اليوم التالي أن أتوجه من عمان الى القاهرة فسمعت بالحادث فاتصل بي الأخ أبو عمار وطلب مني أن أترأس وفدا فلسطينيا للإعراب عن أسفنا لمحاولة البعض المساس أو الإساءة لوزير الخارجية عندما ذهب ليصلي في الحرم الشريف بالقدس.
فوصلت في اليوم الثاني، وأعلنت في المطار أن الوفد سيأتي خلال أيام لنقابل معالي الوزير أحمد ماهر والوزير عمر سليمان، للاعراب عن أسلفنا لهذه المحاولة التي قام بها نفر من حزب معزول، أثناء مجيء معالي الوزير أحمد ماهر للصلاة في الحرم، وليس للإعتذار كما أشاع البعض. لأن الاعتذار يعني أننا قمنا بهذا العمل المشين والحقيقة أننا جئنا لنعرب عن أسفنا واستيائنا لوقوع هذا الحدث في الحرم الشريف في مدينة القدس المحتلة في فلسطين. ونحن أبرياء ممن قاموا بهذه الفعلة التي لا نرضاها.
* طيب أخ «أبو لطف» بما أن زيارتك للقاهرة كانت مبرمجة منذ البداية، فإذن موضوعها كان سيعنى بزيارة وزير الخارجية المصري أحمد ماهر إلى اسرائيل وكانت ستعنى أيضا بتصريحاته حول الموضوع، وأيضا لا شك أنها كانت ستعنى باستثناء ماهر في زيارته، مقابلة الطرف الفلسطيني ، أليس كذلك؟
أولا معالي الأخ أحمد ماهر مكلف من الرئيس مبارك في قضية تخص الشعب الفلسطيني ولذلك نحن دائما على اتصال مباشر مع اشقائنا في مصر. بالرغم من توافقنا أو تباين وجهات نظرنا، فكلانا صاحب قضية قومية يؤدي واجبه نحوها بالطرق التي يراها مناسبة.
* غدا (اليوم) ذكرى غرة جانفي 1965 تاريخ اختيار الشعب الفلسطني التأسيس فلسطينيا لخيار المقاومة المسلحة.... عندما تستعرض الشريط الذي انضافت اليه دولة عربية أخرى سقطت بيد الاحتلال المباشر، كيف تشخص المشهد العربي وتنظر الى الجسم العربي في هذا التاريخ الآن؟
وقعت المنطقة في أتون صراعات وحروب متعددة منذ قرن من الزمن. فكانت دول الغرب الاستعمارية تتكالب على هذه المنطقة العربية الإسلامية وعلى ثرواتها النفطية ومواقعها الاستراتيجية فتحالفت مع الحركة الصهيونية لتكون رديفا لها وعونا في ترسيخ نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، فاستهدفت فلسطين كجسر وقاعدة لتثبيت وجودها الاستعماري لهذه المنطقة.
وهذا ما دفع الشعب الفلسطيني إلى مقاومة الغزوة الصهيونية المدعومة منها الدول الاستعمارية. ولما انحصرت موجة الاستعمار الأوروبي وانهار الحكم العثماني ونالت بعض هذه الدول استقلالها لم تنج من المؤامرات الغربية. كالعدوان الثلاثي على مصر 1956 والعدوان على العراق والتوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، ولذا استمر شعبنا الفلسطيني في صراعه المصيري مع الحركة الصهيونية واسرائيل.
وامتدّ هذا الصراع الساخن ليشمل الدول العربية المجاورة التي احتلت اسرائيل أراضيها عام 1967 فكان على الثورة الفلسطينية أن تستمر في مقاومته حتى لا تجد اسرائيل فراغا تحكم من خلاله احتلالها للأراضي العربية وقامت حرب تشرين (أكتوبر) 1973 وأحرز العرب فيها نصرا محدودا من خلال تدميرهم لخط «بارليف» ولولا الدعم الأمريكي لأحرز العرب النصر كاملا. وهكذا ترك الأمر للثورة الفلسطينية ولمقاومتها الباسلة التي انطلقت في بداية عام 1965 قبل احتلال الضفة والقطاع، وهذا هو عامها التاسع والثلاثون، والشعب الفلسطيني يقاوم مقاومة مستمرة من أجل الاستقلال وعروبة القدس المقاومة كان لها الأثر الكبير، في بث الذعر والقلق في المجتمع الاسرائيلي كما أن المقاومة ضربت الاقتصاد الاسرائيلي والسياحة والتصدير وبات المجتمع الاسرائيلي يجتر الكآبة والرعب والخوف. وفشل شارون مجرم الحرب في ضرب الانتفاضة المباركة.
وها هي الانتفاضة الفلسطينية تدخل عامها الرابع وتحقق الانتصارات يوما بعد يوما فزادت من الهجرة المعاكسة ومن تمرد الجنود والطيارين ومن الانشاقات السياسية داخل المجتمع الاسرائيلي التي تسعى إلى تسوية سلمية وخسر شارون دعم الكثير من الاسرائيليين الذين نعتوه بأسوإ الصور كما أدانته أوروبا «الشعبية».
قبيل أن أختم اللقاء بالسؤال عن زيارة القدومي إلى ليبيا، والتي قال عنها انها في نطاق احياء ذكرى انطلاق الثورة الفلسطينية، ثورة غرة جانفي 1965 كان جهاز التلفاز مفتوحا، وكان الصوت خافتا، واذا بالقدومي يقوي من الصوت عبر جهاز التحكم عن بعد، التفت فاذا بجمع من النساء الفلسطينيات يستغثن ويبكين مصير أراضيهن على خط الجدار الذي تواصل اسرائيل اقامته على أرض فلسطين. المحسوبة ضمن التسويات والاتفاقات أنها فلسطينية. لم يجد الرجل ما يقول ولا أنا نبست بتعليق غير الدعاء لتغيير أوضاعنا المؤسفة والمخجلة أمام نساء يتضرعن الى الخالق ويستنجدن بقوم صُمّت آذانهم...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.