المشاحنات والشجارات بين «الحمَى» و»الكنّة» مستمرة ومتواصلة بتعاقب الاجيال فالعلاقات العدائية بين المرأة وزوجة الابن والمرأة أم الابن تكاد تكون بديهية وعادية ولا يخلو منها مجتمع عربي أو حتى غربي.هذه العلاقة المتوترة بين «الحمَى» و»الكنّة» تفرز في بعض الاحيان مواقف طريفة ومضحكة تكشف عن التنافر الشديد بينهما ورغبة كل منهما في الاستحواذ على الرجل وجلبه الى مملكتها الخاصة. ولعل الحب المفرط التي تكنه الأم لابنها تجعلها تنظر بحقد وكراهية كبرى لزوجة ابنها باعتبارها اختطفت ابنها. فتتوالى سلسلة المكائد والشجارات من أجل تنفير الرجل من زوجته أو إبعاده عنها وجعل كلمة الأم هي المسموعة. «الشروق» تناولت هذا الموضوع الاجتماعي فخرجت بالشهادات التالية: * شجارات مستمرة نشير الى أن التسلط والتحكم الذي كانت تمارسه أم الزوج على زوجة ابنها خلال القرن الماضي قد تناقص وتضاءل بعد التحوّل في مستوى الوعي الذي أصبحت عليه المرأة اليوم، وتروي لنا السيدة «صالحة» ما عانته من «حماتها» وما تعانيه الآن منها. فقد لاقت ألوانا من العذاب والنكد بسبب تسلط حماتها التي لم تتركها تهنأ بزواجها فتتهمها بالتبذير وعدم التحكم في المصاريف ولاتزال تلح على ابنها وتعدّد له مساوئ زوجته حتى يغلي الدم في عروقه وينهال عليها بالضرب المبرح. المسكينة يناهز عمرها الآن الخمسين عاما وبالرغم من ذلك مازالت تعاني من قسوة حماتها التي لا ترحمها أبدا. السيدة فاطمة بدورها تتذكر بحسرة ما لحقها من حماتها التي عز عليها أن ترى ابنها يدلّل زوجته ويسعى لمساعدتها في العمل نظرا لكونها تقطن بالريف أين تكثر مشاغل المرأة ومتاعبها فاتهمته أمه أنه «مسحور» وذلك لأن الرجل في الريف لا يعين زوجته مهما كانت ظروفها الصحية أو البدنية. وتضيف السيدة فاطمة أن أم زوجها لم يهدأ لها بال إلا بعد أن تحوّل ابنها الى وحش كاسر لا يعرف إلا الضرب واللطم والشتائم في تعامله معها. وقد عانت هذه السيدة من تصرفات زوجها وسلوكه الشيء سنين طويلة حتى كبر أولادها فأصبحوا يدافعون عنها ويمنعون أباهم من إيذاء أمهم. * تسلط وقمع رغم ما وصل اليه المواطن التونسي من تطور وتحول فكري وارتقاء في مستوى التفكير إلا أن بعض الاشخاص في بعض المناطق الريفية مازال الجهل جاثما على تفكيرهم ومكبلا لمعاملاتهم الانسانية. هذه الشهادة تأتيني من السيدة سلوى المتزوجة منذ أربع سنوات ولها طفلان وعمرها لم يتجاوز بعد 22 سنة سلوى تحدثت عن حماتها التي ناهز عمرها السبعين السنة فهي المسؤولة الوحيدة عن المنزل الذي يضم زوجتي ابنيها وأحفادها السبعة. هذه السيدة تتحكم في كل كبيرة وصغيرة في البيت حتى أنها تقوم بقفل المطبخ بما يحتويه من مؤونة ولا يفتح إلا بإذنها وتقوم هي بطهي الطعام لانها تقتصد في كمية الزيت والطماطم وتقوم بتقسيم الخبز على زوجات أبنائها وأحفادها ولا يحق لاحد أن يناقشها في الموضوع وأن يكتفي بنصيبه حتى ولو أنه لم يشبع جوعه ولم يطفئ ظمأه. السيدة سلوى حرمتها حماتها من ارتداء بعض الملابس والتزين وتسببت لها في خصومة كبيرة مع زوجها الذي أشبعها ضربا وهي مازالت عروسا لم يمر على زواجها أسبوع واحد بسبب ارتدائها لبعض الملابس غير اللائقة من وجهة نظر حماتها العزيزة. السيدة نجاة هي الاخرى عانت من ظلم وقهر حماتها التي حوّلت حياتها جحيما بعد أن تحالفت مع حفيدتها ضدها فأصبحت الحفيدة تحصي خطوات أمها وتنقلها الى جدتها وهذه الاخيرة تعمل على استفزاز ابنها وجعله يستشيط غضبا فينهال عليها ضربا وشتائم. ومن الطرائف التي حصلت لنجاة مع حماتها بحث الحماة في أدباش «كنّتها» خوفا من أن يكون قد اشترى لها زوجها هدية ما. ويتواصل قمع حماة نجاة ليصل بها الامر الى تقسيم الخبز على زوجات أبنائها وأن تراقب كل واحدة منهن عندما تكون مع زوجها لتتنصّت عليهما ومحاسبتهما على ما قالاه لاحقا. * تنافس شديد إذا كانت الشهادات التي أوردناها سابقا ترصد الشجار والتسلط والقمع الذي تمارسه الحماة على كنتها، تعكس سلوك الافراد في بيئة معينة وهي أحداث حقيقية كانت ولاتزال موجودة في الريف فإن بين «الحماة والكنّة» في المدن حكايات أخرى تبدأ بمنافسة زوجة الابن في الخروج والتفسح وتنتهي بعودة الحماة الى الوراء وارتدائها لملابس لا تتناسب مع عمرها. فالسيدة سعاد روت قصة حماتها التي أصبحت تعاني من الغيرة منها وأصبحت تطالب زوجها باصطحابها للتنزه والذهاب الى البحر وغيرها وتضيف سعاد أن «حماتها» كلما علمت أن زوجي سيرافقني الى بعض الاماكن للتنزه والترفيه إلا وتظهر الغيرة على محياها وتسرع الى زوجها لتطلب منه الذهاب بها الى مكان تشعر فيه بالراحة. السيدة روضة حماتها لم تتعد الاربعين سنة ورغم فارق السن بينهما إلا أن أم زوجها أصبحت تصر على ارتداء لباس قصير وضيق بل انها تتعهد بشراء نفس الملابس بنفس الشكل واللون الذي تشتريه هي.