تقدم مواطن بدعوى قضائية مفادها تعرضه لعملية سلب مسلح والاعتداء بالعنف الشديد من قبل شابين اعترضا سبيله في محطة باب الفلة بالعاصمة وافتكا منه مبلغا ماليا قدره ب250 دينارا، فتم إلقاء القبض على أحدهما فيما تحصّن الثاني بالفرار. وحسب وقائع القضية فان المتضرر كان مارا بأحد الانهج قرب محطة باب الفلة جنوبي العاصمة في كنف الهدوء والأمان الى أن أحس بصورة فجئية ان يدا تمتد له من الخلف ثم وبكل عنف تعمد شخص خنقه بقوة ليشل حركته ثم ظهر من بين خفايا ظلمة المكان شخص ثان وأخرج سكينا من جريدة كان يلفها بها ووضعه في مستوى رقبته طالبا منه تسليمهما ما عنده، الا ان المتضرر تمكن بحركة فجئية من الانفلات من بين أيدي الجناة ولاذ بالفرار واحتمى بعون أمن كان واقفا بالمحطة، فلحقاه وأمسكا به دون خشية وتعمدا الاعتداء عليه بالركل واللطم والضرب ثم قام أحدهما بضربه بواسطة قارورة خمر على مستوى مؤخرة رأسه حتى تهشمت ولم يكتف بذلك بل تسلح بما بقي من زجاج القارورة ووجه له بها طعنات في بطنه كما عمدا الى تشويه وجهه وافتكا جمازته التي كان بها مبلغ 250 دينارا وجهاز هاتف جوال ووثائقه الشخصية الا ان المتضرر تمكن ثانية من الافلات والفرار فلحقا به مرة أخرى فلم يجد من حل غير الالتجاء الى مطعم قريب من محطة باب الفلة ليحتمي بصاحبه وبعض زبائنه، لكنهما تمسكا عنادا للانتقام منه من بلوغه امام عدد من الحاضرين وواصلا تعنيفه بكل قوة وبشدة حتى تدخل البعض ليمنعوا الجانبين من الاعتداء على المتضرر الذي استغل انشغالهما بحالة الفوضى التي عمت المكان ليفرّ مرة ثالثة الى ان وصل أقرب مركز للشرطة وأعلم بالامر وقد بدت عليه الاضرار والدماء فتنقل الاعوان حينا لتمشيط مكان الجريمة ليتمكنوا من القاء القبض على أحد المتهمين فيما تمكن الثاني من الفرار. وبالقيام بالتحريات اللازمة تمكن المتضرر من التعرف على المعتدي وتمسك بضرورة مقاضاته من أجل ما اقترفه في حقه، ساردا على المحققين ما تعرض له من قبل المشتبه به وشريكه الذي تحصّن بالفرار. وباستنطاق المتهم حاول في البداية المراوغة لانكار معرفته للمتضرر الا انه لم يجد من سبيل امام شهادة الشهود وتمسك المعتدى عليه، غير الاعتراف اذ أفاد انه كان صحبة شخص آخر بصدد معاقرة الخمر الى أن مرّ المجني عليه الذي كان يشبه شخصا لهما معه أغراض شخصية سابقة فاعترضا سبيله قصد تعنيفه الا انهما وبعد شل حركته قام بالاعتداء على أحدهما وفرّ هاربا فلحقا به للانتقام منه، وأفاد المتهم انه لم يكن مسلحا بسكين وانه اعتدى على المتضرر بواسطة قارورة خمر كان يحملها معه، ورغم افصاحه بهوية شريكه الا انه اختفى عن الانظار واستطاع التحصن بالفرار. وبعد ان انهى المحققون الابحاث احالوا المتهم على أنظار أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس حيث أفاد خلال استنطاقه بأنه اعتدى على المتضرر خطأ لاشتباهه فيه واعتبر ان مازاد الأمر تعقيدا هو حالة السكر التي كان عليها صحبة شريكه اضافة الى تعمّد المجني عليه الاعتداء على أحدهما، وحول تعمدهما افتكاك جمازته والاستيلاء على مبلغ مائتين وخمسين دينارا وجهاز هاتف جوال ووثائقه الشخصية، نفى المتهم ذلك وصرح بعدم علمه بالموضوع كما لم ينف ان يكون مرافقه هو الذي استولى على المبلغ المالي والأشياء الأخرى... وبعد القيام بالمكافحة أصدرت النيابة العمومية بطاقة ايداع بالسجن ضد المتهم وبطاقة جلب ضد المتهم الثاني بعد ان وجهت اليهما تهمة السرقة الموصوفة باستعمال العنف الشديد، وقررت احالة ملفات القضية على دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس التي أيدت قرار ختم الابحاث وتهم وفصول الاحالة وقررت بدورها احالة المتهمين على أنظار الدائرة الجنائية المختصة بابتدائية العاصمة لمقاضاتهما من أجل ما نسب اليهما. وبمثول المتهم الموقوف يوم الخميس الفائت أمام الدائرة الرابعة الجنائية تمسك بتصريحاته التي ادلى بها لدى باحث البداية وأمام قلم التحقيق نافيا واقعة السرقة كما صرح بانه اعتدى على المتضرر لوجود تشابه بينه وبين شخص آخر له أغراض سابقة معه. وعاضد لسان الدفاع منوّبه في ما ذهب اليه مؤكدا ان عملية السرقة غير ثابتة ليطلب نفيها فيما ثبتت تهمة الاعتداء بالعنف وهو ما يخرج القضية عن نطاقها الجنائي لتصبح الافعال التي ارتكبها منوبه مجرد جنحة، وطلب على أساس ذلك الحكم بأخف العقاب الممكن قانوناو وتمسكت النيابة العمومية بالمحاكمة وفقا للقانون وللتهم المنسوبة للمتهم الموقوف وتسليط العقاب الاقصى بالنسبة الى المتهم الذي أحيل بحالة فرار، فقررت اثر ذلك هيئة المحكمة التصريح بالحكم بعد المفاوضة القانونية.