قريبا سيستقبل جمهور السينما في تونس، فيلما تونسيا سيثير حتما جدلا كبيرا بخصوص صورة المرأة أو الفتاة التونسية في آخر «تقليعاتها»... والفيلم هو «القرصان البدوي» أو «بدوين هاكر» للمخرجة السينمائية نادية الفاني وسينطلق عرضه في القاعات التجارية خلال الأيام القريبة القادمة... واذ نتكهن منذ الآن بحدود جدل حول موضوع الفيلم وخصوصا فيما يتعلق بصورة المرأة، أو الفتاة التونسية فلأن آخر تجربة مشابهة في المجال، وهي تجربة المخرجة السينمائية رجاء العماري في شريطها «الستار الأحمر» أثارت بدورها جدلا بل ضجة انتفضت لها كل امرأة تونسية محافظة... ولعل اللافت للانتباه هو أن التجارب السينمائية النسوية الأخيرة في تونس أصبحت في أغلبها «تتحرش» بالمرأة فتاة كانت، أو أما، أو زوجة... وفي انتظار اكتشاف الصورة المثيرة للمرأة في شريط «القرصان البدوي» لنادية الفاني سنحاول رسم الصور التي قدمتها بعض المخرجات التونسيات عن بنات جنسهن. المرأة المستهترة في شريط «الستار الأحمر» لرجاء العماري لم تكن صورة المرأة مسايرة للمألوف... فقد اختارت لها المخرجة دور الأم وأي أم؟ أم تسهر في الكباريهات ثم تتحول الى راقصة ومنها الى «مومس» وفي الآخر تربط علاقة عاطفية وجنسية مع خليل ابنتها. هذه الصورة برغم التبريرات التي قدمتها المخرجة كانت بمثابة الصدمة التي زعزعت رمز الأم وتعترف رجاء العماري أنها كانت تنتظر ردود أفعال عنيفة وهو ما حدث عند ظهور الفيلم وتقول المخرجة «ان الأكثر مضايقة هو أن تكون الشخصية الأساسية للفيلم أما...فالأم عادة ما تكون رمزا لكل الصفات ولقواعد السلوك السليم التي تقوم عليها أسس المجتمع كمفهوم العائلة ومفهوم الفضيلة والمثل العليا والقيم، وغير ذلك وتجريد الأم من هذه الصفات ومن الأخلاق الحميدة يجر بالضرورة الى المساس بجميع هذه المسلمات». وتبدو صورة المرأة عموما عند رجاء العماري تعاني كبتا كبيرا وحرمانا من كل شيء غريزي ومكتسب... المرأة والزوج الغائب وتكاد هذه الصورة تكون هي نفسها تقريبا في شريط «صمت القصور» للمخرجة مفيدة التلاتلي وكذلك في شريطها الثاني «موسم الرجال» الذي أغضب أهالي جربة!... فالمرأة في «موسم الرجال» تعاني من الحرمان الجنسي الذي يمثله غياب الزوج المنشغل بالعمل بعيدا عن «الجزيرة» وفي «صمت القصور» تعاني المرأة من الاضطهاد نتيجة التفاوت الطبقي والعبودية المفروضة من قبل الاقطاع... كما تعاني من الحرمان من الأصل العائلي... ورغم انعتاق بطلة الشريط في النهاية تبقى سجينة ماضيها الأليم الذي تمثله والدتها المضطهدة. المرأة القوية وفي شريط «رقصة النار» أو «حبيبة مسيكة» لسلمى بكار كانت صورة المرأة أقل قتامة ربما بقوة الشخصية التي اختارتها المخرجة وهي شخصية اجتماعية معروفة وحاولت سلمى بكار من خلالها كشف مواطن القوة عند المرأة إذا ما أرادت الانعتاق والحرية... ورغم موت البطلة حرقا في نهاية الفيلم نتيجة غيرة عشيقها تبقى صورتها رمزا للتحرر من عبودية الرجل... المرأة الضائعة ويبقى فيلم «كسوة... الخيط الضائع» للمخرجة كلثوم برناز الفيلم الوحيد تقريبا بين أفلام المخرجات الذي أخرج المرأة من عبودية الرجل والمجتمع ولو أن البطلة ظلت كما في العنوان «ضائعة» وتائهة بين رغباتها الذاتية وما تريده بها العائلة والمجتمع... وعموما تبقى المرأة القضية الأساسية في كل أفلام المخرجات تقريبا وهو ما قد يثير تساؤلات عديدة ربما تجر الى دراسة شخصية المخرجة المرأة ذاتها...