شرعت احدى الدوائر الجنائية بمحكمة المنستير الابتدائية مؤخرا في محاكمة خمسة شبان بتهمة السرقة الموصوفة من محل مسكون باستعمال الخلع والمشاركة في ذلك. وكشفت الابحاث والتحقيقات عن تورط ثلاثة من المتهمين في السطو على منزل كائن بالمهدية أثناء غياب أصحابه عنه وقد تورط الآخران بتهمة المشاركة إذ نسب الى أحدهما توسطه في بيع جانب من المسروق وثانيهما شراؤه رغم علمهما بفساد مصدره. وكان المتضرر في قضية الحال عاد من العاصمة حيث يقيم، الى مسقط رأسه بإحدى مدن ولاية المهدية. وما ان فتح باب منزله حتى صُعق من هول المفاجأة فقد وجد أثاثه مبعثرا فأيقن أنه تعرّض الى عملية سرقة وهرع الى أقرب مركز شرطة ليرفع شكوى في الغرض. وقد تحول أعوان الأمن الى منزل المتضرر فعاينوا حالة الأثاث المبعثر في غرفة الاستقبال كما لاحظوا آثار خلع واضحة علي الباب الخلفي للمنزل مما يعني أن اللص أو اللصوص قد عبروا منه ولم يخلّفوا آثارا تكشف هويتهم أو تساعد على التعرف اليهم. أما المتضرّر فقد أفاد المحققين بأنه فقد درّاجتين واحدة عادية وأخرى نارية كانتا مخبأتين في المستودع الذي تعرض بابه للخلع وأضاف أنه لاحظ اختفاء طقم ذهبي على ملك زوجته يتكون من قلادة ذهبية نوع «دولار» وأساور وخاتم وجهاز استقبال رقمي. وقد ذكر المتضرر أن زوجته التي كانت تقيم في ا لمنزل صحبة ابنيه الصغيرين قد نزلت منذ يومين ضيفة على أمّها فأوصت جارتها بحراسة المنزل في غيابها وهاتفت زوجها لتعلمه بالأمر مما دفعه الى التحول الى مسقط رأسه على جناح السرعة. ينفق بسخاء سأل رجال الأمن الجارة إن كانت قد لاحظت شيئا أو سمعت صوتا لافتا للانتباه طيلة اليومين اللذين تغيبت فيهما جارتها المتضرّرة عن منزلها، فنفت ذلك ممّا زاد الأمر تعقيدا ودفع المحقّقين الى توجيه شكوكهم في البداية الى ذوي السوابق من سكّان المنطقة وقد تعزّزت هذه الشكوك بالنظر الى طريقة سرقة المنزل التي دلّت على حرفيّة كبيرة. وقد أدّت تحرّياتهم المكثفة الى الشكّ في شاب يبلغ عمره 25 سنة وهو عاطل ومن ذوي السوابق في مجال السرقة وقد لفت الأنظار إليه بما أصبح عليه من سخاء في الانفاق على أصحابه. فرصد المحققون تحرّكاته وأخضعوه الى مراقبة دقيقة كشفت تورّطه في سرقة المنزل. «الصديق وقت الضيق» كان الشاب المشتبه في أمره كثير الاجتماع ببعض أقرانه في أماكن بعيدة عن الأنظار كما لو كانوا يحرصون على اخفاء أمر ما، وبجلبه الى مركز الأمن للتحرّي معه عن مصدر الأموال التي صار ينفقها بسخاء وعن علاقته بالشبان الذين ينزوي معهم قدّم روايات متضاربة وبمزيد بحثه أصدع بالحقيقة واعترف بسرقته المنزل صحبة شابين آخرين تتراوح أعمارهما بين 20 و24 سنة (أحدهما من ذوي السوابق) فبعد أن تفطّن الى خلو المنزل من ساكنيه جمع صديقيه وأعلمهما بالأمر واتفق معهما على السرقة ثم قرّروا تنفيذ ما عزموا عليه عند حلول الظلام. تسلّح الثلاثة بقضيب حديدي وتسوّروا حائط المنزل ثمّ طافوا بالمنزل وخيّروا دخوله من بابه الخلفي فقام أحدهم بخلعه في حين تولّى الآخران تأمين المكان ومراقبته ثمّ دلفوا جميعا الى الغرف وبعثروا أثاثها الى أن عثروا على طقم الذهب فحملوه مع جهاز الاستقبال الرقمي وفي طريقهم الى المغادرة عرّجوا على مستودع المنزل وخلعوا بابه ليحملوا دراجتين كانتا بداخله ثمّ لاذوا بالفرار. وفرّطوا في الدراجتين بالبيع في أحد الأسواق الأسبوعية أما طقم الذهب فقد واجهوا صعوبة في بيعه خيفة من أن يفتضح أمرهم، لكنّ حيرتهم لم تدم طويلا إذ أشار أحدهم الى أنه يعرف شابا في مدينة سوسة قادرا على مساعدتهم، فشدّوا الرّحال إليه وطلبوا مشورته في الأمر بعد أن أعلموه بفساد البضاعة. قبل الشاب التوسط لهم عند أحد الصائغين وهو صديق له فوافقوه. فحمل الشاب الوسيط (27 سنة) طقم الذهب المسروق الى صديقه وباعه إياه بمبلغ قدره 700 دينار. وقد أوقف أعوان الشرطة الشبان الثلاثة مع الوسيط وأحالوا الجميع بعد ختم الأبحاث معهم على أنظار الدائرة الجنائية فمثلوا أمامها بحالة إيقاف. ولئن اعترف المتهمون الرئيسيون (الذين اقترفوا عملية السرقة) بمسؤوليتهم فإن الوسيط أنكر علمه بفساد البضاعة، أما الصائغي الذي حضر بحالة سراح فقد نفى علمه بفساد البضاعة مستدلاّ على ذلك بدفتره التجاري الذي سجل فيه عملية الشراء وهوية البائع، وفي الختام ارتأت هيئة المحكمة تأخير القضية الى جلسة قادمة.