عبر هذه الصفحة عرفت أجمل مرحلة في حياتي، لم أكن رشأ بل رشائيات، فتحت لي كل أسبوع معجزة التعبير وآفاق صداقات عميقة أعتز بها. «رشائيات» احتوت نزواتي وحكمتي، عقلانيتي وجنوني، صفحة عادية لكن كم كانت خصوصيتي لسنوات. ويحز في قلبي الرحيل وترك من أحب، لكن الإنسان من طبعه الترحال، والقلب متعب دوما بعناء الإقامة، وربما كما قال الحكيم هرمنا، أو أنني وصلت لمرحلة مفترقات الحياة، والمفترقات فيها الكثير والأهم أنها مصيرية، اسأل الله أن يلهمني فيها الخير والتوفيق، لن أقول أنني سأرحل لأن الرحيل انقطاع ونهاية، بل سأبدأ عملا آخر. وسيبقى قلبي هنا مع رشائيات وجريدتي التي أحب «الشروق» لكنني سأمتحن نفسي في مهمة أخرى فرغم السن ما زال عملي صغيرا وأتمنى أن يواصل ليكبر كل يوم ولو قليلا، فالحياة منذ بدايتها لنهايتها دروس، «الشروق» كانت شمعة مضيئة في حياتي سيصعب علي يوم الجمعة دون الصفحة القبل الأخيرة، فراقها صعب وموجع ومؤلم ومهما تحدثت عنها فلن أوفيها حقها. كانت أيامي غنية ولا أدري ما تخفي لي الأيام القادمة، أتمنى أن يواصل الأمل والشغف، لا أريد أن أقول وداعا لهذه الصفحة ولكم، فقد رافقتني ورافقتها ورافقتكم ورافقتمونا سنوات. إنها رشائياتي الأخيرة التي أكتب لكم فيها أجمل الأماني وأبعث لكم كل الإخلاص والوفاء وأهديكم كل حبي وشغفي، وإن كتبت لي «رشائيات» أخرى فهي لكم فمهما سأكون سعيدة غدا سيبقى قلبي وفيا كما قال الشاعر : نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب الا للحبيب الاولي. لا أدري إن كانت كلمة شكر تعبر عن عواطفي وأحاسيسي التي أكنّها لمن تعاملت معهم بكل حب واحترام، سي عبد الحميد رمز اللطف والأخلاق والمهنية، فاطمة صديقة الروح، نور الدين الذي احتضنني وساندني، الجنرال القيزاني رغم عنفه وحدّته الأزلية، معز في الاستقبال، حسن لكل الخدمات والتساؤلات، لمياء وليلى. لكن وخاصة تلك المرأة الجميلة اللطيفة التي أتمنى أن أحتفظ بصداقتها إلى الأبد بعيدا عن أي مصلحة أو عمل ... صديقتي سعيدة العامري أشكرك على كل حبك واحترامك وأتمنى أن تبقى الأبواب مفتوحة بيننا. وفقني اللّه ووفقكم.