يبدو أنّ قدر المشاهد التونسي في رمضان هو تحمّل ثقل المسلسل الاشهاري الطويل والثقيل الذي تبثه كل القنوات التلفزيونية. في كل تلفزيونات العالم المتحضّر يخضع الاشهار الى مقاييس في البث التلفزيوني سواء من ناحية المضمون أو المساحة، لكن القنوات التونسية الأربع لا تحترم هذه الضوابط وخاصة في الشهر المبارك. من نسمة الى حنبعل مرورا بالقناة الأولى وصولا الى القناة الوطنية الثانية تمثل الومضات الاشهارية المساحة الغالبة على البث. هذه الومضات الاشهارية قاسمها المشترك المواد الاستهلاكية مثل المواد الغذائية من زيت وعجين بأنواعه والحليب ومشتقاته والمشروبات الغازية والمياه المعدنية ووسائل الاتصال وخاصة العروض التجارية لشركات الهاتف ومزوّدي الأنترنات ولم نر في هذه الومضات أي ومضة ثقافية تتعلق بعرض فني أو نشاط ثقافي أو كتاب جديد أو عمل موسيقي أو سينمائي وكأن الأكل ثم الأكل ثم الأكل هو الهاجس الوحيد للمواطن التونسي في رمضان. احترام أنّ هذه الومضات التي يقدمها عدد من نجوم التلفزيون مثل كوثر الباردي وسفيان الشعري ولمين النهدي وغيرهم لم تسلم منها حتى الأعمال التلفزيونية ففي سنوات سابقة كانت تبث قبل المسلسل أما الآن فإنها تبث خلال الأعمال الدرامية والكوميدية أيضا حتى أن السينمائي منصف ذويب بسخريته المعهودة كتب في صفحته على «الفايس بوك» أنه يعيب على القنوات التونسية قطعها لمسلسل الاشهار اليومي وتقديمها لمقاطع تمثيلية! إنّ الطريقة التي تقدم بها الومضات الاشهارية في القنوات التونسية لا يوجد فيها أدنى احترام للمواطن وإذا كانت القنوات الخاصة مثل نسمة وحنبعل لها الحرية في التعامل مع ملف الاشهار بالطريقة التي تراها فإنّ القناة الوطنية الأولى والثانية ليس من حقهما «إهانة» المواطن بهذه الطريقة وهو الذي يدفع المال من خلال الضرائب على مؤسسة التلفزة الوطنية باعتبارهما مرفقين عموميين. إنّني أتفهم ضرورة المساحات الاشهارية لاستمرار أي مؤسسة إعلامية، ولكن هذه المساحات يجب أن تكون خاضعة لضوابط ومقاييس محدّدة حتى لا يعذّب المواطن بتحمّل رداءة حلقات هذا المسلسل الطويل والثقيل والمزعج.