إذا كانت الكرة البرازيلية تفاخر بإنجاب لاعبين استثنائيين شغلوا باقتدار الخانة اليمنى على غرار «كافو».. فإن طارق ثابت بقي لعدة سنوات سيد الجهة اليمنى في صفوف الترجي الرياضي والمنتخب التونسي. يبدو أن جهة قابس لم تشتهر ببحرها الذي كانت الفنانة «نعمة» قد تغنّت به ولكنها عرفت أيضا بإجادة بعض الأهالي في تلك الأرض الطيبة لصناعة النقش لذلك كان من الطبيعي أن تكون منبتا للعديد من المواهب الكروية التي حفرت أسماءها في الذاكرة الرياضية كما فعل طارق ثابت الذي يجمع الشارع الرياضي في تونس على أنه يمثل رفقة حاتم الطرابلسي العنقود الأخير في سلالة اللاعبين الذين تألقوا دفاعا وهجوما في خطة الظهير الأيمن وهو ما ولد أزمة حقيقية في الكرة التونسية بما في ذلك فريق الترجي الرياضي الذي قضى فيه طارق ثابت 15عاما وتوج معه ب21 لقبا وهو رقم قياسي قد لا يسبقه إليه حتى أشهر اللاعبين في الفرق الأوروبية وهو ما يجعل ثلاثة أرباع قلبه يخفق للأصفر والأحمر.«الشروق» تحولت الى مركز التربصات ببرج السدرية حيث بدأ ترجي جرجيس استعداده للموسم الجديد فكان لنا الحوار التالي مع طارق ثابت:في البداية يبدو أنه لا شيء يعدل عطر هواء الوطن ونسمات الحرية، حتى وإن كان ذلك على حساب النجاح الاستثنائي الذي حققته في ليبيا؟شخصيا أشعر بالفخر والاعتزاز لأنني شرفت الكرة التونسية في البطولة الليبية حيث تحصلت على لقب أفضل مدرب أجنبي ناشط بليبيا كما أنني تركت انطباعا جيدا عندما دربت فريق خليج سرت قبل أن أتسلم مقاليد تدريب أهلي بنغازي حيث حصدنا نتائج ايجابية مع العلم أن الاشراف على هذا الفريق يعادل تقريبا تدريب الترجي والافريقي في تونس وذلك قبل أن ألتحق بترجي جرجيس وأجدّد العهد مع البطولة التونسية.لماذا وقع اختيارك على الترجي الجرجيسي دون سواه خاصة أنه كان بحوزتك عدة عروض أخرى؟لاحظت أن الترجي الجرجيسي يتمتع باستقرار واضح على المستويين الاداري والمالي كما أنني أحترم كثيرا رئيس هذا النادي وبالرغم من أننا خسرنا مجهودات عدة لاعبين بعد أن غادروا الفريق فإننا تعاقدنا مع لاعبين آخرين لتعويضهم على غرار ماهر عامر وفخر الدين قلبي والحاج سعيد والليبي حسين الإدريسي أما أهدافنا فستتسم بالواقعية حيث سنعمل في بداية الأمر على تعزيز صفوف الفريق بعنصرين إضافيين أحدهما في خط الدفاع والآخر لحراسة المرمى وسنراهن على اللعب من أجل الظفر بمراتب متقدمة في سباق البطولة خاصة أن الجهة تزخر بالعديد من المواهب الكروية ومن المنتظر أن تقوم الادارة الفنية للنادي بعمل جبار لاستكشافها وتأطيرها.تحدثت عن اللاعب الليبي حسين الادريسي، فهل تعتقد أن تعاقد الأندية التونسية مع عدة لاعبين قادمين من البطولة الليبية من شأنه أن يساهم في الارتقاء بمستوى بطولتنا؟بكل تأكيد وذلك في ظلّ المهارات التي يتمتع بها اللاعبون الليبيون وأكبر دليل على ذلك ما قدمه اللاعب طارق التائب عندما كان ينشط في البطولة التونسية وأعتقد أن اللاعب الليبي لا يحتاج سوى الى تحسين قدراته من الناحية التكتيكية وهي مناسبة لأطلب من الجامعة التونسية لكرة القدم أن تتخذ قرارا استثنائيا بخصوص اللاعبين الليبيين القادمين الى تونس وذلك من خلال جعل اللاعب الأجنبي الرابع في صفوف أي فريق تونسي في صورة كان من ليبيا أي أن يكون بمثابة لاعب تونسي وذلك مراعاة للظرف الحالي الذي تمرّ به الكرة الليبية.سيكون اللاعب الشاب لقمان بالحاج مايسترو الوسط فهل هذا يعني أنكم ستراهنون على لعب ورقة الشبان في المقابلات الرسمية للنادي؟هذا اللاعب الشاب يتمتع بإمكانات محترمة جدا وقد جاءت دعوتنا إليه للالتحاق بتربص الفريق كنتيجة حتمية للمخزون الكروي الذي بحوزته وذلك شأنه شأن عدة لاعبين شبان آخرين على غرار بوظفرة والفقراوي.بعد مغادرة الحارس بن أيوب لترجي الجنوب، هل أنكم فكّرتم فعلا في التعاقد مع الحارس محرز حسني؟بكل صراحة لم نفكر في انتداب هذا الحارس لأننا بكل بساطة نريد التعاقد مع أحد حراس الرابطة المحترفة الأولى ولا أنكر أن بن أيوب كان يمثل ما لا يقل عن نسبة 50٪ من قوة الفريق وهذا ليس استنقاصا من مجهودات بقية اللاعبين ولكنني أقول هذا الكلام لأنني مقتنع بأن صلابة أي فريق تنطلق من حراسة المرمى وصولا الى بقية المراكز الأخرى ويكفي أن نذكر في هذا الصدد بأهمية الحارس رامي الجريدي مثلا في فريق الملعب التونسي.هل تظن أن قرار الترفيع في عدد أندية الرابطة الأولى ليصبح في حدود 16 ناديا سيكون ناجحا خاصة أنك اشتغلت بالبطولة الليبية التي تضم العدد نفسه من الفرق؟ أعتقد أنها ستكون تجربة ناجحة من الناحية الفنية بما أن اللاعب سيخوض 30 مقابلة طيلة الموسم الرياضي في سباق البطولة ولا ننسى أن هذا الاجراء سيعود بالنفع على بعض الجهات حيث سيصبح بإمكان عدة أندية المراهنة على ورقة الصعود مثل قربة وماطر.واجهت خلال مشوارك التدريبي عدة صعوبات بسبب تمسّكك بمواقفك فهل تظن أن الأيام التي قضيتها خارج تونس كانت قادرة على مداواة كل الجراح؟أذكر أن أحد المسؤولين قال لي بالحرف الواحد «إنك لا تجيد لعبة الكواليس؟!» وعندما يصدر كلام مثل هذا من أحد المسؤولين عن الأندية التونسية نقف على حقيقة الأزمة التي تعرفها الكرة ببلادنا كما أنني لم أستطع نسيان بعض التجاوزات التي تعرضت إليها حيث أن مواقفي جعلتني غير قادر حتى على اتمام موسمين في تونس ومن المؤسف أن بعض المسؤولين يحاولون بين الحين والآخر المساهمة في خدمة بعض المدربين مقابل تحطيم مدربين آخرين إذ أذكر أن بعض الأطراف لم تهضم تواجدي في خطة مدرب مساعد بالمنتخب الوطني ولكن الحمد للّه أنني أثبت جدارتي ولا أظن إقدام أهلي بنغازي على التعاقد مع شخصي جاء بمحض الصدفة.بعد الخيبة التي مُني بها المنتخب الأولمبي هل يمكننا أن نعلق آمالا جديدة على المنتخب الأول؟أظن أن اللاعبين المنتمين الى صفوف المنتخبات الوطنية لم يدركوا الى حدّ هذه اللحظة قيمة الألعاب الأولمبية ولكن لا ننسى كذلك أن كرة القدم أصبحت مهنة بالنسبة الى اللاعب لذلك كان من المنطقي أن تتمّ مراجعة الامتيازات الخاصة باللاعبين إذ لا يعقل أن يتقاضى اللاعب من فريقه أضعاف ما يتحصل عليه في المنتخب الوطني أما بالنسبة الى المنتخب الأول فأظن أن عناصرنا الدولية استعادت جانبا كبيرا من ثقتها بنفسها وبالرغم من صعوبة المهمة التي تنتظرنا أمام منتخب «مالاوي» فإنني أظن أن المنتخب الوطني سيستفيد كثيرا من العمل الذي يقوم به الاطار الفني للمنتخب بقيادة سامي الطرابلسي خاصة في ظل تواجد فريد بن بلقاسم صاحب الخبرة الكبيرة هذا بالاضافة طبعا الى نزار خنفير.ما حكمك على مردود فريقك السابق الترجي الرياضي في مسابقة رابطة أبطال إفريقيا؟أظن أن الترجي الرياضي تحسّن على مستوى الاستحواذ على الكرة وذلك منذ قدوم المدرب نبيل معلول ولكن لاحظت أن الفريق كثيرا ما يتعرض الى حالة من التراخي أثناء بعض الفترات من المقابلات التي يخوضها وقد حدث هذا الأمر في أكثر من مناسبة سواء في البطولة أو كذلك في رابطة الأبطال الافريقية إذ أنه من غير المعقول أن يكتفي الترجي الرياضي باللعب في مناطقه لمدة 18 دقيقة إذ لا بدّ من مراجعة هذا الأمر خاصة أن الترجي عادة ما يتحصل على فرصة انهاء المقابلة بصفة نهائية لفائدته ولكنه لا يفعل..هل من امكانية لعودتك مجددا الى حديقة المرحوم حسان بلخوجة كمدرب؟سبق وان اتصلت بي هيئة الترجي الرياضي في السابق لأشغل خطة مدرب مساعد لمدرب الفريق «دي مورايس» آنذاك ولكنني رفضت بحكم التزامي مع فريق جندوبة الرياضية خلال تلك الفترة كما أنني أريد أن أكون المدرب الأول لذلك فإنني أؤكد أن فرضية عودتي الى الترجي ستكون مطروحة إذا تلقيت عرضا من هيئة النادي لأتولى مهمة المدرب الأول للفريق.وقع الاجماع على أن رحلة البحث عن خليفة طارق ثابت مازالت متواصلة الى حدّ هذه اللحظة، فكيف تفسّر ظاهرة غياب ظهير أيمن متميّز حتى وإن تعلق الأمر بفريق الترجي الرياضي؟أعتقد أن سامح الدربالي بإمكانه أن يقدم مردودا محترما في الجهة اليمنى في صورة قيامه بتهذيب طريقته في اللعب وأعتقد أن الاشكال الحقيقي يتمثل بالأساس في عدم قدرة فروع الشبان على تجهيز لاعب بمواصفات محترمة للتعويل على خدماته في هذا المركز إذ أنه من غير المنطقي أن ينفق فريق مثل الترجي المليارات على أصناف الشبان دون أن نعثر على ظهير أيمن متميز.نترك لك كلمة الختام.. فماذا تقول؟أقول إني أضطلع بدور المربّي قبل المدرب لذلك أرفض انتهاج السلوك الانفعالي مثلما يفعل بعض المدربين.