«..أنت تونسي وعليك أن تموت ..» بعدها انطلقت من مسدس ضابط كتائب القذافي طلقتان استقرتا في جمجمة محمد بن الشاذلي بن طاهر الدريدي ..مشيئة الرحمان فقط شاءت أن ينجو الثائر من الموت المحقق وهو يقيم حاليا بإحدى المصحات الخاصة بصفاقس .. فاتورة العلاج بلغت ال18 مليونا و العائلة التونسية المقيمة بليبيا غير قادرة على الخلاص .. هذه هي العناوين الرئيسية لهذه الحادثة التي تحولت إلى حديث القاصي و الداني بصفاقس بعد أن انتشر خبر عجز العائلة «التونسية الليبية» على عدم قدرتها على دفع مصاريف علاج شاب محسوب على الثوار أراد ضابط من الكتائب قتله ربما بسبب مواقف الشعب التونسي المناصرة لثوار ليبيا ..و للواقعة بداية .. ثوار و كتائب البداية تنطلق من طرابلس العاصمة الليبية أو آخر المدن التي سقطت بين أيادي الثوار، في هذه المدينة المطلة على البحر الأبيض المتوسط تعيش عائلة المصاب محمد، وحتى نبسَط المسائل نقول إن محمد من أب تونسي وأم ليبية، وهو مولود في القطر الليبي الشقيق ومقيم هناك، جنسيته تونسية وجواز سفره تونسي وهو فخور بذلك .. في يوم 4 أوت الجاري ، نجح ضابط من كتائب الثوار في استدراج محمد الدريدي المحسوب على الثوار باعتباره من «الجبل الغربي» ووضع المسدس مباشرة صوب رأسه و قال له حرفيا «..أنت تونسي وعليك أن تموت ..»، ودون شفقة أو رحمة ضغط على زناد مسدسه في مناسبتين كانتا كافية ليسقط محمد أرضا بلا حراك .. الجميع ظن أن ابن «الجبل الغربي» محمد فارق الحياة بمسدس ضابط معسكر اللواء 32 المحسوب على القذاذفة، لكن مشيئة الرحمان شاءت أن ينجو الشاب بعدما تم نقله إلى مستشفى الحوادث أبو سليم بطرابلس حيث تلقى الإسعافات الأولية، لكن ظروف المستشفى اللوجستيكية من نقص الأدوية والانقطاع المتكرر للنور الكهربائي لم تكن لفائدة المصاب .. ساءت الحالة الصحية لمحمد و كان لزاما نقله إلى تونس لتلقي الإسعافات في بلده الأصل ، البلد المتطور طبيا والمساند للثوار و للقضايا العادلة بعد ثورة 14 جانفي ، للوصول إلى تونس لابد من كراء سيارة إسعاف ، و فعلا تم ذلك بألف و 500 دينار ، ووصلت سيارة الإسعاف إلى صفاقس توقف صاحبها أمام مصحة خاصة نجح طاقمها الطبي في إنقاذ حياة محمد بعد إجراء عمليات جراحية متعددة و دقيقة لاستئصال بقايا الرصاص التي استقر جزء منها في جمجمة المصاب .. حرقتان ..وحلول غائبة فاتورة المصحة الخاصة قاربت ال18 ألف دينار و العائلة التونسية المقيمة بليبيا غير قادرة على دفع معلوم الفاتورة لذلك كان لزاما نقل المصاب للمستشفى الجامعي بصفاقس ، لكن كل محاولات تدخل الأم لم تكلل بالنجاح ، فالمصاب لا هو بالمواطن الليبي حتى يتمتع بالإمتيازات الممنوحة له في هذه الفترة ، و لا هو بالتونسي – حسب بعض المسؤولين – حتى يتمتع بالإمتيازات التونسية ، و النتيجة أم ملتاعة بحرقتين حرقة ابنها الذي أصيب برصاص الكتائب ليدفع فاتورة الموقف التونسي المشرف ، و حرقة على عدم قدرتها على خلاص ال18 ألف دينار و بقية المصاريف التي مازالت تتضخم نتيجة لخطورة الإصابة و التي تستوجب المزيد من المصاريف والعلاج المتواصل .. هي لا تسأل المسؤولين إلحافا للتدخل لفائدة إبنها ، لكنها تود أن تجد مخرجا من هذه البلية في هذا الشهر المبارك فأم محمد التي تحدثت إلينا برفعة رغم ظرفها الخاص ، على ثقة من تدخل عاجل من والي صفاقس أو وزارة الشؤون الإجتماعية أو الصحة أو غيرها من هياكل الدولة التي اعترفت بالمجلس الإنتقالي الليبي و المطلوب الإعتراف بأحد أبنائها و مداواته و العناية به صحيا و نفسانيا .. بقي أن نشير إلى أننا و في إطار زيارتنا إلى المصاب المقيم بالمصحة الخاصة بصفاقس ، و بعد أن فشلنا في التحدث إليه ، علمنا أن وضعيته بالرغم من انها حرجة ،فإن أمل نجاته قائم وهو ما نسأل العلي القدير في هذا الشهر الكريم ..