صور ومقاطع فيديو كثيرة تناقلتها صفحات الموقع الاجتماعي عن المواجهات التي تحدث في لمبيدوزا الإيطالية بين المهاجرين التونسيين وقوات الأمن مما خلف عدة ضحايا. كان آخر هذه الأحداث انطلاق مئات التونسيين من مركز إيواء في الجزيرة الإيطالية الأكثر شهرة بعد أن تحولت إلى نقطة وصول لآلاف المهاجرين، وتفيد المعلومات التي تقاسمها التونسيون على صفحاتهم أن مئات المهاجرين قد علموا منذ منتصف سبتمبر أن الحكومة الإيطالية سوف ترحهم خلال أيام إلى تونس، لذلك طالبوا في حركات جماعية بنقلهم من جزيرة لمبيدوزا إلى مراكز إيواء داخل القارة الأروبية. وفي الواحد والعشرين من الشهر، تعقدت الأزمة وبدا المهاجرون التونسيون في الجزيرة على وشك الانفجار إلى أن قرروا الهروب بشكل جماعي والانطلاق في الجزيرة وهو ما صورته العديد من وكالات الأنباء. وفي هذا المجال تم تناقل مقطع فيديو مثير من قناة سويسرية شهيرة يصور مئات التونسيين يقفزون فوق الجدران ويواجهون أعوان الشرطة الإيطالية التي استعملت ضدهم الغاز المسيل للدموع والهراوات في محاولة السيطرة عليهم وإعادتهم إلى حيث كانوا في مركز الإيواء. وهكذا حدثت مواجهات دامية سقط فيها عدة مصابين وأجمعت ومصادر الأخبار أن عشرة تونسيين على الأقل قد تعرضوا لإصابات بليغة تطلبت العلاج. وسريعا ما وجدت هذه الصور ومقاطع الفيديو طريقها إلى المنتديات والصفحات التونسية مع تعاليق ونداءات تدعو الجمعيات المستقلة والأحزاب إلى متابعة هذه القضية الشائكة، وكتب آخرون ساخرين إن زعماء السياسية في تونس لا تعنيهم سوى الكراسي ومناصب الحكم، وأن المهاجرين الذين لا يظهرون على شاشة التلفاز ليس لهم سوى الله. وكتب حقوقيون أن هؤلاء المهاجرين، أيا كانت ظروفهم تجاه القانون الإيطالي يبقون مواطنين تونسيين دفعتهم الحاجة والبطالة على مدى سنوات طويلة إلى المغامرة بأرواحهم في البحر من أجل لقمة العيش. وكتب ناشط من القصرين أن شباب غرب البلاد أصبح مخيرا بين نهايتين مؤسفتين: إما أن يرمي بنفسه في البحر على أمل أن يصل إلى شواطئ أوروبا للعمل في المزارع والمصانع السرية، أو أن ينتحر في مدينته مثلما حاول عدد من شباب القصرين شنق أنفسهم مؤخرا بسبب الإحباط. وسريعا ما تجد قضية هؤلاء المهاجرين من يحولها على الموقع الاجتماعي إلى قضية وطنية، مذكرا بأنها ثمرة الانخرام الكبير في توزيع الثروة في البلاد وللانتشار المذهل للرشوة والوساطة والمحسوبية العائلية في الإدارة. وكتب أحد المحامين الناشطين في المجتمع المدني أن الدولة التونسية مجبرة على قبول إعادة هؤلاء بحكم اتفاقية مع إيطاليا، لكن هؤلاء الذين استدانوا وباعوا ما بقي من مصوغ أمهاتهم ليصلوا إلى لمبيدوزا ليسوا مستعدين للعودة إلى تونس، بل هم جاهزون لاقتراف أية مغامرة أخرى لإتمام الرحلة ولو تكلف الأمر المواجهة العنيفة مع الأمن الإيطالي أو رمي أنفسهم في البحر ثانية.