لم يكن اكتساح صورة المناضل اليساري تشي غيفارا لصفحات الموقع الاجتماعي منذ يوم أمس صدفة ولا مفاجأة، لأن يوم التاسع من أكتوبر يوافق الذكرى 44 لوفاته، لذلك «استدعاه» شباب الثورة التونسية للحضور. يكتب محام من الجيل القديم في صفحته، أن استحضار شباب الثورة لشخصية «الثائر الأممي» تشي غيفارا يعتبر مفاجأة سارة له ولأنداده ممن ناضلوا أعوام الستينات والسبعينات، بعدما انتشرت في الأعوام الأخيرة أغاني الميوعة والأفكار السطحية نتيجة الثقافة الرسمية القائمة على الفراغ. وهكذا، جعل الشباب خصوصا الجامعي، ينشر صورا شهيرة لهذا الطبيب الأرجنتيني الذي أصبح مواطنا عالميا حارب مع الفلاحين والعمال في أغلب دول أمريكا اللاتينية وإفريقيا إلى أن تحول إلى رمز للنضال ضد الاستعمار والشركات الاحتكارية. كما تم نشر خطب شهيرة له مثل الخطاب الذي ألقاه في الجزائر في ندوة التضامن الآسيوي- الأفريقي في 22 فيفري 1965 باسم دولة كوبا، بالإضافة إلى مقولاته الحماسية التي ما تزال تلهب المشاعر وتجد لها صدى لدى شباب الثورة التونسية مثل مقولته الشهيرة: «إن تقدمت فاتبعوني وإن توقفت فادفعوني وإن تأخرت فقد خنت فاقتلوني». كما تم تقاسم ونشر أغنية الشيخ إمام «غيفارا مات» وأغان ثورية أخرى كثيرة بعدة لغات تتغنى بشخصية هذا الثوري الذي تحول إلى رمز. وينقل الشباب سريعا مضمون هذه المقولات إلى الواقع التونسي وتفاصيل الانتخابات والمنافسات التي لا تتوقف بين الأحزاب والتيارات الفكرية. ورغم أن تشي غيفارا يحسب تاريخيا على التيار الماركسي الثوري، فإنه يجد قبولا لدى الجميع من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين. بعضهم مثل أنصار حزب العمال الشيوعي يسميه تحببا بكنية «الكوماندنتي»، وهي الصفة الحربية التي عرف بها أيام زحفه بجيوش الثورة على الجنرال باتيستا حاكم كوبا، والبعض الآخر من الإسلاميين مثلا لا يجد حرجا في الترحيب به بصفته مناضلا ثوريا ضد الظلم والاضطهاد، «لا تنقصه سوى الشهادة لكي يكون أميرا جهاديا في الإسلام»، كما يكتب ناشط إسلامي. وعلى الموقع، أحصينا عشرات الصفحات التي تحمل اسم «غيفارا»، بالإضافة إلى العديد من الشباب الذي يتخذ اسمه كنية له، كما لاحظنا أن العديد من الصفحات تتجاوز الاحتفاء بهذا القائد إلى الدعوة إلى تمجيد شهداء الثورة التونسية بصفتهم أبطالا حقيقيين لا أحد اهتم بهم أو حاول تخليد ذكراهم. وتم تقاسم خبر من صفاقس يعلن أن النادي الثقافي «غسان كنفاني» ينظم أمسية ثقافية لإحياء ذكرى استشهاد المناضل الأممي تشي غيفارا بالمركب الثقافي محمد الجموسي بالتعاون مع جمعية شباب المكتبة الشعبية ونادي سينما الأرض وذلك يوم الجمعة 7 أكتوبر 2011 على الساعة الرابعة مساء بفضاء المركب. وكتب ناشط يساري من صفاقس تعليقا على هذا الخبر: «لك شيءٌ في هذا العالم يستحق القيام، فقُم»، ثم يوضح أن ذلك ليس من كلامه، بل مقولة أخرى لتشي غيفارا.