نظرت صباح أمس احدى الدوائر الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس في قضية مخدرات من الحجم الثقيل تورط فيها أربعة شبان بعد اتهامهم بالتوريد والتصدير والتهريب والتوسط والترويج ونقل وحيازة مادة مخدرة مدرجة بالجدول «ب» وتكوين عصابة قصد ارتكاب جرائم مخدرات. وحسب وقائع هذه القضية التي ضبط فيها ناقل البضاعة فى احدى مدن الضاحية الشمالية بالعاصمة متلبسا بالمحجوز الذي تمثل في ما يقارب 30 كلغ من المادة المخدرة فإن هذا الأخير وهو شاب في الثلاثينات من العمر يشتغل سائق سيارة أجرة، استلم كيسا تضمّن كمية هامة من المخدرات وطلب منه ايصالها الى جهة قمرت شمالي العاصمة ليجد شخصا آخر في انتظاره فيقوم بتسليمه البضاعة مقابل حصوله على عمولة إلا أن أعوان الأمن وأعوان فرقة مقاومة المخدرات أحبطوا المشروع منذ بدايته، اذ تمكنوا من القاء القبض على هذا الشاب وطلبوا منه فتح الصندوق الخلفي للسيارة فعثروا بداخله على الكيس، فقاموا بفتحه لتكون المفاجأة حيث عثروا على كمية كبيرة من المواد المخدرة قدرت بما يتجاوز المليار من المليمات التونسية. وبسؤاله عن مصدر هذه البضاعة، أجابهم بأن شخصا استوردها من احدى الدول المجاورة وهو من طلب منه ايصالها وأفاد بأنه انطلق من باب الفلة بالعاصمة متوجها الى جهة قمرت. فإقتاده أعوان الأمن ليدلهم على مكانه، وبالفعل استجاب لذلك. اذ تنقل صحبة الأعوان الى جهة سيدي البشير وسط مدينة تونس وظلوا يبحثون عن الشخص الذي زوّد سائق التاكسي حتى دلهم عليه المتهم الذي حجزت لديه البضاعة وعندما همّ المحققون بالقاء القبض عليه استل موسى من بين طيات ثيابه وأشهرها في وجههم محاولا الفرار. إلا أنهم تمكنوا من شّل حركته واعتقاله، كما توجه المحققون الى أحد الأحياء الأخرى بالعاصمة حيث ألقوا القبض أيضا على المتهم الثالث وواصلوا أبحاثهم الى أن تمكنوا من ايقاف المتهم الرابع وهو كهل في الخمسينات من العمر. وبالتحرير عليهم اعترفوا بما نسب اليهم فيما أنكر أحدهم معرفته بباقي أفراد المجموعة اذ أفاد بأنه قدم من احدى مدن الشمال الغربي لقضاء بعض من شؤونه الخاصة، ومن سوء حظه على حد تعبيره أنه كان يرتدي بدلة زرقاء لها نفس الصفات التي ذكرها سائق التاكسي وتمسك بالانكار!! المتهمون الثلاثة، اعترف كل منهم بدوره في الجريمة وأفادوا أنهم كانوا يريدون بيعها الى شخص من بلد مجاور بمبلغ مالي مرتفع وأن شخصا آخر من بلد مجاور أيضا هو الذي كان يدير العملية عبر الهاتف، وقد كلف أحدهم بتهريب كمية المخدرات المحجوزة ونقلها الى العاصمة تونس ثم التصرف فيها لاحقا. وبعد أن أنهى المحققون تحرياتهم تمت احالة المتهمين على أنظار أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية حيث تمسك أحدهم بأقواله التي أدلى بها لدى باحث البداية منكرا علاقته بباقي أفراد العصابة، فيما تراجع باقي المتهمين عن اعترافاتهم المسجلة عليهم وحاول كل منهم التهرب من المسؤولية كما أفاد سائق التاكسي الذي حجز لديه كمية المواد المخدرة أنه لم يكن على علم بوجودها في الصندوق الخلفي للسيارة وأنه تصورها بضاعة أخرى كلف بايصالها مقابل مائة دينار بعنوان أجرة كما أفاد أحد المتهمين بأن المجموعة التي ألقي عليها القبض مختصة في تهريب أجهزة «البارابول» وأنه ليست لها أي علاقة بتهريب وترويج المخدرات. وبعد التحقيق والتحرير مع المتهمين وجهت اليهم النيابة العمومية تهم التوريد والتصدير والتهريب والتوسط والترويج ونقل وحيازة مادة مخدرة مدرجة بالجدول «ب» وتكوين عصابة قصد ارتكاب سلسلة من جرائم المخدرات ولأحدهما حمل سلاح أبيض والتهديد به، وأصدرت في شأنه بطاقة ايداع بالسجن ثم أحال قاضي التحقيق ملف القضية على انظار دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس التي أبدت قرار ختم الأبحاث وفصول الاحالة وأحالتهم بالحالة التي هم عليها على الدائرة الجنائية المختصة بابتدائية العاصمة لمقاضاتهم من أجل ما نسب اليهم. وبمثولهم أمس أمام هيئة المحكمة تمسك كل بأقواله التي أدلى بها لدى قلم التحقيق مؤكدين على براءتهم وعدم انخراطهم في ميدان المخدرات ولا في العصابات المتخصصة في تهريبها. وساندهم في ذلك لسان الدفاع الذي تساءل أمام هيئة المحكمة عن غياب مدبر العملية الذي يدير جرائمه من الخارج عبر الهاتف وكذلك عن غياب الأجنبي الثاني الذي قيل أنه سيشتري كامل الكمية من المواد المخدرة واعتبر لسان الدفاع أن العديد من الطعونات الشكلية والاجرائية يمكن أن تخل في توازن واكتمال القضية ودافع المحامون في اتجاه براءة منوبيهم، ليطلب بعضهم القضاء بعدم سماع الدعوى ويطلب البعض الآخر الحكم بالبراءة أصليا واحتياطيا توجيه تهمة التوسط في ترويج مواد مخدرة مدرجة بالجدول «ب». وطالب المحامون من هيئة المحكمة اسقاط تهمة تكوين عصابة بقصد ارتكاب سلسلة من جرائم المخدرات لعدم توفر أركانها القانونية، ومن جهة ثانية طالبت النيابة العمومية بالمحاكمة وفقا لقرارات الاحالة لتقر الهيئة القضائية في الختام بحجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم في وقت لاحق.