الكاف الشروق : في مدينة الكاف كان واضحا منذ الصباح أن جلسة هذه المحاكمة لن تكون عادية، فقد تعززت الطرقات نحو المدينة، مثل طريق تونس وطريق جندوبة وكذلك مداخلها وأماكنها الحساسة، بالدوريات الامنية والعسكرية المكثفة كما شهد أيضا مقر المحكمة العسكرية حراسة مشددة وتنظيما محكما لدخول المحامين والصحفيين والعائلات المعنية.
استثنائية
كان كل ذلك حسب ما صرحت به مصادر ل «الشروق» باعتبار أن القضية من الوزن الثقيل وتهم العدد الاكبر من ضحايا أحداث الثورة (القصرين وتالة وتاجروين والكاف والقيروان) حيث تشمل هذه القضية ما لا يقل عن 23 شهيدا وفق ما صرح به لنا السيد الحنيفي الفريضي منسق مجموعة محاميي القصرين الذين ينوبون عائلات الشهداء وعددهم حوالي 35 محاميا . وكل هؤلاء الشهداء والجرحى سقطوا اثر اصابتهم بالطلق الناري أثناء احتجاجات الثورة وخاصة أيام 11 و12 و13 و14 جانفي 2011 عندما بلغت الاحداث ذروتها في تلك الجهات وقوبلت باطلاق الذخيرة الحية على المواطنين هناك كما يعود ثقل القضية أيضا إلى كونها تهم كبار المسؤولين الأمنيين السابقين بمن فيهم آخر وزيري داخلية في عهد بن علي (الحاج قاسم وفريعة) وكذلك مديرين أمنيين وضباط ومدير الأمن الرئاسي السابق السرياطي وكذلك الرئيس المخلوع بن علي.
وقال الأستاذ الفريضي إن لسان دفاع العائلات المتضررة يعتبر أن عدد المتهمين منقوص جدا لأنه يوجد متهمون آخرون من الأمنيين لم تشملهم الأبحاث ويجب إضافتهم لقائمة المتهمين.
أما الجانب الآخر لاهمية الحدث فهو المتعلق بتحرك النقابات الأمنية التي أكدت في بيان يوم السبت الماضي أنها قررت مقاطعة جميع المحاكمات العسكرية إلى حين توفر محاكمات عادلة للأمنيين المودعين بالسجون وتفادي التشهير بهم عبر وسائل الاعلام وتفادي المحاكمات الشعبية (على خلفية دعوة عائلات الشهداء والمصابين حضور المحاكمة) لأن ذلك قد يحدث ضغطا بامكانه ان يؤثر على القضاء، ودعت النقابات في البيان نفسه إلى تنفيذ وقفة احتجاجية أمام المحاكم وامام المحكمة العسكرية بتونس وعدم تامين الجلسات في المحاكم.
12 من 22 فقط حضروا
بتهم القتل العمد مع سبق الاضمار والترصد ومحاولة القتل مع سابقية القصد والمشاركة في القتل وفي محاولة القتل و العنف الصادر عن موظف عمومي حال مباشرته لوظيفته دون موجب والقتل عن غير قصد الواقع عن قصور وعدم احتياط، أحيل امس أمام الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بالكاف 22 متهما، 9 بحالة ايقاف و12 بحالة سراح.
وقد أحضر كل المتهمين الموقوفين وعددهم 9 فيما لم يحضر المتهمون المحالون بحالة سراح سوى 3 من جملة 12 بعضهم بحالة فرار والبعض الآخر احتجاجا على طريقة المحاكمة.
سجلت المحكمة حضور كل عائلات الشهداء والجرحى، بعضهم حضر بقاعة الجلسة والبعض الآخر بخيمة تم نصبها خصيصا بساحة المحكمة لمتابعة الجلسة عبر الشاشات، وقد استدعى القضاء العسكري كل المتضررين وفردا من عائلة كل شهيد.
وحضر أيضا عدد كبير من المحامين بعضهم لنيابة المتهمين والبعض الآخر لنيابة عائلات الشهداء والجرحى قصد تقديم طلباتهم في القيام بالحق الشخصي، وأغلبهم من «مجموعة محاميي القصرين» الذين تعهدوا بالدفاع مجانا في هذه القضايا إلى حين انتهاء البت فيها من القضاء. وقال الاستاذ رمزي بوعزي أحد محاميي القصرين في هذا المجال أن القرار جاء بعد اجتماع جميع محاميي الجهة بالتنسيق مع عمادة المحامين وتم الاتفاق على مبدإ النيابة المجانية بعد أن لاحظوا ان محامين من جهات أخرى حاولوا استغلال الوضع وعرضوا خدماتهم على عائلات الشهداء والجرحى بمبالغ مرتفعة. وتم للغرض تكوين لجان مختلفة للترافع ولتقديم التقارير ولغيرها من الاجراءات.
طلب تأخير
انطلقت الجلسة بمناداة رئيس الدائرة القاضي نبيل الماجري على المتهمين في القضية، وقدم كل منهم نفسه وبالتوازي مع ذلك يقدم المحامي المكلف بالدفاع عنه طلباته والتي جاءت كلها بطلب التأخير لمزيد الاطلاع على ملف القضية واعداد وسائل الدفاع، إضافة إلى طلب محاميي المتهمين المحالين بحالة سراح الذين لم يحضروا التأخير في انتظار السعي لاحضارهم.
وللتذكير فان القضية تعهد بها في البداية قاضي التحقيق بمحكمة القصرين بناء على شكاوى في القتل العمد مع سبق الترصد وفي محاولة القتل العمد مع سبق الترصد وفي المشاركة في ذلك وفي العنف.. ضد الرئيس السابق ووزيري الداخلية السابقين ومسؤولين أمنيين وكل من سيكشف عنه البحث. وقد تخلى قاضي التحقيق بالقصرين عن القضية بموجب القانون لفائدة قاضي التحقيق العسكري بالكاف فختم البحث فيها وأحالها على دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بالكاف التي أقرت قرار ختم البحث هذا وأصدرت قرارا باحالة المتهمين على الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بالكاف، وطعن فيه المتهمون أمام محكمة التعقيب لكن هذه الأخيرة رفضت الطعن وتقرر تبعا لذلك نشر القضية امام الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية العسكرية بالكاف مثلما قضت بذلك دائرة الاتهام، وحُدد ذلك ليوم 28 نوفمبر.
وخُصصت جلسة أمس التي تواصلت إلى ساعة متأخرة من النهار للاستماع لأقوال المتهمين ولاجراء مكافحة بينهم من حين لآخر و للاستماع لطلبات الدفاع من الجانبين.
وقد أدلى كل متهم بأقواله ومنهم من تمسك بالأقوال التي أدلى بها أمام قاضي التحقيق وامام دائرة الاتهام ومنهم من أضاف معطيات جديدة بعد الأسئلة الموجهة لهم من رئيس الجلسة.
وقد رفعت الجلسة في تمام الخامسة مساء وتقررت إعادة النظر في القضية في جلسة 12 ديسمبر القادم.
وستجيب المحكمة عن مطالب الافراج المؤقت على المتهمين في ساعة متأخرة من ليلة أمس.
هوامش
انطلقت الجلسة على الساعة العاشرة و45 دقيقة صباحا أي بتاخير حوالي 45 دقيقة وذلك في انتظار حضور متهمة في هذه القضية (إطار أمني سابقا) من السجن المدني بلاريجيا (بجندوبة). تم جلب بقية المتهمين في القضية من سجون ايقافهم بتونس العاصمة في ساعة مبكرة تحت حراسة عسكرية مشددة على طول الطريق. منذ الصباح الباكر شوهدت قافلات السيارات والشاحنات والحافلات العسكرية قادمة من العاصمة في اتجاه الكاف من أجل التعزيزات الأمنية وأيضا لجلب المتهمين. تم أثناء فترة الاستراحة داخل المحكمة توزيع سندويتشات وقوارير ماء على عائلات الشهداء والضحايا وعلى المحامين والصحفيين من قبل العسكريين بالمحكمة. طوال الجلسة كانت عائلات الشهداء ترفع صور أبنائها المتوفين أمام وسائل الاعلام والمحامين وهيئة المحكمة. كما تحدث عدد كبير منهم ومن محاميهم لوسائل الاعلام، وأدلى أيضا محامو المتهمين بتصريحات صحفية. سجلت الجلسة حضور عدد من وسائل الاعلام الوطنية والأجنبية. بشهادة الجميع ن تمكن القاضي السيد فوزي الماجري من التحكم في الجلسة بكل هدوء عبر أسئلة دقيقة للمتهمين وعبر القبول بتدخلات المحامين من حين لآخر والاستماع إلى ملاحظات بعض عائلات الشهداء الملتاعة وفي كل مرة يطلب منهم بكل لطف الهدوء لربح الوقت ولحسن سير الجلسة، وهو ما استجاب له الجميع. بعد 18 دقيقة من انطلاق الجلسة طلب رئيس المحكمة من الصحفيين ايقاف آلات التصوير والتسجيل، ومنذ بداية الجلسة تم التنبيه على الحاضرين بعدم التصوير بالهواتف الجوالة وهو ما استجاب له الحضور. في الشارع الذي تقع به المحكمة العسكرية تجمهر منذ الصباح عدد كبير من المواطنين للاطلاع على ما يحدث بعد أن شاهدوا التعزيزات الأمنية والعسكرية الكبيرة بالمكان. شهدت الجلسة مناوشات طفيفة بين محاميي المتهمين من جهة ومحاميي عائلات الضحايا والجرحى من جهة أخرى اثر مداخلة الأستاذ منير بن صالحة محامي أحد المتهمين وردد محامو المتضررين شعارات « أوفياء لدماء الشهداء» طويلا. عند انتهاء الجلسة في حدود الساعة 5 مساء رددت عائلات الشهداء شعارات تنادي بضرورة محاسبة المتهمين بقتل أبنائها. الأستاذ بن صالحة أثار طلبا يتمثل في ضرورة فتح بحث وتحقيق مع النيابة العمومية بالقصرين التي لم تبادر أثناء أحداث الثورة بفتح تحقيق من تلقاء نفسها في ما جرى. كما أنها غضت الطرف عن عمليات دفن الشهداء دون اذن منها وكان عليها حسب الأستاذ بن صالحة إثارة ذلك أيام الثورة.
المتهمون بحالة سراح
زين العابدين بن علي ( لم يحضر) أحمد فريعة حضر المنصف العجيمي لم يحضر نعمان العايب لم يحضر عياش بن سوسية لم يحضر خالد المرزوقي لم يحضر وائل الملولي لم يحضر أيمن الكوكي حضر محمد بنحولة لم يحضر الحسين زيتون لم يحضر خالد بن سعيد حضر الذهبي عابدي لم يحضر المنصف كريفة لم يحضر
المتهمون بحالة إيقاف
رفيق قاسمي ( بلحاج قاسم ) العادل التيويري علي السرياطي يوسف عبد العزيز وسام الورتتاني ربح السماري جلال بودريقة لطفي الزواوي بشير بالطيبي