تحضيرات واستعدادات كبرى شهدتها مدينة سيدي بوزيد خلال الاسابيع الفارطة وتحديدا يوم امس حيث غص الشارع الرئيسي بالمواطنين والشباب الذي انغمس جميعهم في وضع اللمسات الاخيرة استعدادا للساعة صفر من ليلة البارحة هذه الساعة حددت كموعد وتوقيت لانطلاق فعاليات الدورة الاولى لثورة 17 ديسمبر. هذا وعلاوة على تعليق الاعلام التونسية والعديد من اللافتات على طول الشارع الرئيسي الذي سيحتضن تقريبا جل الانشطة المبرمجة من عروض سينمائية وموسيقية وشعر فقد استقطبت عملية تركيز النصب التذكاري لعربة الشهيد محمد البوعزيزي يوم أمس الاعداد الكبيرة من المواطنين الذين تجمعوا حوله. كما سجلنا ايضا حلول العديد من الوفود الاعلامية من اذاعات وتلفزات لتغطية هذه الدورة. هذه الاحتفالات بالعيد الاول لثورة 17 ديسمبر 2011 اعادت الى اذهاننا تلك الايام والليالي التي قضاها اهالي سيدي بوزيد شبابا ونساء ورجالا يقارعون آلة قمع نظام بن علي، هاهم اليوم يقبلون بهمة وحماس على الكتابة على الجدران من جديد والتنقل في شوارع المدينة في مجموعات ترفع الاعلام وتردد الاهازيج والاغاني الثورية وتطلق شماريخ الفرح وفي نفس الوقت تشتغل مجموعات اخرى على تعليق اللافتات الخاصة بالصور والشعارات الثورية الى جانب ثلة من الرسامين المنكبين على المجسم التاريخي لعربة البوعزيزي التي بفضلها تدحرجت كراسي حكام تونس وليبيا ومصر . الكل في سيدي بوزيد يساهم بطريقته في هذه اللحظة التاريخية التي يتم فيها التوثيق للثورة . «الشروق» التقت سالم شقيق الشهيد محمد البوعزيزي الذي كان منغمسا في مساعدة شباب الجهة في وضع اللمسات الاخيرة لانطلاق فعاليات الدورة الاولى لثورة 17 ديسمبر بين من يعلق اللافتات ومن يقوم بطلاء الارصفة والجدران وآخرون ينصبون الخيام. الكل في حركية متسارعة وفي سباق مع الوقت وتحديدا مع الموعد المحدد بالساعة الصفر موعد الانطلاقة الرسمية للاحتفالات التي سيتم من خلالها اطلاق الشماريخ واضاءة الشموع.
اقتربنا منه فاستهل حديثه معنا بأن هذا الاحتفال هو ذكرى لشقيقه محمد البوعزيزي، ذكرى اندلاع شرارة ثورة الحرية والكرامة وقال ان شقيقه ليس الشهيد الوحيد ولا الاول باعتبار ان هناك عديد الشهداء الذين ارتوت بدمائهم ارض تونسنا الطيبة ولكنهم للاسف الشديد لم يجدوا الحظوة الكافية في زمن حكم الدكتاتور بن علي الذي صخر من جنوده دعاة لمصلحته الخاصة واسكت افواه الجميع على عكس البوعزيزي الذي وجد سندا متينا وراءه وذلك من خلال تلك الرسالة التي وجهها للمسؤولين وتلقفها الاهالي لينطلقوا متدافعين رافضين لكل اشكال الظلم والتهميش وسياسة القمع والاقصاء لينتهوا الى تفجير بركان لم يصمد امامه بن علي الذي خير الهرب لينتقل ربيع الثورات العربية فيقصف بعض الرؤوس العربية الحاكمة . واضاف سالم ان هذه الاحتفالات هي بمثابة العيد الوطني للحرية والكرامة الذي اناره شقيقي باضرام النار في جسده في مثل هذا اليوم لتتحول عربته الى رمز تذكاري يحتذى عالميا. واشار الى ان 14 جانفي الذي أرخه بقايا النظام السابق واعتبروه تاريخا للثورة التونسية ليس الا محطة من محطات الثورة تزامن مع هروب المخلوع. وعليه فان الثورات مثل المواليد تؤرخ بيوم ميلادها . احياء الذكرى الأولى لاندلاع الثورة في 17 ديسمبر هي فكرة انطلقت بمبادرة من المناضلين الذين وقفوا أمام القمع البوليسي والاستبداد وعانوا الحصار والمضايقات من طرف النظام المنحل وهم من كانوا في الصفوف الأولى مباشرة اثر حادثة البوعزيزي التي جدت أمام مقر الولاية وهي نفس الوجوه التي شاركت في اعتصامات القصبة 1 والقصبة 2» ذلك ما أفادنا به المحامي خالد عواينية احد أعضاء اللجنة المنظمة ليضيف مؤكدا انه وبقية المشرفين آمنوا بمقولة أن الأسباب الحقيقية لاندلاع الثورة هي التشغيل والحق في التنمية العادلة وهذه الثورة لم تحقق شيئا الى حد الآن. ويعتبر الاحتفال بالذكرى الأولى لثورة 17 ديسمبر مناسبة هامة لاعادة التلاحم بين المناضلين والعودة من البدء. ومن جانبه بين السيد يوسف جلالي عضو لجنة الاعلام انه وبهذه المناسبة ستستقطب المدينة ضيوفها بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية وسيكون من بينهم ضيوف من الوزن الثقيل على غرار الاستاذ جيلبار الاشقر (بريطانيا)، الدكتور محمد صفار، أبو يعرب المرزوقي، الاستاذ قيس سعيد وسالم الابيض.. ومن الفنانين محمد بحر، سميح شقير، فريد سترنجينو (اسبانيا)، لطفي دوبل «كانون وبسيكو آم» ومجموعة كبرى من الشعراء من بينهم جمال الصليعي (من تونس ) وأحمد فؤاد نجم (مصر).