أخبار النادي الافريقي.. استقرار في التشكيلة.. «بيكورو» يقاطع التمارين والرميكي ينشد الرحيل    طقس الجمعة 14 جوان 2024    لا يدخل الجنة قاطع رحم    منها الطاعة والتضحية والتكافل ..أحكام وآداب عيد الأضحى المبارك    منبر الجمعة .. الاهتمام بحُسْنِ المنظر سُنَّة نبوية    بعد أكثر من 20 ساعة: السيطرة على حريق مصفاة نفط في شمال العراق    بايدن يتهم "حماس" بتعطيل تنفيذ خطة وقف إطلاق النار في غزة    الوسلاتية.. السيطرة على حريق اندلع بجبل زغدود    اليمين المتطرّف يجتاح أوروبا.. أي تأثير على تونس ؟    قريبا إلغاء 33 ترخيصا إداريا    دعوة الى ترشيد استهلاك المياه    الإيقاع بالجاني في جريمة المرسى ...يقتل زميله في الشارع بسبب خلاف في العمل    فظيع في منوبة:شيخ ال «كتّاب» متورّط في اغتصاب ابنة ال 5 سنوات؟!    تكليف ربيعة بالفقيرة بتسيير وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية    خطة لإطلاق الجيل الخامس للاتصالات    مع الشروق .. تمويلات لتونس.. رغم «فيتو» صندوق النقد الدولي    البنوك تفتح شبابيكها غدا    الصحة السعودية تحذر الحجاج من أخطار التعرض لارتفاع حرارة الأسطح بالمشاعر المقدسة    سليانة: وضع 7 أطباء بياطرة على ذمة المواطنين للإجابة عن تساؤلاتهم وتأمين المراقبة الصحية البيطرية للأضاحي أيام العيد    تونس تسجل ارتفاعا في عجز ميزان الطاقة الى 6ر1 مليون طن مكافئ نفط مع موفي افريل 2024..    تونس توقع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الاوروبي لتعزيز امكانيات الاستثمار في الطاقات المتجددة    بنزرت: النيابة العمومية تأذن بفتح بحث تحقيقي من أجل القتل العمد في حادثة حريق منزل برفراف أسفر عن وفاة طفل    الكاف: تقدّم هام في مشروع تعبيد الطريق المؤدية الى مائدة يوغرطة الأثرية وتوقعات بإتمامه خلال شهر جويلية القادم    رهانات الصناعات الثقافية والإبداعية في الفضاء الفرنكفوني وتحدياتها المستقبلية محور مائدة مستديرة    كتاب.. لاهوت التعدّدية الدّينية ل عزالدّين عناية    وفاة عون أمن وإفريقي من دول جنوب الصحراء إثر مداهمة أمنية لأحد العمارات تأوي مجموعة من مهاجرين أفارقة    كأس أوروبا للأمم 2024: استخدام تقنية الحكم المساعد "الفار" سيكون مرفوقا بالشرح الاني للقرارات    كاس امم افريقيا المغرب 2025: سحب قرعة التصفيات يوم 4 جويلية القادم بجوهانسبورغ    165 حرفيا ومهندسا داوموا على مدى 10 أشهر لحياكة وتطريز كسوة الكعبة المشرفة    بطولة نوتينغهام: أنس جابر تواجه اليوم التشيكية ليندا فروفيرتوفا    ارتفاع حركة مرور المسافرين والشاحنات التجارية في معبر الذهيبة    تأييد قرار تمديد الاحتفاظ بمحرز الزواري ورفض الإفراج عنه    وزارة التربية تتثبّت من معطيات الأساتذة النواب خلال الفترة من 2008 الى 2023    باجة : اعتماد طائرات درون لحماية محاصيل الحبوب    الشركة الجهوية للنقل بنابل : برنامج إستثنائي بمناسبة عيد الإضحى    المرسى: بسبب خلاف في العمل...يترصد نزوله من الحافلة ليقتله طعنا    مرضى القصور الكلوي يستغيثون اثر توقف عمل مركز تصفية الدم بمستشفى نابل    تفكيك وفاق اجرامي للاتجار بالمنقولات الأثرية    توزر: الجمعية الجهوية لرعاية المسنين تحتفل باليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين    رابطة المحترفين تقاضي الفيفا بسبب قرار استحداث كاس العالم للاندية 2025    إستعدادا لكوبا أمريكا: التعادل يحسم مواجهة البرازيل وأمريكا    هكذا سيكون طقس اليوم الأوّل من عيد الإضحى    مفتي الجمهورية: "هكذا تنقسم الاضحية في العيد"    الكنام تشرع في صرف مبالغ استرجاع مصاريف العلاج لفائدة المضمونين الاجتماعيين    بطولة كرة السلة: تعيينات منافسات الدور النهائي    تجربة جديدة للقضاء على الحشرة القرمزية..التفاصيل    الرابطة المحترفة الاولى: الجولة الختامية لمرحلة تفادي النزول    باجة: تقدم موسم حصاد الحبوب بنسبة 30 بالمائة وتوقع وصول الصابة الى 2,6 مليون قنطار    محمد بن سلمان يعتذر عن عدم حضور قمة مجموعة السبع    عاجل: تفاصيل جديدة في حادثة وفاة أمنيّ اثناء مداهمة بناية تضمّ مهاجرين أفارقة    بعد استخدامها لإبر التنحيف.. إصابة أوبرا وينفري بمشكلة خطيرة    دواء لإعادة نمو أسنان الإنسان من جديد...و هذه التفاصيل    120 مليونا: رقم قياسي للمهجرين قسراً حول العالم    صديق للإنسان.. جيل جديد من المضادات الحيوية يقتل البكتيريا الخارقة    «غفلة ألوان» إصدار قصصي لمنجية حيزي    قربة تحتضن الدورة التأسيسية لملتقى الأدب المعاصر    صابر الرباعي يُعلّق على حادثة صفع عمرو دياب لمعجب    شيرين تصدم متابعيها بقصة حبّ جديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطيّب البكوش في حوار شامل ل «الشروق» : أنا مع نظام رئاسي معدل وانتخاب الرئيس بالاقتراع المباشر

«شخصيا أنا مع نظام رئاسي معدل، وانتخاب الرئيس بالاقتراع العام والمباشر... وهذا ما يمكن من إيجاد توازن بين السلط، هكذا أبدى رأيه بوضوح بخصوص شكل النظام الذي يرتئيه لتونس مشددا على أن تصريح الرئيس المؤقت الدكتور منصف المرزوقي ببيع القصور لا يعدو أن يكون اجتهادا شخصيا...

يغادر وزارة التربية بعد أن قضى على رأسها عشرة أشهر ونيّف...وتغادر معه الحكومة الإنتقالية التي تسلمت مقاليد السلطة وفق الدستور القديم...
هو الناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء وليس باسم الحكومة كما يذهب البعض إلى الاعتقاد...
كما عادته في هدوء ملفوف بحكمة...حكمة السياسي المدني والحقوقي الذي يتمعن في الملف قبل إصدار الحكم... ليس متشنجا، حتى في ذروة الأوقات الصعبة... رجل حوار بإمتياز ونقابي يدلو بدلوه في كل القضايا الوطنية والقومية...ليست له محاذير تجاه سؤال أو آخر... وهو يقول دائما ويردد أن لا شيء عنده قابل للتعتيم.
الأستاذ الطيّب البكوش الرئيس الشرفي للمعهد العربي لحقوق الانسان يكشف في هذا الحوار الشامل عن رؤيته لشكل نظام الحكم المأمول في تونس ويكشف كذلك عن حجم الصعوبات التي واجهت الحكومة المؤقتة منذ تشكيلها في صيغتها الأولى يوم 17 جانفي إلى حدود هذا اليوم، حيث من المنتظر ان تتقدم رئاسة الحكومة الجديدة المنبثقة عن المجلس التأسيسي بتركيبة الحكومة التونسية المؤقتة... عن الاتحاد العام التونسي للشغل تحدث وأكد أن قام بدور سياسي نشيط في بداية عمل الحكومة دور تقلص مع الانتخابات.
عن تجربته السياسية في حكومة 17 جانفي كشف عديد النقاط وأقرّ بأن أداء هذه الحكومة اتسم في البداية بالإرتباك لكنه أكد أيضا أن العديد من المكاسب والانجازات تحققت رغم كل العراقيل والصعوبات خلال تلك المرحلة...
كذلك كان لابدّ أن يكون للأستاذ الطيب البكوش رأي حول المرحلة الانتقالية الجديدة التي تدخلها تونس اليوم بعد انتخاب المجلس التأسيسي وتشكيل الحكومة الجديدة...رأي عبر عنه وزير التربية المتخلي بلا لبس ولا مواربة مؤكدا أنه مع انتخاب الرئيس انتخابا مباشر ومع قيام نظام رئاسي معدل.
الحديث مع الأستاذ الطيب البكوش تطرق أيضا إلى مواضيع وملفات أخرى شائكة أجاب عنها بلغة هادئة...وب«وضوح» المسؤول وبعقل المثقف... وبرؤية المناضل النقابي.
وفي مايلي هذا الحوار :
أنت الوزير الوحيد الذي ظل في منصبه منذ 17 جانفي 2011 إلى اليوم وقد عملت مع حكومتين انتقاليتين برئاسة الغنوشي وقائد السبسي وكان ذلك في توقيت استثنائي كيف تقيم أداء هذه التجربة سياسيا بالخصوص؟
أعتقد أن عمل الحكومة الإنتقالية كان في توقيت صعب، ولا توجد قطيعة بين الحكومتين خاصة أن بعض الوزراء وقع تتغييرهم ولكن تدريجيا المهم أنه بالنظر إلى المسار ككل فإن الدور الأساسي الذي قامت به الحكومة الإنتقالية (في نسختها) حافظت على استقرار الدولة وهذا أساسي. ويغيب كثيرا عن الأذهان أن الدولة التونسية تعود إلى آلاف السنين، تونس عرفت نظام الدولة ومؤسسات الدولة منذ عهد الفينيقيين إذن تواصل الدولة أمر أساسي عند ما ننظر في القوانين سنجد قوانين من عهد الحماية وعهد البايات... لأن تغيير القوانين يتم حسب الحاجة للتغيير هذا مظهر في مظاهر تواصل الدولة في تونس لأن مخاطر عديدة تنجر عن غياب الدولة....
من ناحية أخرى فإن الحكومة الإنتقالية وضعت لنفسها جملة من الأهداف الرئيسية، تحقيق أهداف الثورة لا يجب أن يكون شعارا بل يجب تحديد هذه الأهداف، والأهداف هي : «التشغيل والحرية والكرامة ومقاومة الإستبداد والفساد.
إذن الحكومة عملت منذ أول يوم على تحقيق هذه الأهداف وليس من قبيل الصدفة أن يكون أول قرار يوم 17 جانفي قرارا سياسيا وأقصد قرار فك الإرتباط بين الحزب الحاكم وأجهزة الدولة وهذا من الناحية الرمزية مهم جدا كما وقع حل الشعب المهنية في المؤسسات التربوية والاقتصادية والادارية لأن هذا الأمر عائق رئيسي لأي تحول ديمقراطي هذا الارتباط بين الحزب الحاكم والدولة لا يمكن إلا أن يكون بابا مفتوحا على مصراعيه للاستبداد والفساد.
الجانب الثاني يهم وضع هياكل جديدة أساسية للتحول الديمقراطي منها الهيئة العليا للإصلاح السياسي التي ستعوض نوعا ما البرلمانين (مجلس المشتشارين ومجلس النواب) وكان لا بد من هيكل...الحكومة جعلته حرا مستقلا بدأ أول الأمر بمجموعة خبراء توسع في ما بعد ليشمل ممثلي أحزاب شخصيات من المجتمع المدني يمكن أن يقال الكثير من الكلام حول هذه اللجنة والتركيبة ولكنها قامت بدور هام، كذلك الهيئة العليا لتقضي الحقائق والهيئة المستقلة لمقاومة الفساد ثم تلاها هيكل لإصلاح الاعلام لأنه من خيارات الحكومة إلغاء وزارة الإعلام التي كانت وزارة رقابة.
لا يعني هذا أن الاعلام الذي أصبح حرا تمكن من هذه الحرية واستغلها ولكن الانفلات كانت مفهومة أسبابه في هذا المجال ثم جاء بعد ذلك إنشاء الهيئة الخاصة المستقلة للإنتخابات المهم هو الوصول بالانتخابات إلى يوم إجرائها هذا إلى جانب إجراءات عديدة منها تعويضات وتسبقات لضحايا القمع والإنفلاتات المختلفة من شهداء وجرحى...ويبقى هذا الملف مفتوحا في إنتظار تكوين ملف علمي لا يستثني أحدا ولكن لا يقحم من ليس له علاقة بالملف.
ولا يمكن أن ننسى كذلك، الإجراءات الاجتماعية لفائدة ضعاف الحال والعاطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا.
يكفي أن أشير أن وزارة التربية مثلا ضاعفت عدد الانتدابات على ما أقرته ميزانيية 2011.
الملف الضخم في وزارة التربية لرفع المظالم سواء داخل إطار العفو التشريعي أو غيره. قبل دخولك بدقائق أمضيت على ملفات (وصلت إلى الألفين) على استرجاع حقوق لقد تقرر مبدأ إرجاعهم، أيضا حتى بعض الأشكال من العفو ممن أطردوا من تلاميذ واعتبرنا أن النظام السابق كان يشجع على الفساد لكن باستثناء الذين تسببوا في مظالم للناس...هذه بعض الإجراءات ويمكن أن أذكر المراسيم... هذه المراسيم في غياب برلمان ساهمت في سد فراغ كبير إذن تنظيم الحياة العامة وتواصل الدولة مكن رغم كل الصعوبات وهي ليست هينة من تحقيق مراحل هامة من أهداف الثورة ومن إيصال البلاد إلى شاطئ أول من شواطئ السلام .
الآن بدأ الانتقال برئاسة التأسيسي والجمهورية والقليل القادم من الأيام سوف يبدأ في الحكومة هذا أمر لم تعرفه البلاد، هذا من مكاسب المرحلة ويوضع في خانة ما أنجزته الحكومة الانتقالية بحكم طبيعة وصعوبة الظروف الذي عملنا فيها...
عينت في بداية حكومة الغنوشي بعد الثورة ناطقا رسميا بإسم مجلس الوزراء لكن بمجيء قائد السبسي تراجع هذا الدور ما سرّ المسألة؟
لا يوجود في الحقيقة تغيير رفضت أن أكون ناطقا بإسم الحكومة وبقيت ناطقا بإسم مجلس الوزراء أقدم خلاصة الأعمال عندما يجتمع مجلس الوزراء صحيح أنه في البداية كان الناس يخلطون المسألة، في بعض الأحيان أجيب عن شيء أعرفه كما أحيل من يسألني على الوزارات المعنية وهو في الحقيقة لبس وقع في البداية ورفع شيئا فشيئا .
هل هذا راجع إلى أن المجالس الوزارية تقلصت ولم تعد تتم كل أسبوع؟
يوجد نوعان من الاجتماعات :
الاجتماع الكامل لمجلس الوزراء والاجتماع المضيق (أو المصغر) وهي مجالس وزارية مضيقة البعض منها أحضره والبعض لا أحضره وهذا لا يحتاج لناطق بإسمه.
مجالس الوزراء 25 تقريبا خلال المدة كاملة.
في البداية أمر طبيعي أن تجتمع كمجلس كل أسبوع ويكاد يكون مرتين أو ثلاثة في الشهر كمعدل عام.
يعتقد أنك قابلت عسرا ما في العمل ضمن فريق السيد قائد السبسي...ليس لي معلومات لكن هذا ما تحدث عن امكانية حدوثه بعض المراقبين؟
لا أبدا...هي علاقات إحترام متبادل لا يوجد أي تغيير ...أنا كنت أرفض أن أتكلم بإسم الحكومة خاصة مع الأجانب من الصحفيين وكنت أشير على الوزارات أن تكلف موظفين سامين لهذه المهمة وقد قلت هذا قبل أن يحدث ويتم إقراره.
هل لك أن تكشف لنا بعض الأسرار عن كيفية بدء الحكومة الأولى ما بعد الثورة أعمالها : هل كان هناك ارباك أو ارتباك...هل كان هناك اعتزاز... وهل أحسست في لحظة ما أن هناك من كان متعطشا للسلطة وكيف تبين ذلك ؟
نعم في البداية كان يوجد شيء من الإرباك والارتباك وهذا طبيعي جدا هذا رئيس جمهورية يغادر البلاد دون أن يترك شيئا لا توصية ولا تكليفا...الدولة تجد نفسها بدون رأس والمحاكمات سوف تكشف ماهو خفيّ من أدوار مختلفة من البرلمان إلى الحكومة...والجيش والأمن هناك نقاط بحصوص سوف تتضح شيئا فشيئا إذن من الطبيعي أن يحدث شيء من الإرتباك السيد محمد الغنوشي أخد مكان الرئيس حسب قانون معين ثم اتخذ قانونا آخر للعمل به لقد أحدث فراغا مفاجئا للجميع.
المفاوضات التي كانت تجري مع بعض الأطراف السياسية واتحاد الشغل كان فيها بعض الغموض مما خلق أزمة ثقة...في بعض الأحيان يستمع وزراء أشياء من الخارج... ضغط الشارع والقصبة أثر على سير الحكومة... وكذلك الإنفلات الإعلامي كإعطاء التلفزة ميكرفونا لمواطن ينادي بإعدام رئيس الوزراء فالوضع لم يكن عاديا...
تجربة حكومة سدّ الفراغ التي جاءت بعد ثورة 14 جانفي، كانت بلا مراقب... حيث جاءت كتجربة فريدة فلا الصندوق (الانتخابي) أفرزها ولا هي معينة من جهة رسمية لها شرعية ما لقد أتت وفق استحقاقات آنية فرضها الشارع الغاضب كيف تقيّم أداءها ومن كان يحكم وقتها ؟
الدولة في تونس لها رصيد وتاريخ... رصيد مستبطن لدى التونسيين وهو رصيد المحافظة على تواصل الدولة...ذلك أن الفراغ يقود إلى الفوضى وإلى المزالق. النقطة الثانية هي أنه وجدت تقاليد في تونس يتقاسمها من هم في السلطة ومن هم خارجها من المجتمع المدني وكلاهما يشعران بضرورة خدمة مصلحة البلاد... واستمرارها... سواء كان الموقع في الحكم أو خارجه... ما عدا السنوات العشر الأخيرة التي خرّب فيها بن علي الدولة...ثالثا الذين قبلوا العمل في الحكومة تخلوا عن حقهم في الترشح فقد أرادوا ألا يقع أي التباس حول دورهم في المرحلة الانتقالية ودورهم كسياسيين مترشحين لإستحقاق موال... لقد حصلت الحكومة على رصيد من الثقة لأن أعضاءها لا يبحثون عن المصالح الشخصية، شخصيا عندما قبلت الخطة كان ذلك لأشهر وذلك حتى لا يقع فراغ في البلاد وبداية تحقيق أهداف الثورة...وكان مفروضا أن تنتهي بانتخابات رئاسية وبرلمانية ولكن ها نحن دخلنا مرحلة انتقالية ثانية... فيها كذلك مخاطر نأمل أن تمرّ الفترة الإنتقالية الثانية (التي تبدأ برئاسة حمادي الجمالي) أفضل من الأولى...
إذن هل دخلت الحكومة يوم 17 جانفي على أساس إصلاحات في الدستور؟
دخلت على أساس تجنب الفراغ والعمل على تنقيح الدستور لإزالة كل الشوائب التي أدخلت عليه وتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية وتكوين لجنة الخبراء (لجنة الإصلاح السياسي) لإصلاح الدستور وإحداث قانون انتخابي جديد غير الذين كان معمولا به...وكذلك تغيير القوانين بما يرفع الظلم والإستبداد الذي كان حاصلا.
هل ما حدث فيه استجابة إلى الشارع؟
فيه استجابة للشارع وخاصة القصبة II ولكن توجد أطراف عديدة منها مختلف النقابات والهياكل مثل المحامين... وغيرها، كان لا بد من أخذ آرائها بعين الاعتبار.
هل كان هو أفضل خيار؟
هذا ما سيحكم عليه التاريخ .
ماذا تكشف لنا من تجربة القصبة I والقصبة II وكيف تعاملت القيادة السياسية (التي بيدها السلطة وقتها) مع هذه المسألة؟
كان هناك تفاوض مع بعض الأطراف السياسية والنقابية منها «المحامون» والأحزاب السياسية...لكن ذلك كان على مستوى ضيق... أحيانا كنا نستغرب ونتساءل عن مجالس حماية الثورة من كونها ومن أنتجها... فقد كان «المجلس الأعلى لحماية الثورة» يريد أن يتفوق على الحكومة ويراقبها...وهذه اللجان (لجان حماية الثورة) كانت تصف الحكومة بأنها حكومة إلتفاف على الثورة.
هل تخوفتم منهم ؟
أبدا... والحكومة لم تتفاوض إلا مع الهياكل الوطنية...مما أدى إلى شكل من الأشكال من أجل تحقيق أهداف الثورة وأنا من اقترح التسمية «الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة» إذن تحقيق أهداف الثورة أمر يهم الجميع... الحكومة في نظري معنية بتحقيق أهداف الثورة...ومعناها السياسي أن نخرج من الغموض والإلتباس من أن لجان حماية الثورة وحكومة تنعت بالإلتفاف على الثورة !
هل تعتقد أن هناك انعدام في التواصل بينكم كحكومة وبين الشارع...لأن المقترحات لم تكن كذلك؟
التواصل موجود، والدليل من هنا، من وزارة التربية وقعت مئات الاجتماعات والإستقبالات... تلاميذ وأولياء وأصحاب شهائد عليا عاطلين عن العمل ومديرين وهياكل نقابية وغيرها... كل القرارات التي اتخذناها كانت نتيجة تحاور واستماع...الحوار لم يتوقف ...
الحكومة لها شرعية توافقية وليست انتخابية...ولاجتناب إي تناقض بين حماية الثورة وحكم انتقالي... وحتى يكون تحقيق أهداف الثورة قاسما مشتركا من الجميع، وعلى هذا الأساس اقترحت التسمية وكان الهدف تقوية الجانب التوافقي وأن الهدف هو تحقيق أهداف الثورة من الجميع...وأعتقد أن هذا كان عاملا من عوامل النجاح.
نحن نعلم أن هناك «فيتو» بخصوص انضمام بعض الأطراف السياسية التي كانت فاعلة في الثورة...وصحيح أيضا أن أحد المسؤولين صرح بأنه على هذه الأطراف التي لم يناد إليها أن تقدم مطالب للإنضمام إلى هيئة حماية الثورة، وهذا يعني أن الإستثناء كان مدروسا... هل أنت على علم بهذا الأمر؟
بكل صراحة ، هذا النوع من المفاوضات لم أشارك فيه، لا أحكم على مفاوضات في الكواليس لا أعرفها... فهذا إن حدث، فإنه لم يتم في مستوى الحكومة...
سوف أسأل فيك الحقوقي العربي والمناضل النقابي والسياسي الوطني، ما مدى التأثير السياسي الخارجي في المشهد السياسي بتونس سواء خلال الحكومة الانتقالية المتخليّة أو خلال الانتخابات أو ما هو قادم من الأيام؟
بصراحة لا أستطيع أن أصدر حكما حول حدوث تدخل من عدمه...شخصيا استقبلت عديد الوفود الأمريكية والأوروبية والعربية ومنظمات دولية من الأمم المتحدة وهياكلها ولم أر تدخلا... بل رأيت أن الأمر طبيعي يدخل في إطار العلاقات...وأن علاقات الدول قائمة على مصالح ...وتونس لها مكانة ليست اقتصادية كبرى ولكن موقعها له شيء من التميّز... ثم إن إنطلاق الثورة (العربية) من تونس والتحول انطلق من تونس ...فمن الطبيعي أن تتصل جميع المنظمات والدول بتونس...وأنا أعتبره طبيعيا...
لكن هل يوجد تأثير على بعض الأطراف؟ لا أعلم لكن ما أجزم به أنه وفي هذه الوزرارة (التربية) لا يوجد تأثير وأؤكد لك بكل صراحة أن الأمر لا يتم ولم يتم لا في مستوى الوزير الأول (قائد السبسي) ولا الرئيس (فوائد المبزع) لا تعليمات منهما لا من أحد...المواضيع الكبرى مثلا في الوزرارة أعرضها في مجلس الوزراء ووجدت دائما التفهم والدعم... لم أشعر بهذا الأمر...ولا أستطيع الحكم على شيء ليست لي فيه حجة... وقع الحديث عن المال السياسي... ولكن هذا يحتاج إلى حجة.
عرفت تونس ثورة وإنتقالا انتخابيا ملفتا، واليوم يكتب المجلس التأسيسي دستور البلاد، وأكبر قوة نقابية اجتماعية بالبلاد، غائبة، كيف تفسر ذلك وهل ترى في الأمر إقصاء أم عزوفا؟

بصفة عامة الاتحاد العام التونسي للشغل قام بدور سياسي نشيط، في بداية عمل الحكومة الانتقالية لكنه دور تقلص بمناسبة الانتخابات...أعتقد أنه لأسباب حصل ذلك :« أولا أن النقابيين الذين ترشحوا للتأسيسي وكونوا أحزابا لم ينجحوا.
ثانيا أن الموقف المتمثل في عدم تقديم قائمات نقابية أعتبره موقفا سليما، فأنا دائما مع حرية النقابيين في العمل السياسي ضمن القائمات والأحزاب التي يريدون ولكن لا يجب أن تكون للمركزية النقابية قائمة عندما نتحول إلى ما ينافي العمل النقابي.
ثالثا : المرحلة التي يمر بها الاتحاد باعتبار أنه مقدم على مؤتمر يطبق فيه مبدأ عدم تجديد الترشح لمن قضى دورتين هي مرحلة جديدة وغير معهودة.
مع العلم أنني كنت تقدمت منذ 30 سنة لقائمة في الاتحاد وقلت إنه لا بد وأن يطبق هذا على الجميع بما فيها رئاسة الجمهورية...وأعدت القول لبن علي في 2001 ولكنه عدل الدستور لإنتخابات 2004...وقد أجريت معي حوارات صحفية وقلت المقترح لكنها لم تصدر إلا في «جون أفريك» وهناك منها ما حجز...
مؤتمر الاتحاد ينطلق بعد يومين أو ثلاثة، ينطلق في الظرف الذي تعلم، ماهو الدور الذي يمكن أن تلعبه المنظمة ما بعد الثورة؟
أولا يوجد وضع جديد فيه تعدد نقابي، مازال في بداياته... المؤتمر القادم سيكون مؤتمرا فيه تجديد للماضي...إذ أن المكتب التنفيذي سوف يتجدد بنسبة لا بأس بها. هناك وضع جديد، حسب ما سيفرزه المؤتمر سوف يتحدد الدور...أعتقد أنه سيكون إجتماعيا له بعد سياسي لا سياسوي.
انطلاقا من نتائج الانتخابات بكل من تونس و المغرب ومصر...والوضع في ليبيا...هناك مشهد يتشكل سياسيا، اعتمادا على الاسلام السياسي، ألا تعتقد أن هناك خيطا رابطا بين هذه الثورات سعت جهة أجنبية إلى اقحام أجندتها فيها؟
لم أشعر بوجود أجندة خارجية ولا أعتقد أن ما جرى تونس ، بفعل فاعل من خارج تونس.
لم أقصد الثورة بل الأجندة قد تكون التحقت «بالقطار» وامطته؟
أن يكون هذا فرصة ليحرك أجندة في أماكن أخرى... فهذا ممكن.
شعرت أن ما حدث سيكون له تأثير كبير عندما بدأت الأمور تتغيّر في ليبيا، وكنت مقتنعا ان بقاء القذافي سيساهم في إجهاض الثورة التونسية لتحالفه مع عائلة بن علي وأصهاره.
انطلاق الثورة في ليبيا خفف عنّا المخاطر التي كانت تتهدد الثورة وتحقيق أهدافها... وهو لم يخف ذلك... وفرض تصريحات على وسائل اعلام.. وعبّر عن موقف مناهض... لم يكن الأمر خفيا.. ويبدو أن علاقاته مع بن علي قديمة جدّا... في مجال الاستخبارات.
أما بخصوص الإسلام السياسي في المنطقة العربية، فأقول: ليس في كل مكان، سوريا مثلا لها خصوصية واليمن كذلك... ففيه مسألة قبائل وطائفية تتجاوز الصراع السلمي... على كل المقياس بالنسة الينا في الثورات العربية ستكون القضية الفلسطينية فهي المحرار..
المجلس الانتقالي السوري عقد اجتماعا معتّم عليه، في تونس وتبين ان الحكومة والخارجية بالذات ليستا على علم به لكن رئيس الجمهورية المؤقت، تحوّل اليهم وألقى خطابا فيهم، ما رأيك هل كان ذلك تعبيرا عن الخطة وباسمها أم أمرا فرديا؟
أعتقد انه كان قرارا فرديا وبالنسبة لهذا النوع من القضايا لابدّ وأن يكون موضوع استشارة أوسع، مع وزير أول متخل أو وزير أول جديد.. وكذلك مع وزارة الخارجية التي لها معطيات عن الملف... لأن ذلك يمكن ان يكون له تأثير على مجمل العلاقات. قضية مثل سوريا هي محل نقاش صلب الجامعة العربية ومن الضروري ان تلتزم تونس بهذا القرار العربي.
وماذا عن قرار بيع القصور الرئاسية؟
هو اجتهاد شخصي... لكن القصور يجب درس وضعياتها حالة بحالة اذ يوجد فيها ما هو راجع الى وضع عقاري معيّن فيه ما هو مسجّل باسم دولة أو باسم شخص ولا نعرف واقعها بدقة... كما يجب مراعاة البعد التراثي والأثري والتاريخي لبعض هذه القصور. يجب ان تكون ملك الدولة.
ما هو شكل الحكم الذي يرتقبه السيد الطيب البكوش لتونس.. اذ نلاحظ الآن اتجاها من التأسيسي (أو الغالبية فيه) نحو نظام برلماني ينتخب فيه الرئيس من البرلمان؟
أولا أعتقد ان المصلحة تقتضي الآن ان لا يجمع الوزراء مهمتين داخل الحكومة الانتقالية وداخل التأسيسي اذ توجد نسبة هامة من الوزراء هم من داخل المجلس التأسيسي. على كل لا يمكن الحكم عليها الا بعد ان تمارس مهامها.
شخصيا أنا مع نظام رئاسي معدل وانتخاب الرئيس بالاقتراع العام والمباشر، وهذا ما يمكّن من ايجاد توازن بين السلط.
عهد بورقيبة كانت المنظومة التعليمية متميزة بالانتقاء «القاسي» والذي نتج عنه الانقطاع المبكّر وفي عهد بن علي تميزت هذه المنظومة بالارتقاء الآلي والتخلي عن المناظرات وفي هذا خيارات شعبوية تدعمها المؤسسات المالية الدولية، اليوم وبعد تجربة سنة على رأس وزارة التربية، ماذا تقترح على المنظومة، أي ماذا تقترح للتوازن
بين الكمّ والكيف في التعليم؟
أولا لا أظن أن عهد بورقيبة يتسم بالانتقائية. بل بتعميم التعليم باعتبار ارتفاع نسبة الأمية. ومن مكاسب تونس لم يصل الأمر الى الاجبارية لكن ديمقراطية التعليم كانت مضمونة. لكن السنوات العشر الاخيرة كانت فيها القرارات شعبوية. اخراج الناس بغض النظر عن الكيف. نتج عنه تدني المستوى التعليمي، وكذلك ساهم في رفع نسبة حاملي الشهائد العليا من العاطلين عن العمل . وهي في الواقع قنبلة اجتماعية لعلها من عوامل الثورة الى جانب المظاهر الأخرى للاستبداد والفساد لأن البطالة شكل من أشكال الظلم... الفقر اليوم في منظومة حقوق الانسان، ينزع الى التجريم.. ارتفاع الفقر دليل على انعدام الحكم الجيد. أو يدل على وجود مظاهر خلل. الآن لابد من استراتيجية جديدة للتربية والتعليم وأن يكون هناك تواصل. لذا أمضينا على اتفاقية مشتركة بمبادرة من وزارة التربية لجعل الخطط التربوية تصاغ وتنفّذ بصفة مشتركة في مستوى البرمجة والتكوين المتواصل. وما وقع القيام به من احداث لجان تقيّم الواقع وتقترح حلولا هي الآن محل استشارة وطنية شعبية من خلال موقع خاص (الكتروني) بعنوان المنتدى التفاعلي بوزارة التربية...
وماذا عن ال25٪؟
أقول لك فقط إن 20٪ من الناجحين في امتحان الباكالوريا تم لهم ذلك بفضل ال25٪؟! وهذا دليل على أن هذه المسألة يجب أن يقع التخلي عنها لإصلاح المنظومة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.