نظّم منتدى العلوم الأجتماعية التّابع لمركز الدراسات والبحوث الأجتماعية والأقتصادية بتونس الموجة الثالثة لباروميتر الثقة السياسية بعد أن نظّم الموجة الأولى في شهر أفريل 2011 والثانية في شهر أوت 2011 . وهذه أبرز النتائج ودلالاتها كما قرأها الدكتور عبدالوهاب بن حفيظ مدير المنتدى والباحث في مركز الدراسات والبحوث الأجتماعية والأقتصادية بتونس وأستاذ علم الأجتماع السياسي في كلية العلوم الأنسانية والأجتماعية ويضمّ المنتدى في هيئته العلمية مجموعة من أبرز علماء الأجتماع التونسيين .
العلمية مجموعة من أبرز علماء الاجتماع التونسيين تاريخ الانجاز : الفترة: 03 جانفي 07 جانفي 2012 العينة : تمثيلية لكل شرائح السكان المؤهلين للتصويت العدد الحملي : 2314 البيانات المعتمدة : 2200 التغطية الجغرافية: كل جهات البلاد (7 جهات) الجهة المنجزة : منتدى العلوم الاجتماعية التطبيقية المشروع : الباروميتر العربي للديمقراطية بعد قيامه باستطلاعي رأي خلال شهري أفريل و أوت 2011 ضمن مشروعات الباروميتر العربي للديمقراطية ، قام منتدى العلوم الاجتماعية التطبيقية بانجاز الموجة الثالثة من باروميتر الثقة السياسية ، بعرض تحديد ملامح المشهد الحالي الخاص بمستوى ثقة الرأي العام في سياق مرحلة ما بعد الانتخابات. ومن أهم ما جاء في الدراسة معطيات تتعلق؟ أولا: بمستقبل الحراك الانتخابي القادم من خلال تحديد استراتيجيات اعادة توجيه التصويت أو التصويت لأول مرة لمن لم يشاركوا في انتخابات 23 أكتوبر . ثانيا: تحديد الملمح المقارن لمستويات الثقة المعتمدة ضمن الاستطلاعات السابقة قصد قياس تطورها . أولا: مستقبل الحراك الانتخابي القادم: المؤتمر والعريضة تتوزع الاستراتيجيات المستقبلية للتصويت على مستويين اثنين: مستوى الفئات التى شاركت في العملية الانتخابية والتى لديها رغبة في تصحيح خياراتها الانتخابية، اما بشكل مصرح به (التصريح بالحزب المقصود من عملية تغيير الخيار) أو بشكل ضمني ( عدم التصريح بذلك أو عدم المعرفة). أما بالنسبة للفئات غير المشاركة (مؤشر الغيابية الانتخابية ) فهي تتوزع الى فئة مصححة لخيارات التصويت من خلال اعلان الرغبة في التصويت لاحزاب جديدة وبين التعبير عن عدم الرغبة في التصويت اصلا، مما يعطى انطباعا بالسلبية الانتخابية وبامكانية تكرار سلوكات الغيابية الانتخابية. وبشكل عام فانه تتميز اتجاهات تحولات التصويت بالنسبة لناخبي الأحزاب الممثلة في المجلس التاسيسي كالتالي: تحولات التصويت لمن انتخب ممثلي حركة النهضة : 19,2 بالمائة من أفراد العينة الفرعية المستجوبة ، كانوا عبروا عن النية في اعادة التصويت اما لفائدة حزب آخر (4,9 بالمائة لفائدة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية و 1,6 بالمائة لفائدة التكتل من أجل العمل والحريات و 0,8 بالمائة لفائدة العريضة الشعبية ) أو التعبير عن الرغبة في اعادة توجيه التصويت من خلال الجواب بعدم المعرفة والتصريح بلا أدري (9,9 بالمائة) أو لن أصوت (0,8 بالمائة). تحولات التصويت لمن انتخب ممثلي المؤتمر من أجل الجمهورية: 21,7 بالمائة من أفراد العينة الفرعية المستجوبة عبرت عن رغبتها في اعادة توجيه خياراتها الانتخابية وذلك بنسب 15,8 بالمائة ممن لم يحددوا خياراتهم بعد، 2,7 بالمائة لفائدة حركة النهضة ، 0,5 بالمائة لفائدة التكتل و1,1 واخيرا بالمائة ممن قرروا عدم التصويت خلال الاستحقاق القادم. تحولات التصويت لمن انتخب ممثلي التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات: وذلك بالنسبة الأقل من الأعلى، قبل العريضة الشعبية ، حيث أن 26 بالمائة منهم كانوا قد عبروا عن الرغبة في اعادة توجيه التصويت ( مع الاجابة بلا أدري لمن سأصوت)، 13 بالمائة لفائدة المؤتمر من أجل الجمهورية ، 7,1 بالمائة لفائدة حركة النهضة، 1,2 لفائدة العريضة الشعبية، 8,2 بالمائة لفائدة أحزاب أخرى غير ممثلة في المجلس الوطنى التاسيسي و أخيرا 2,4 بالمائة ممن لهم نية عدم التصويت خلال الاستحقاق الانتخابي القادم. تحولات التصويت لمن انتخب العريضة الشعبية : 53,3 بالمائة من أفراد العينة الفرعية المستجوبة كانوا عبروا عن رغبتهم في إعادة توجيه خياراتهم الانتخابية ، وهي النسبة الأعلى وذلك وفق التوزيع التالي : 10 بالمائة لفائدة حركة النهضة ، 6,7 لفائدة المؤتمر من أجل الجمهورية ، 3,3 بالمائة لفائدة التكتل من أجل العمل والحريات 3,3 بالمائة لفائدة أحزاب أخرى، مع 6,7 بالمائة ممن أعربوا عن نيتهم في عدم الرغبة في التصويت خلال الاستحقاق الانتخابي القادم. تحولات التصويت لمن انتخب الأحزاب الأخرى : وذلك بنسبة 58,4 بالمائة من الذين صوتوا لأحزاب أخرى...الخ لديهم الرغبة في إعادة توجيه خيارات التصويت لأحزاب أخرى بديلة ، مع 7,3 بالمائة منهم لفائدة المؤتمر من أجل الجمهورية ، 2,9 لفائدة حركة النهضة، 2,2 بالمائة لفائدة التكتل من أجل العمل والحريات و 0,7 لفائدة العريضة الشعبية . تحولات التصويت لمن لم ينتخب : حيث أكد 39 بالمائة من أفراد العينة الفرعية بأنهم سيصوتون المرة القادمة الا أنهم لا يعرفون لمن سيصوتون أو سيقومون بعملية بالتصويت، 19,7 بالمائة منهم أعربوا أنهم لن يقوموا بعملية التصويت (تكرار السلوك الغيابي) 18بالمائة منهم أعربوا أنهم سيقومون بذلك لفائدة حركة النهضة ، 12,7 بالمائة لفائدة المؤتمر من أجل الجمهورية ، 3,5 لفائدة التكتل من أجل العمل والحريات ، 4,4 لفائدة أحزاب أخرى من خارج الأحزاب الممثلة في المجلس التأسيسي و 2 بالمائة لفائدة العريضة الشعبية. ان الملاحظ في هذا الصدد هو أن اتجاهات اعادة التصويت قد شملت مختلف الحساسيات السياسية والاحزاب الممثلة داخل المجلس التأسيسي وبدرجة أولى : العريضة الشعبية بنسبة أعلى حيث يرغب 58,4 بالمائة من أفراد العينة الذين أكدوا قيامهم بالتصويت من أجلها في انتخابات 23 أكتوبر باعادة توجيه خيارهم التصويتي خلال الاستحقاق القادم، بأعلى نسبة لفائدة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (7,3بالمائة). على أن الأمر ينطبق ايضا فيما يبدو على أفراد العينة المستجوبة والتى أعربت عن قيامها بالتصويت لفائدة التكتل من أجل العمل والحريات (26 بالمائة) وذلك لفائدة المؤتمر من أجل الجمهورية بدرجة أساسية، يليه لحركة النهضة. على أن الأمر ينطبق ايضا على هذه الأخيرة ، حيث أعرب 19,2 من أفراد العينة الفرعية المستجوبة بأنهم سيقومون باعادة توجيه أصواتهم خلال الاستحقاق القادم، لفائدة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (4,9 بالمائة) و لفائدة التكتل من أجل العمل والحريات (1,6 بالمائة ) ولفائدة العريضة الشعبية (0,8 بالمائة). وعلى الرغم من أن المؤتمر من أجل الجمهورية يبدو أنه الى حد الآن وحسب التصريحات المسجلة لأفراد عينة الاستطلاع هو المستفيد الأكبر من حراك التصويت ، في حين تبدو العريضة الشعبية الخاسر الأكبر، فأنه يضل هو الآخر موضوع تجاذب نوايا تصويتية حيث عبر 21,7 بالمائة من أفراد العينة الفرعية المستجوبة بأنهم يغبون اعادة توجيه أصواتهم لفائدة أحزاب أخرى خلال الاستحقاق الانتخابي القادم ولكن لم يعرفوا بعد لفائدة من (15,8 بالمائة ) أو بنسب اقل لفائدة حركة النهضة (2,7 بالمائة) أو التكتل من أجل العمل والحريات (0,5 بالمائة). ثانيا: تطور اتجاهات الثقة بين حكومة وأخرى توزعت مستويات الثقة كالتالي : الثقة في تحديد المواطن لمصيره في المستقبل: مقارنة بنتائج الموجة الأولى من الاستطلاع ( أفريل 2011) ثم نتائج الموجة الثانية ، يبدو أن مستوى الثقة بشكل عام قد ارتفع نسبيا لدى المواطن 40 بالمائة مقابل 24 بالمائة (افريل 2011) و 33 بالمائة (أوت 2011). وقد يعزى ذلك الى عاملين وهما: الدفع النفسي المتأتي من عملية بناء الشرعية السياسية عقب الانتخابات من ناحية والفارق المسجل بين الأوضاع الاجتماعية التى عقبت الثورة والمخاطر الأمنية المباشرة مقارنة بالاستقرار الأمنى النسبي الذي باتت تعرفه تونس منذ أشهر، خصوصا على الحدود، بعد أن تحول مركز الانشغال الى المستوى الاجتماعي والاعتصامات الاحتجاجية. ويعنى ذلك أن 4 أفراد من كل 10 مواطنين يشعرون بالثقة مقابل 4 آخرين لهم تقييم متوسط و 2 على عشرة لا يشعرون بالثقة بالمرة، مقابل 4 من عشرة في شهر أوت 2011. الثقة في مستقبل التشغيل وفرص العمل: أما وفيما يتعلق بمستويات الثقة فى مستقبل التشغيل وفرص العمل، فانه لم يظهر أي تحول لافت (24 بالمائة مقابل 23 بالمائة من الردود الايجابية خلال شهر أوت 2011). وقد يعود ذلك بالتأكيد الى تزايد المشكلات الناجمة عن الاعتصامات والاحتجاجات الاجتماعية والتى أدت، فيما يبدو الى تفاقم ظاهرة غلق بعض المؤسسات ومنع العاملين في أخرى من مزاولة عملهم في ظروف طبيعية. من هذا المنظور، تبدو مسألة التشغيل بمثابة المؤشر الأكثر سلبية في حياة المواطن على الرغم من أن نسبة اللاثقة La défiance قد تراجعت مقارنة بشهر أوت من العام الماضي (30 بالمائة مقابل 40 بالمائة). هذا المعطى يبدو أنه أكثر وضوحا ودلالة لدى الشباب (فئة 16-25) من الكهول ولدى النساء أكثر منه لدى الذكور ولدى المتعلمين وحاملي الشهادات المتوسطة والعليا من العاطلين أكثر منه لدى من هم دون هذا المستوى. وقد يعزى ذلك الى نظرية الحرمان النسبي والتى تربط بين ارتفاع المستوى التعليمي وارتفاع سقف التوقعات الاجتماعية والتشغيلية وارتباط ذلك بارتفاع مستوى الاحباطات وخيبات الأمل نتيجة طول أمد الحالات الانتظارية. ان الملاحظ في هذا الصدد هو أن خارطة «انعدام الثقة» في المستقبل التشغيلي تلتقي أو تكاد أن تتطابق مع خارطة البطالة في تونس، حيث تتوزع النسب الأكبر من خيبات الأمل في ما يمكن أن يعرف بالمثلث الأحمر : القصرينسيدي بوزيد وسليانة ، يضاف اليها الجنوب الغربي وهو الأكثر تضررا من التأثير المتزايد للحركة الاحتجاجية والاعتصامات والأكثر تضررا من واقع البطالة على المستوى الوطنى على الرغم من العدد الهام من المتعلمين وارتفاع نسب التمدرس فيه.
الثقة في الوزير الأول : عندما بدأت حكومة الوزير الأول السابق السيد الباجي قايد السبسي في العمل، كانت شعبيتها خلال شهر افريل في أعلى مستوياتها حيث وصلت مستوى 62,9 بالمائة، لتأت في المرتبة الثانية بعد مستوى الثقة الممنوح للمؤسسة العسكرية وللجيش الوطني. وعلى خلفية الحالة السياسية والاجتماعية التى ظهرت خلال صائفة 2011 فلقد تراجع مؤشر الثقة في الوزير الأول آن ذاك الى أدنى مستوى ، أي 26,5 بالمائة وهو ما أعتبر حينها تعبيرا عن مخاوف الرأي العام من عدد من المسائل المتصلة بالقطع مع الماضي واحتمال استمرارية الوزير الأول في منصبه خصوصا بعد تأجيل انتخابات المجلس التأسيسي التى كانت مقررة خلال شهر جويلية 2011 حيث تم تأجيلها بقرار مشترك بين الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات والحكومة لأسباب قيل عنها أنها أساسا تنظيمية ولوجستية. وعلى الرغم من انه كان من المتوقع ان يكون مستوى الثقة في الوزير الأول السيد حمادي الجبالي مقاربا للمستوى الذي بدأ الوزير الأول السابق ، نظرا ولكونه قادم عقب استحقاق انتخابي وفي سياق بناء جديد للشرعية، فان المستوى المسجل للثقة خلال الاستطلاع ، أي 35,8 بالمائة يعتبر تحول ايجابي نسبي مقارنة بمستويات الثقة المسجلة خلال شهر أوت 2011 (26,5 بالمائة). على أن الملاحظ في هذا الصدد هو أن الآراء المتعلقة بمستويات الثقة في الشخصيات السياسية وتحديدا في الرئاسات الثلاث لا تتطابق بالضرورة مع نوايا التصويت الحزبي. الثقة في تغير الخطاب الإعلامي للإذاعة و التلفزة الوطنية: التحسن التدريجي والملحوظ على أداء الإعلام العمومي هي من المسائل التى أكدها أفراد العينة خلال هذا الاستطلاع مقيمين الفارق (ولوكان ضئيلا) مع استطلاع الموجة الأولى خلال شهر أفريل 2011، حيث يتضح بأن مستوى الثقة في هذا المرفق العمومي يقارب ال: 25 بالمائة قياسا بمستوى 17 بالمائة المسجل خلال شهر أفريل 2011. في نفس الوقت. على أنه وبشكل عام تضل هذه النسبة ضعيفة قياسا لما هي عليه نسب الثقة في القطاع العمومي في العديد من الديمقراطيات العريقة والناشئة حيث تقارب مستوى النصف عموما. وقد يعنى ذلك بأن تطوير عمل هذا المرفق العمومي، هو من المستلزمات المطلوبة خلال المرحلة القادمة من خلال تحسين جودة الأداء وتحسين الصورة السائدة عن هذا المرفق والقطع مع ربطه التقليدي مع السلطات أيا كانت. الثقة في الإتحاد العام التونسي للشغل: مقارنة مع مستويات الثقة المسجلة في المنظمة النقابية (الاتحاد العام التونسي للشغل) خلال شهر أفريل 2011 (ما يقارب 47 بالمائة) فلقد سجل تراجع لافت في هذا المستوى بدأ مع استطلاع أوت 2011 ( 38,7 بالمائة) ليستقر اليوم في مستوى لا يتجاوز 18 بالمائة مؤكدا المخاوف من أن تنعكس الخلافات المتصلة بدور هذه المنظمة خلال العهد السابق وفرضية ضلوع قيادتها السابقة في عمليات فساد أو تجاوزات، على ضوء تقرير لجنة تقصي الحقائق ، على سيرها المستقبلي واشعاعها السياسي والاجتماعي . وعلى الرغم من أن هذه المنظمة النقابية العريقة قد خرجت قوية وبدماء جديدة عقب مؤتمرها الأخير (ديسمبر 2011) مع ما رافق ذلك من نقد ذاتي للتجربة الماضية ، وعلى الرغم من تعبير قيادة المنظمة المنتخبة عدم تبنيها للاعتصمات العنيفة التى تحول ودون استمرارية عمل المؤسسات، فان الصورة الطاغية لهذه المنظمة لدى قطاعات واسعة من الرأي العام اليوم ، هي صورة المحرض على الحركة الاحتجاجية وما يرافق ذلك من حالة ارباك للسير الطبيعي للاقتصاد في وقت استثنائي لا يرى فيه العد يدون سببا مشروعا للتصعيد الاجتماعي لمن لديهم عمل في وقت تقارب فيه البلاد رقم 800 ألف عاطل عن العمل. يبدو هذا بشكل أوضح من الارتفاع غير المتوقع لنسبة «اللاثقة» والذي يعتبر هو الأكبر منذ العام الماضي والذي يقارب 49 بالمائة . الثقة في الجهاز الأمني والجيش الوطني: اذا كانت مستويات الثقة في المؤسسة العسكرية هي الأعلى عقب الثورة ( ما يقارب 82 بالمائة خلال استطلاع أفريل 2011) نتيجة لما قام به الجيش من حماية للممتلكات وللأرواح ولحياده السياسي ودعمه للمسار الانتقالي، فان الضجة الاعلامية التى رافقت التحقيق في تحطم مروحية القيادة العسكرية خلال العهد السابق، ومحاولات المس من حيادية هذه المؤسسة كمحاولة للالتفاف على دورها الايجابي ، قد خلق حالة من الارتباك في المواقف أدت الى تراجع نسبي لهذه الشعبية وصل الى مستوى 66.4 بالمائة خلال شهر أوت 2011. على أن المرحلة الموالية وما رافقها من اختبارات داخلية وخارجية ( الإدارة الجيدة لسياسات دعم الثورة في ليبيا وحفظ الحدود )، كانت قد أدت الى استرجاع هذه المؤسسة لمكانتها ، حيث يؤكد 73,1 بالمائة من أفراد العينة المستجوبة مستويات ثقة مرتفعة في هذه المؤسسة يرى فيها البعض أهم ضامن لنجاح المسار الانتقالي. في نفس السياق ، شهدت النظرة الى المؤسسة الأمنية بعض التحسن ( 30,6 بالمائة من الثقة القوية مقابل 24,7 بالمائة خلال استطلاع أوت 2011). على أنه مع ذلك تضل هذه النسبة ضعيفة مقارنة بمثيلاتها في العديد من الدول. ان الملاحظ هنا هو أن مسألة الاصلاح وان أخذت بعدا عمليا منذ حكومة السيد الباجي قايد السبسي ، الا أنها تضل في حاجة الى الاقتران بتطهير المؤسسة وهو ما يعتبر مطلبا أساسيا لدى رأي العام، وكذلك لدى قطاعات واسعة من الأجهزة العاملة فيها سعيا لاستعادة هذه المؤسسة لدورها الطبيعي قطعا مع رواسب الماضي القريب. الثقة في الخدمات والادارات العمومية: يقصد بالخدمات العمومية هنا، تلك المتصلة بالتربية والتعليم ، بالصحة العمومية والخدمات البلدية والحماية الاجتماعية . وبناءا على ما تقدم من اجابات أفراد العينة، فلقد اتضح كيف أنها قد تراجعت بشكل ملحوظ ، وهو ما يفسر بتراكم المشكلات المتصلة بالادارة اليومية وبطبيعة العلاقة بين الادارة وبين المواطنيين، خصوصا في مدن الداخل. ان السمة الغالبة على هذا الوضع هي تلك التى تؤكد غياب الهيئات الرقابية خلال المرحلة الانتقالية ، حتى تلك التى كانت شكلية خلال العهد السابق، ولم تستبدل الى اليوم بآليات رقابية أو تقييمية بديلة . ويمثل هذا الجانب المستوى الأهم من مشاغل المواطن بعد مسألة البطالة ، خصوصا في الجهات.