الأول مغضوب عليه أو «مسكوت عنه» الى حين لأنه جاء الى المملكة في ظرف صعب تصاعدت فيه المطالب الاجتماعية والمظاهرات أمام البرلمان المغربي، جاء ليقبض حسب ما أوردته وسائل الاعلام المغربية 250 مليون سنتيم شهريا أي قرابة النصف مليار وهو رقم لا يستوعبه عقل فالرجل ليس ساحرا يأتي بالمعجزات حتى تقدم له هذه الامتيازات المالية التي لا تتوفر إلا في أكبر الفرق الأوروبية. مرتب غيريتس ظل طيلة الفترة الأخيرة الشغل الشاغل للشارع الرياضي المغربي والطبقة السياسية التي انغمست بدورها في هذا الجدل الساخن وخرج وزير الرياضة الجديد المنتمي الى حزب العدالة والتنمية الاسلامي محمد أوزين ليؤكد على أن جراية غيريتس ليست سرا من أسرار الدولة ويتعين الكشف عنها لكن نفوذ الجامعة الملكية المغربية كان أقوى في ما يبدو من التصريحات بما أن راتب غيريتس ظل حتى اللحظة طي الكتمان ولم يخرج عن دائرة التصريحات الاعلامية. رياضيا يبدو ايريك غيريتس على «كرسي هزاز» فانتقادات الأوساط الكروية كانت قوية جدا بعد اختياره مدينة ماربيا السياحية الاسبانية لإجراء التربص الأخير قبل ال«كان» وبعد تصريحاته الحذرة حول حظوظ الأسود في «المونديال الافريقي». الانتقادات صدرت عن بعض نجوم المنتخب السابقين وعن المدرب بادو الزاكي الذي شدد على أن المرتب الخيالي الذي يتقاضاه غيريتس والأموال الطائلة التي تمّ صرفها على المنتخب المغربي لن يتم التعويض عنها إلا بالحصول على اللقب الافريقي. وضع غيريتس ازداد تعقيدا خلال الأيام الماضية بعد الأخبار التي أوردتها الصحف السعودية حول اتفاق هذا المدرب مع مسؤولي نادي الهلال على العودة الى الفريق ان فشل الأسود في النهائيات القارية وهو ما سارع غيريتس الى نفيه. ليالي الأنس في دبي على غرار المدرب المنافس المشرف على الأسود يزداد وضع سامي الطرابلسي مدرب نسور قرطاج هشاشة يوما بعد يوم فالرجل دخل الى المنتخب ب«الأكتاف» بما أنه لم يدرب فرقا كبيرة ولم تكن له أصلا تجربة تستحق الاهتمام. الفوز مع المحليين ب«الشان» ليبقى مدربا وتسقط عدة أسماء محلية وأجنبية كانت مرشحة لخلافته لكن الحظ لا يبتسم دائما فالأوضاع داخل المنتخب ظلت كأوضاع عديد الادارات في البلد ترفض التغيير وإنهاء عهد اللوبيات والمافيات. الطرابلسي الهش رياضيا والضعيف أمام الكتلة الاسمنتية للمحترفين والتي يقودها كريم حقي تعمّد النوم في «دبي» ولم يسمع الطرق العنيف على باب غرفته وقد جاء لينبّهه الى السهرة الحمراء التي قضاها عدد من نجوم المنتخب في احدى العلب. رئيس الجامعة أنور الحداد خرج مرة أخرى الى الرأي العام الرياضي بنفس اللغة الخشبية ليكذّب ويتهم وسائل الاعلام بإثارة الفوضى وإرباك المنتخب مذكّرا الجميع بتلك العبارات النوفمبرية المحذرة من أصحاب القلوب المريضة والصائدين في المياه العكرة وكاد الحداد يصف الاعلاميين ب«أعداء تونس» لولا بعض الخجل. رياضيا لم يفلح سامي الطرابلسي في الافلات من الانتقادات فالرجل أبعد إيهاب المساكني واحتفظ بالدراجي المسجل في دفتر الغائبين كرويا منذ اختتام مسابقة رابطة الأبطال ومنح الثقة مجددا لعصام جمعة الذي أصبح وجوده في المنتخب سببا في صداع مزمن لأحباء المنتخب وتغافل عن قلة انضباط الشاذلي. مآخذ أخرى تطرح أيضا كلما جرى الحديث عن مدرب المنتخب منها شخصيته الضعيفة في مواجهة لاعبيين بعضهم لا يفهم إلا منطق العصا الغليظة ومنها كذلك افتقاده لخصلة مهمة لدى المدربين الكبار هي «الكوتشينغ». بالمحصلة لا شيء يدفع الى الاعتقاد بأن الطرابلسي سيبقى على رأس المنتخب وخصوصا بعد الفوضى التي حدثت في دبي ولعل ا لنقطة الايجابية الرئيسية التي يتوجّب الوقوف عندها في ما يتعلق بهذا المدرب هي الأجرة المتواضعة التي يتقاضاها والتي لا تتجاوز 18 ألف دينار تونسي.