المكان القاعة عدد 4 بمحكمة الاستئناف بتونس والزمان في حدود الساعة الحادية عشر صباحا والواقعة إقدام متهم موقوف على اضرام النار بجسده مما أحدث البلبلة داخل قاعدة الجلسة اضطر على اثرها رئيس الدائرة الى رفعها. «الشروق» التقت بعائلة المتهم للوقوف على حقيقة الواقعة. كان من المفروض ان تنطلق الدائرة 23 جنائي بمحكمة الاستئناف في البت في الملفات المنشورة أمامها. وكالعادة أدخل الموقوفون قاعة الجلسة تحت حراسة أمنية. استقل كل واحد مكانه في انتظار المناداة عليه. لكن وفي غفلة من الجميع استل أحد الموقوفين ولاّعة وتمكن من اضرام النار بثيابه. تدخل اثرها أعوان الامن وتمكّنوا من اخمادها ثم تم نقله الى غرف الايقاف في المقابل رفعت الجلسة وسط تعالي صياح الأم. ابني شعر بالظلم لذلك... هذا ما أكدت عليه السيدة منية الصغيري أم المتهم حليم الصغيري اذ تقول: «ابني شعر بالظلم والقهر لذلك حاول حرق نفسه فهو محكوم بالمؤبد بمعية شقيقه ووالده دون ان يرتكب الجريمة»، ثم تصمت قليلا بعد ان اختنقت بعبارات البكاء. حاولنا تهدئتها لمعرفة ملابسات القضية المحال من أجلها زوجها وابنيها، تتمالك نفسها وتواصل حديثها: «تعود أطوار القضية الى يوم 27 أفريل 2010 عندما نشب خلاف بين الهالك وابني حليم بجهة بومهل من ولاية بن عروس تحول الى معركة حادة انتهت بموت الهالك»ثم توضح قائلة «يوم الواقعة كان ابني حليم في طريقه الى أحد الباعة بعد أن اتصل به هذا الاخير لاقتناء غطاء صوفي في الاثناء اعترض سبيله الهالك ونشبت بينهما مشادة كلامية بادر خلالها الهالك حسب قولها بالاعتداء على ابنها على مستوى يده بواسطة سكين وفي الاثناء التحق ابنها الثاني والمدعو منذر وفي محاولة منه للدفاع عن شقيقه سدد عدة طعنات للهالك أردته قتيلا ثم لاذا بالفرار». تركنا الأم منية للتخفيف عنها قليلا وتوجهنا للحديث مع السيدة مبروكة زوجة المتهم حليم البالغ من العمر 22 سنة وقد بدت بدورها متأثرة جدا فتقول: «زوجي لم يرتكب جريمة القتل بل شقيقه منذر هو الفاعل الاصلي وقد اعترف بذلك فلماذا ينال زوجي نفس العقاب؟». يأس... ومناشدة بدت علامات الحزن واليأس معا على السيدة منية وزوجة ابنها مبروكة، ولئن لم تنكرا ارتكاب المدعو منذر للجريمة فإنهما يقرّان ببراءة الأب توفيق وابنه حليم. وأوضحت السيدة منية ان هناك فعلا أغراضا شخصية بين الهالك وأفراد عائلتها وأكدت ان الصدفة وحدها التي جمعت ابنيها بالهالك. وناشدت الجهات المسؤولة بإعادة النظر في القضية. ويشار الى ان المتهمين محالون من اجل جريمة القتل العمد مع سابقية الاضمار والترصد والمشاركة في ذلك، بعد ان تم ايقاف الشقيقين حليم ومنذر بمنطقة بن ڤردان للمرور الى ليبيا بمساعدة والدهما الذي وجهت اليه تهمة المشاركة في القتل لتستره على الجريمة، وقد قضت محكمة البداية بسجنهم مدى الحياة. وتم استئناف الحكم ومن المنتظر ان تنظر فيه مجددا الدائرة الجنائية في جلسة يوم 24 فيفري الجاري. السؤال المطروح هنا : من المسؤول عن هذه الحادثة؟ وأين دور أعوان السجون؟ ألا يخضع الموقوفون الى التفتيش قبل احضارهم الى المحكمة؟ فيجب اذن توخي الحذر أكثر حتى لا تتكرر مثل هذه الممارسات التي من شأنها تعطيل سير القضاء فاليوم أدخلت ولاّعة وغدا ربما شيء آخر.