«نصل الى العين ولا نشرب منها» هذا هو حال كرة اليد النسائية، فللمرّة الثانية على التوالي تخسر سيدات اليد في نهائي كأس أمم إفريقيا على يد نفس المنتخب الأنغولي المتربع حاليا على عرش إفريقيا في هذه الرياضة. هكذا تمكّن هذا الخصم اللّدود من انتزاع لقب إفريقي كان في متناول سيداتنا وهذه بلا شك خسارة موجعة كانت قد امتزجت بطعم الفوز لأن سيداتنا قدّمن مستوى إيجابيا في هذه المقابلة. منتخبنا يزخر بنجمات كثيرات من عالم كرة اليد مثل إيناس الخويلدي المتوجة مع فريقها الفرنسي بكأس أوروبا 2011، ومنى الشباح التي تألقت في البطولة الدنماركية ووداد الكيلاني سمراء كرة اليد التونسية التي أبدعت مع فريقها الفرنسي وغيرهن ممن ذاع صيتهن خارج حدود الوطن. ولكن منتخبنا اكتفى في كأس العالم بالبرازيل بالحصول على المرتبة الخامسة في مجموعته وخسر أربع مقابلات متتالية أمام البرازيل واليابان وفرنسا ورومانيا وهو ما يطرح عديد الأسئلة: لماذا ننجح إفريقيا في الوصول الى النهائي دون تحقيق التتويج؟ ولماذا ننسحب منذ البداية في المنافسات العالمية؟ هل أن إمكانياتنا محدودة أم أن الخلل يكمن في مستوى اللاعبات أو في المسؤولين بالجامعة؟ الشارع الرياضي التونسي يريد أن يفهم سبب هذه النتائج السلبية وقد حاولنا رصد آراء بعض اللاعبات والمدرب الوطني محمد علي الصغير ورئيس الجامعة مهدي خواجة حول هذه المسائل فكان التحقيق التالي: وداد الكيلاني : حققنا نتائج ايجابية «حققنا نتائج إيجابية وهامة ووصلنا الى النهائي عن جدار وخسرناه أمام أنغولا ولكن قمنا بمقابلة ممتازة بشهادة الجميع، ولكن هناك بعض الثغرات التي أثرت على مردودنا سواء في كأس العالم بالبرازيل أو في كأس أمم إفريقيا فنحن نلتقي مع بعضنا البعض مرة في السنة وتحديدا قبل فترة قصيرة من المشاركات الرسمية وهذا يؤثر سلبا على نتائجنا.. بالطبع هذا الاشكال خارج عن نطاقنا فهو يعود الى عدم سماح أنديتنا لنا بالحضور الى تونس وهنا أتحدث عن اللاعبات الموجودات في البطولات الأوروبية، بالاضافة الى ما ذكرته رهناك نقص واضح في التربصات الاعدادية. إجمالا أقول أن منتخبنا يملك لاعبات متميّزات على المستوى الافريقي ونحن قادرات على الوصول الى العالمية لكن شرط تجاوز النقاط السلبية التي ذكرتها». هالة مساعد : بطولتنا ضعيفة «المشكلة الرئيسية التي تعيق نجاح المنتخب هي الضعف الشديد للبطولة فنحن نشارك أسبوعيا في مقابلة واحدة يوم السبت وحتي وإن لعبناها فإننا نصطدم بمستوى بعض الفرق الذي لا يمكن وصفه إلا بكونه هزيلا جدا. هناك أربع جمعيات نسائية لها مستوى محترم هي جمعية الساحل والجمعية النسائية بالمهدية ورجيش وأريانة. هناك نقطة ضعف أخرى أيضا هي عدم اهتمام الجامعة باليد النسائية ناهيك أن أبسط متطلبات النجاح غير متوفرة، فالتربصات قليلة ولا توجد لقاءات ودية ولا منح مالية تشجيعة، وإن كان هناك تربص فهو قبل أي مشاركة افريقية أو عالمية لذا ستبقى كرة اليد النسائية بهذا المستوى الضعيف مادام مسؤولوها يفكرون بهذه الطريقة الدونية. للأسف نحن نملك طاقات هائلة ولاعبات كرة اليد أشبه بباقة من الزهور يعلوها الغبار ويلفها النسيان وبالتالي مصيرها الذبول تدريجيا». محمد علي الصغير (مدرب سيدات اليد) : نجحنا ولكن... «مردود المنتخب في كأس أمم إفريقيا لكرة اليد كان إيجابيا جدا فقد لعبنا 7 مقابلات وفزنا فيها وخسرنا فقط في النهائي مع أنغولا التي تتربع على عرش إفريقيا، أما في كأس العالم فكان مستوى الفرق المشاركة قويا جدا. وقمنا بواجبنا على أجمل وجه، ولا ننسى هنا الفارق الكبير بين مستوى اليد الافريقية واليد العالمية بل إن المقارنة بينهما لا تجوز، ومع ذلك لا يجب أن نغض الطرف عن سلبيات المنتخب التي تحول دون مزيد التألق وأولها وجود أبرز لاعباتنا في البطولات الأوروبية وعدم قدرتهن على الحضور للقيام بتربصات مع اللاعبات المحليات. هناك نقطة أخرى هي تشتت لاعباتنا بين البطولة الفرنسية والدنماركية والبلجيكية وهو ما يؤثر سلبا على مردودهن بما أن مستوى هذه البطولات متفاوت فنيا. إحقاقا للحق نملك منتخبا محترما افريقيا وله شخصية قوية وقفتم عليه في ال«كان» الأخيرة.. لا بد من التأكيد أيضا على أن من المشاكل الكبرى التي تعترضنا ضعف البطولة الوطنية». مهدي خواجة (رئيس الجامعة): هل نملك كرة يد نسائية ؟ «أولا هناك سؤال يطرح نفسه: هل نملك رياضة نسائية بصفة عامة وكرة يد بصفة خاصة؟ لقد طرحت هذا السؤال لأن إجابته واضحة فنحن نعاني الكثير من المشاكل في كرة اليد النسائية. بعث جمعية مختصة في اليد يتطلب 40 ألف دينار هي مقدار المنحة التي يتحصل عليها لاعب في كرة القدم في الرابطة المحترفة الثانية وللأسف مبلغ كهذا لا يمكن توفيره لدعم نشاط كرة اليد النسائية. هناك اشكالات كبيرة أيضا في برمجة التربصات والتدريبات وغيرها، وحسب اعتقادي هذه المشاكل لا تحلّ إلا عن طريق دعم قوي من سلطة الاشراف. للعلم فقط فنحن حاليا بصدد البحث عن فرق أوروبية يمكن أن تلتحق بها بعض اللاعبات البارزات في البطولة المحلية فقد تبين لنا في كأس العالم بالبرازيل أن مستوى لاعباتنا متفاوت جدا فالمحترفات متفوقات فنيا وبدنيا. هذه الحقيقة تأكدنا منها أيضا في ال«كان»، لذا سنحاول في المسابقات القادمة الحدّ من هذا المشكل والنسج على منوال المنتخب البرازيلي الذي كوّن فريق كرة يد نسائي قويا جدا ويحسب له ألف حساب بإرسال خمس بنات للعب في النمسا. في ما يتعلق بال«كان» الأخيرة أقول إننا وبشهادة الجميع قمنا بمباراة كبيرة جدا وكنا قادرين على الفوز لولا الأخطاء التحكيمية الفظيعة للطاقم الايفواري.. وعلى العموم نحن واعون بنقائصنا وسنحاول إصلاحها قبل الدورة القارية المقبلة».