ملامح الاحتفال بعيد الحب غزت الفضاءات التجارية ككل 14 فيفري...احتفال يرفضه البعض وينتظره آخرون فيما تجرمه أطراف أخرى. هدايا ملونة... وقلوب معلقة... وزينة تمتد على امتداد أجنحة كاملة وسط الفضاءات التجارية معلنة عن قدوم عيد العشاق أو عيد الحب ال «سان فالنتان»... «الشروق» حاولت التطرق إلى جذور الاحتفالات بهذا العيد الذي تونسه البعض ورفضه آخرون واعتبروه «حراما» لاسيما بعد تحريم «الزقوقو» فما بالك بال «فالنتان»... كما حاولت رصد موقف علم الاجتماع والنفس والدين من هذه الظاهرة.. تحول عيد «الفالنتاين» في 14 فيفري 2011 إلى تعبير حب من التونسيين إلى الجيش التونسي الذي ساهم في حماية ثورة الحرية وصانوا حرمة جسد التونسيين..فكانت الهدايا والورود من نصيب جنود تونس في صور أكثر من رمزية. بعض التونسيين هذا العام اختاروا أن يحول موجة الحب الدافئة نحو قلوب تحس بالإخوة التونسيين المنكوبين والمحتاجين المتأثرين بموجة الثلوج لعل دفء المشاعر الانسانية في «الفالنتاين» يذيب صقيع وثلج الفقر والخصاصة. هذا ما أكده لنا عدد من المواطنين والجمعيات الإنسانية العاملة على جمع التبرعات لفائدة المتضررين بموجة البرد. وقد اتخذت عدد من الجمعيات شعار إذابة الثلج للمحرومين والمحتاجين من ضحايا البرد والخصاصة في الشمال الغربي بدفء قلب التونسيين ودعت هذه الجمعيات إلى ترجمة «هذا الحب» في عيد «الفالنتاين» أو عيد الحب بالمساعدات والإعانات الإنسانية. تجارة وحركة جولة قادتنا نحو الفضاءات التجارية كشفت ازدهار تجارة أنواع من الهدايا...ويقول سالم (البائع) إن أكثر ما يتم بيعه هو الشكلاطة وهدايا الألعاب القطنية (Piluche) كما يتم بيع العطورات بدرجة كبيرة. وأكدت سامية (بائعة) أن التونسيين لم ينقطعوا عن الاحتفال بالفالنتاين وأن هناك شرائح مختلفة تعبر عن حبها وهم من العشاق لاسيما فئة الشباب.. لكن هناك من يشتري هدايا للأم والعائلة... وأشارت إلى أن الفتيات أكثر كرما في التعبير عن الحب.. بدورهم عبروا باعة الورود عن انتعاش سوق تجارة الورد لاسيما الزهور الحمراء والبيضاء في «الفالنتاين»؟.. وللإشارة تعتبر هولندا من البلدان الأكثر استفادة من عيد الحب حيث تنتعش صادراتها من الورود كل 14 فيفري نحو كامل أنحاء العالم . من جهة أخرى يؤكد تجار الأشرطة المضغوطة انتعاش سوق بعض «أنواع الأغاني» الرومنسية كما يقوم عدد من الحرفاء بتنزيل أغان غربية وعربية معروفة عن الحب في أشرطة. وحسب بعض المصادر المطلعة فإن أعداد الرسائل القصيرة على الجوال تنتعش في عيد «الفالنتاين» وهي رسائل تعبر عن العشق والحب بين المحبين والمخطوبين. ظاهرة ومجتمع تفاعلت المواقع الاجتماعية على «الفايس بوك» مع عيد الحب، وكانت مواقف وتعابير التونسيين مختلفة بين مؤيد للإحتفال بهذا العيد...ومتهرب لدواع مادية واختلاف في الرأي مع المحتفلين...فيما برزت بعض الأصوات المتطرفة والرافضة والمحرمة للاحتفال بعيد ال«فالنتاين». «الشروق» حاولت فهم وتحليل ظاهرة الاحتفال بالفالنتاين وعيد الحب من خلال الاتصال بدكتور في علم الاجتماع وهو الدكتور حبيب تريعة الذي أكد أن «عيد الحب» قد أصبح معروفا لدى عامة الناس وفي العالم، وقد عُرفت البلدان الأوروبية والمتقدمة بصفة خاصة بهذه الاحتفالات. وأضاف أن هذه الظاهرة هي بادرة طيبة لتقوية المحبة والمودة بين الأزواج والناس عموما. وأرجع انتعاش الاحتفال بهذا العيد في الغرب بغياب المشاعر الانسانية والبرود في سائر الأيام وهو ما جعلهم يخصّصون يوما ينعشون فيه مشاعرهم. واعتبر أن تونس بلد منفتح على العالم وعلى الحضارات وهو ما جعل التونسيين يحتفلون بهذا العيد، حيث اعتبر البعض أنّ هذه المناسبة فرصة ايجابية تجعل المواطنين أكثر اقترابا من بعضهم البعض، وتخلق أجواء حميمية و دافئة. وأشار الى انقسام الفكر التونسي الي قسمين فكر تقليدي، يبحث عن المحافظة على المكاسب وإرث الفكر الاسلامي، وقسم ثان متأثر بالغرب. وقد يلتقي الفكران أو يختلفان. بين التسيّب و«المودة» أشار الدكتور حبيب تريعة الى اعتبار الاحتفال بعيد الحب «عيب» و«ميوعة» وأنه «دلال» وتسيب لا يتماشى مع «السلوك العربي الاسلامي» وهو حكم متسرع. لكن هل يتماشى الاحتفال «بالفالنتاين» مع دولتنا العربية المسلمة ومجتمعنا؟ يقول دكتور علم الاجتماع حبيب تريعة، أننا نعيش في دولة ديمقراطية وما دام الاحتفال لا يثير حرجا للآخر، فكل حرّ في ممارساته وسلوكه وأنه من المهم أن تسود عقلية التسامح في المجتمع. واعتبر من «يُحرم» «الفالنتاين» والاحتفال والتعبير عن عيد الحب بامتلاك تفكير ضيق وغريب وساذج... فهم يبحثون عن مجتمع يتصرف فيه الجميع ويفكرون كما يفكرون هم وهذا سلوك مرضي. وأضاف الدكتور تريعة أننا في فترة البحث عن الذات والهوية بعد الثورة، لذا فإن صراع الأفكار متواتر واختلاف القناعات موجود. لكن الأهم هو تعوّد المجتمع التونسي على الانفتاح وقبول الانفتاح. من جهة أخرى يري محدثنا أن ظاهرة الاحتفال بعيد الحب تنتشر في المدن الكبرى... وأن الفضاءات التجارية قد شجعتها وأشاد بفكرة تونسة هذه الظاهرة وتحويلها نحو أهداف إنسانية راقية مثل التعبير عن الحب للعائلة ونحو الفئات المحتاجة والفقيرة. مشاعر ورومانسية أرجع الدكتور عماد الرقيق (دكتور في علم النفس) الاحتفال بعيد الحب الى الاطار العام وهو بحث الانسان عن الرومانسية والصداقة. وأضاف أن التونسي بطبعه منفتح ويعيش في اطار عالمي «معولم» وهو يحتفل بعيد الحب على غرار احتفاله بأعياد أخرى مثل عيد الأمهات. واعتبر أنّ الاحتفال بهذه المناسبات من شأنه أن يقوي العلاقات الأسرية والزوجية وأن الاحتفال به مسموح ما دام لا يتسبب في أي ضرّر، بل على العكس يثري الجو العام. وحول أسباب اهداء الشكلاطة والورود قال إن الهدية تخلق جوّا عاما من الألفة والمودة. كما أن الشكلاطة مضادة للاكتئاب وتخلق أجواء من الهدنة والهدوء بين الأزواج.