إطلاق خط أخضر جديد    في علاقة بقضيّة الشهيدين بلعيد والبراهمي... إحالة الرئيس السابق لنقابة العدلية على دائرة الإرهاب    الوطن القبلي.. هذه أسعار أضاحي العيد    بنڨردان.. الإحتفاظ بمجموعة من الاشخاص من أجل الإتجار في الأسلحة والذخيرة    نشطاء كوريون جنوبيون يرسلون بالونات محملة بمنشورات دعائية إلى الشمال    الأمم المتحدة تعتزم إدراج إسرائيل ضمن "قائمة العار"    التصفيات الافريقية المؤهلة لمونديال 2026 (المجموعة الثامنة): فوز مالاوي على ساوتومي وبرنسيب 3-1    للمرة الثانية.. ريال مدريد يلجأ لفنان مغربي    منتدى الأعمال الكوري التونسي الإفريقي يوم 13 جوان 2024 بتونس العاصمة    الإعلان عن الفائزين في المسابقة الوطنية لفن السيرك    الدورة 48 لمهرجان دقة الدولي من 29 جوان إلى 10 جويلية و11 سهرة في البرنامج    قبلي: تنظيم ورشة تكوينية بمدرسة علوم التمريض حول استعمال المنظومة الاعلامية في تلاقيح الاطفال    مصالح الحرس الديواني بالمنستير وسوسة تحجز كميات من البضائع المهربة بقيمة تفوق المليون دينار    الأونروا: "يوم مروع آخر" في غزة بعد قصف الجيش الصهيوني مدرسة للوكالة..    مُفتي الجمهورية : عيد الإضحى يوم الأحد 16 جوان    تسجيل أكثر من 40 حالة غش في امتحان الباكالوريا بسليانة وسيدي بوزيد ومدنين    صورة اكتسحت منصات التواصل.. ما حقيقة الأخطبوط العملاق؟    الفنانة التشكيلية الهام سباعي تكتب تاريخ المرقوم في معرضها الشخصي بداية من 9 جوان    السعودية تعلن أول أيام شهر ذي الحجة ويوم عيد الأضحى    الموسيقي التونسي ظافر يوسف يقدم عرضا في مهرجان الجاز بشرق سيبيريا    أمسية "تونس المجد".. غدا بفضاء "المجلس" بسكرة    وفد صيني رفيع المستوى في زيارة إلى موقع مشروع "مدينة الأغالبة الطبية بالقيروان"    عاجل/ قرار قضائي بمنع حفل "تذكّر ذكرى" المبرمج الليلة    عاجل/ جندوبة: العثور على جثة راعي بمنطقة جبلية على الحدود مع الجزائر    إيلون ماسك: بعض الدول قد تختفي بسبب نقص الولادات    وزيرة الصناعة تشدّد على ضرورة استقطاب الاستثمارات الفرنسية    ضبط انموذج التزكيات وتحديد الوسائل الترتيببة والتقنية في هيئة الانتخابات    ذاكر لهيذب: شروط الترشّح متوفّرة وبرنامجي الإنتخابي جاهز    العائدات السياحية تزيد ب7،8 بالمائة في موفى ماي 2024    ديوان الطيران المدني والمطارات :ارتفاع حركة عبور المجال الجوّي    تونس تعكف على إعداد استراتيجية وطنية للتصدير تركز على أسواق آسيا وأمريكا اللاتينية    القيروان: الدورة 24 للمهرجان الوطني للمونولوج    ريال مدريد يعترض على إقامة كأس العالم للاندية 2025 في الصيف    عاجل-أثارت ضجة كبيرة/ فاتورة ماء بإسم "الجمعية التعاونية الإسرائيلية": الصوناد تكشف وتوضح..    السيطرة بالكامل على البؤرة الثانية للحشرة القرمزية بالقصرين    اليوم رصد هلال شهر ذي الحجة 1445    عاجل: هيئة كبار علماء السعودية تكشف موعد عيد الأضحى    وفاة برهان الكامل سفير تونس لدى باكستان    بعد إنسحابه من رولان غاروس: نوفاك ديوكوفيتش يخضع لجراحة ناجحة في الركبة    تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة: وزارة الصحة تصدر بلاغ هام وتحذر..#خبر_عاجل    انطلاق أولى السفرات التجريبية لقطار المسافرين بين تونس والجزائر    عاجل/ مستجدات في جلسة محاكمة شيماء عيسى..    وزارة التربية تنفي تسريب اختبارات اليوم الثاني لإمتحان الباكالوريا    النادي الافريقي يصدر بلاغ هام..#خبر_عاجل    يهم أحباء النجم الساحلي: آخر تطورات الأشغال بالملعب الأولمبي بسوسة    رئيس الحكومة يلتقي عددا من أفراد الجالية التونسية بسيول    اجة: مبادرة بقبلاط لتخفيض سعر الخرفان    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الخامسة والعشرين    بهدوء: التفّاحة أصبحت...بصلة !    تعقب العناصر الإجرامية الخطيرة المفتش عنها في باجة    إسبانيا تنضمّ إلى الدعوى التي قدّمتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد الكيان الصهيوني    الجيش البريطاني يؤكد عدم جاهزيته لحرب عالمية ثالثة    السعال الديكي يتفشّى في أوروبا والسلطات تحذّر    كأس العالم للسيدات (أقل من 20 سنة): "الفيفا" يقرّر استخدام تقنيّة الفيديو    الصحة العالمية تعلن تسجيل أول وفاة بشرية بمتحور من إنفلونزا الطيور..#خبر_عاجل    طقس اليوم: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    قفصة: الاحتفاظ بكهل يصنع مادة 'الڨرابة' المُسكّرة وحجز معدات    طبيب فرنسي يُهاجم نادين نسيب نجيّم...كيف ردّت عليه؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سليانة : فقر و معاناة و غياب لمقومات الحياة
نشر في الشروق يوم 24 - 02 - 2012

منذ عقود ظلت عديد الارياف بولاية سليانة تعيش الحرمان الكلي وان كلمة «مناطق الظل تتجسد قلبا وقالبا في ربوع الجهة...هذا ما اكتشفته «الشروق» خلال جولتها ببعض الأرياف التي لا تزال تعيش التهميش بين الجهات لاسيما المحرومة منها.
انطلقت جولتنا من وسط مدينة الروحية الواقعة جنوب ولاية سليانة على بعد 70 كم في اتجاه منطقة الحبابسة التابعة اداريا لمعتمدية الروحية على حدود ولايتي سيدي بوزيد والقيروان ومنذ الدقائق الأولى لانطلاق هذه الرحلة بدأت مظاهر الفقر والتهميش تظهر شيئا فشيئا حتى خلنا أنفسنا في رحلة نحو أدغال افريقيا، البداية كانت بالطريق حيث كثرت الحفر والمنخفضات، كما انعدمت فيها اشارات المرور، زد على ذلك كثرة المنعرجات وضيق المسافة العرضية المعبدة للطريق حيث لا تسمح بمرور سيارتين ولم تلحقها الصيانة منذ انشائها في مستوى منطقة «القصيرة» حيث تكثر المنعرجات لصعوبة المنطقة الجبلية والتي لا تسمح بمرور العربات الثقيلة كالشاحنات والحافلات.
المواطنون في هذه الربوع عند سفرهم يستقلون شاحنات هي في الأصل معدة لنقل البضائع فيتكدسون في صناديقها الخلفية ان أسطول النقل العمومي من حافلات وسيارات أجرة وسيارات نقل ريفي ينعدم بهذه الجهة.
لتعوضها شاحنات غير آمنة وخصوصا في ما يتعلق بالتلاميذ المقدر عددهم بالمئات في تنقلهم نحو مؤسساتهم التربوية بمدينة الروحية لمسافات طويلة يلسعهم فيها البرد والجليد شتاء ويحرقهم لفح الشمس ربيعا وخريفا، دون أن تحرك السلطات المحلية والجهوية ساكنا أمام هذه الوضعية.

مؤسسات تربوية كأنها مواقع أثرية

في طريقنا الى منطقة الحبابسة استوقفنا الفضول الصحفي لاكتشاف الحياة داخل المدارس الابتدائية بهذه الربوع فكان الاختيار على مدرسة «الجلاب القديمة» بمنطقة الجميلات التابعة لمعتمدية الروحية.
دخلنا محيط المدرسة فخلنا أنفسنا نتجول بموقع اثري ينتظر الصيانة: ثلاثة أقسام يتيمة يؤمها حوالي 50 تلميذا بدت مظاهر الفقر والبؤس بارزة على وجوههم واطار تربوي يتكون من أربعة معلمين بمن فيهم مدير المدرسة اضافة الى عون تنظيف هو السيد طارق القاسمي الذي حدثنا عن النقائص العديدة التي تشهدها هذه المدرسة على وجه الخصوص ومنطقة «الجميلات» بصفة عامة.
اذ يقول «رغم عراقتها، الا أنها لا تزال تفتقر الى أبسط المرافق الضرورية خاصة الماء الصالح للشراب، كذلك الحالة المزرية لسور المدرسة الذي لم يكتمل بناؤه لأسباب مجهولة».
زد على ذلك الوضعية السيئة لدورات المياه والمرافق الصحية في غياب الحنفيات وعدم توفر المياه بالكميات الضرورية وبسؤالنا عن كيفية التزود بالماء أشار باصبعه الى صهريج أخضر يوجد بالقرب من المدرسة ومحاذ للطريق المؤدية الى منطقة الحبابسة فاتجهنا هناك أين وجدنا السيد محمود الرقيعي المكلف بشؤون المحرك الكهربائي الذي يضخ المياه داخل هذا الصهريج لفائدة المدرسة وبقية المتساكنين والمقدر عددهم بحوالي 300 عائلة حسب كلام السيد محمود الذي أضاف قائلا: «صعوبات كبيرة تواجهنا للظفر ببعض القطرات من الماء فكثيرا من الاحيان ما تجف هذه البئر العميقة خاصة في فصل الصيف حيث نتذوق الأمرين للحصول على قطرة ماء تروينا.
انعدام المرافق الضرورية

اتجهنا نحو منطقة «المقرونة» التابعة لعمادة الحبابسة الجنوبية من معتمدية الروحية «حيث يعيش سكانا فقرا مدقعا زادته صعوبات التضاريس سوءا على سوء» على حد تعبير السيد الهادي بالحاج أحد المواطنين القاطنين هنا منذ عقود طويلة فالمنطقة لا تزال تعيش التهميش والاقصاء رغم مرور أكثر من سنة على قيام ثورة الكرامة على حد تعبير الخالة «زهرة» التي وجدناها تملأ الماء من الوادي فحدثتنا بنبرة حزينة وبتلقائية سكان الريف عن منطقتها قائلة «منطقتنا منسية وأنتم أول وسيلة اعلامية تدخلها معمر لبرق والتهامي بن منصور قالا: سئمنا الحياة على هذه الشاكلة فمنطقتنا تفتقر الى كل المرافق الضرورية وخاصة الماء الصالح للشراب حيث نقطع أكثر من سبع كلم للتزود بالماء من المناطق المجاورة التابعة للولاية القيروان على ظهور الحمير والبغال ومن لا يقدر على قطع هذه المسافة يلتجأ مكرها لجلب الماء من الوادي المجاور لمنطقتنا رغم ملوحة الماء وعدم صلاحه للشراب» وباستفسارنا عن قصة هذا المبنى المغلق منذ سنوات (مركز الفتاة الريفية) أضاف السيد معمر لبرق قائلا: «افتتح هذا المركز التابع لمنظمة النمو الجماعي الواقع مقرها الرسمي بالعاصمة لكنه سرعان ما أقفل أبوابه في وجه بناتنا اللاتي كن تستفدن منه بتعلمهن صناعة المرقوم والزربية واعانة عائلاتهن بتوفير بضعة دنانير تساعدهن على لقمة العيش».

الثقة منعدمة

«ليست لدينا ثقة في السلط المحلية بجهتنا فنحن منسيون منذ دهر طويل مدينة الروحية» بهذه الكلمات الممزوجة بغضب كبير استقبلنا الشابان حمادي بالحاج وعبد العزيز نصر من الروحية مضيفين: «سامح الله السلط المحلية والجهوية بولاية سليانة لقد همشونا وأقصونا من الخريطة تماما، ألسنا تونسيين؟ ألا يحق لنا العيش الكريم؟» وفي نفس السياق أضاف السيد لزهر الخذيري صاحب محل عطرية بالجهة قائلا: «مصائبنا في هذه الجهة كثيرة فلقضاء شؤوننا الادارية بالمعتمدية أو الولاية يلزمنا القيام منذ الرابعة صباحا للعثور على وسيلة نقل توصلنا الى وجهتنا المحددة أما اذا مرض شخص فقد تفاجئه المنية قبل وصوله اقرب مركز صحي فالمنطقة بعيدة جدا ومهمشة أكثر فمصاريف كثيرة ننفقها من أجل قضاء بعض الشؤون البسيطة زد على ذلك غياب وسائل النقل العمومية وهو ما من شأنه مضاعفة همومنا»، ويشاركه في هذا الموقف السيد الهادي بالحاج الذي أردف قائلا: «على منطقتنا السلام».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.