مدينة مهمشة شباب يعاني البطالة، إرث من الآثار مهمل ومعرض للاندثار في حاجة إلى لفتة خاصة من الحكومة حتى تكون وجهة سياحية على غرار أكبر المدن السياحية بالعالم. على بعد بعض كيلومترات شرقي الحدود الجزائرية، وأنت تتجه إلى مدينة «تبسة» الجزائرية تربض مدينة «حيدرة» هذه المدينة الصغيرة بمساحتها والمهمشة في بنيتها... بعض المقاهي تحاذي الشارع الوحيد الذي يحملك إلى القطر الجزائري أين يجلس شباب هذه المدينة يترشفون القهوة وينفثون دخان سجائرهم مع زفرات ألام دفينة من الحرمان وضبابية المستقبل فأغلبهم درس بالجامعات ولكنهم بقوا الرواد المخلصين لهذه المقاهي إلا من امتهن مهنة تهريب البنزين.. المدينة كما المعتمدية بكاملها تفتقر إلى أي مصنع أو إدارة محلية فلا بنك ولا قباضة مالية ولا فرع لأي صندوق من الصناديق الاجتماعية ولا نوادي ثقافة ولا نوادي شباب ولا ملاعب رياضية...
مدينة جاثمة على 232 هكتارا من الاثار اندثر اغلبها أما ما بقي منها قائما فهو مأوى للطيور الكاسرة والزواحف، ومن أهم أثار هذه المدينة التي تعتبر أقدم مدينة بشمال إفريقيا (كنيسة ميليوس والضريح الرباعي الأعمدة والضريح السداسي الشكل وقوس النصر والمسرح والمعبد والحصن البيزنطي والحمامات)... ارث كبير يجسّد تاريخ بلادنا يزخر بشواهد طُمس اغلبها تحت الأرض... فلو وجدت العناية والعزيمة الصادقة لأصبحت هذه المدينة بشهرة مدينة البتراء الأردنية والأقصر المصرية...ولو وجدت سياسة حكيمة لجعلت منها مزارا لآلاف السياح الذين يبحثون عن السياحة الثقافية خاصة وهي لا تبعد إلا بعض كيلومترات عن مائدة يوغرطة الشهيرة، ومدينة «مكتريس» مكثر حاليا، ومدينة تالة أو (ثالة باللغة البربرية وتعني عين الماء).. ومحمية «الشعانبي» ومسالكها السبعة والتي تمتد على مساحة 7000 هكتار بالقصرين ، ويوجد بها قرابة 250 نوعا من الغزلان البرية... كنوز من ارثنا الثقافي مهمل..ونحن لا نتحدث إلا عن السياحة البحرية والصحراوية التي ألفها السياح وربما ملوها لان السياحة الثقافية هي المقوم السياحي الدائم غير المتكرر أو المتشابه أو القابل للمنافسة. فمدينة حيدرة لو توظف للسياحة الثقافية مع رسم خطة ترويجية مدروسة ستعطي للوسط الغربي نقلة نوعية على مستوى التنمية المحلية إضافة إلى التبادل التجاري مع القطر الجزائري... ولكن هذا يتطلب خطة مدروسة من وزارتي الثقافة والسياحة فيا حبذا لو توظف بعض الحضائر القارة مع علماء في الآثار والذين تزخر بهم بلادنا حتى يشرعوا في النّبش وترميم هذا الإرث العظيم حتى نجعل من هذه المدينة وجهة سياحية على غرار ما يوجد بالأردن ومصر وتركيا والبلدان التي سبقتنا في مجال السياحة الثقافية.