قررت الدائرة الجنائية المنتصبة يوم الثلاثاء الماضي بمحكمة الاستئناف بتونس في ساعة متأخرة من نفس اليوم تبرئة ذمة الشاب الذي قضي في شأنه بالسجن لمدة خمس سنوات وتخطئته بملغ 12 الف دينار وحرمانه من الصكوك البنكية لمدة العقاب وحرمانه من الوظيفة العمومية ومن حقه ناخبا او منتخبا مدى الحياة، لاتهامه «بتدليس صك». وضت لصالحه بعدم سماع الدعوى باعتبار عدم توفر الاركان المادية للجريمة المنسوبة اليه. وكانت النيابة العمومية وجهت للمتهم تهمة تدليس صك بعدما تبين من خلال الابحاث عدم تطابق الامضاء المرفق بالصك بالامضاء الاصلي لصاحبه، وتقدّم شاهدان بشهادتهما افادا من خلالها ان المنتفع بالصك صرّح لهما قبل وفاته بأنه استلم الصك موضوع التدليس من قبل المتهم لقاء بضاعة اشتراها منه وهو ما كان كافيا بالنسبة الى محكمة الدرجة الاولى بإدانته. وكنا نشرنا تفاصيل القضية في «الشروق» الصادرة امس. وقام محاميه بالطعن في هذا الحكم الابتدائي لدى محكمة الاستئناف حيث شكك في مبررات الادانة مؤكدا ان جريمة تدليس الصك هي جريمة تقنية مادية يلجأ فيها القاضي الى الوسائل العلمية والعقلية ولا دخل فيها للوجدان. وأوضح ان تقرير الاختبار الفني نفى اي تشابه بين الامضاء المرفق بالصك موضوع التدليس وخط منوبه، كما طعن في شهادة الشاهدين لاستنادها الى عملية اختبار وليس مشاهدة مباشرة. واضاف لسان الدفاع ردّا على قول محكمة الدرجة الاولى بتذبذب اقوال المتهم بين ما صرّح به لدى باحث البداية وما ادلى به امام قاضي التحقيق، بأن المحكمة لم تكن صائبة في رأيها لأن منوّبه لم يمثل اصلا امام باحث البداية بل مثل مباشرة لدى قلم التحقيق. وهو الرأي الذي اقتنعت به محكمة الاستئناف لتلغي في قرارها الادانة والحكم الابتدائي وتقرّ من جديد بعدم سماع الدعوى. وقد تابع اطوار القضية عدد هام من المحامين والمعنيين بالقانون والمتابعين لأهمية النقاش القانوني والتشريعي الذي دار حولها، واعتبر عدد من المحامين ان الطعن بالاستئناف واسترجاع المتهم لحقوقه وثبوت براءته هو دليل على اهمية التقاضي على درجتين في المادة الجنائية.