بعيدا عن ضجيج البلد عاشت تونس وتحديدا قفصة حدث عودة جثة الشهيد البطل عمران المقدمي الذي استشهد دفاعا عن الأمة العربية منذ سنوات طويلة...هذه العودة الرمزية كفيلة بتجاوز بعض النسيان الكبير والتعتيم الذي تعاملت به تونس
مع خبر هذا الشهيد في زمن سابق...لذلك سيعلم جانب كبير من التونسيين ممن لا مصادر لهم هذه الايام فقط بحكاية هذا البطل... ... عاد عمران في أيام ليست على ما يرام في البلد...صحيح ان دكتاتورا قد ولى وأن البلاد شهدت ربيعا لكن هذا الربيع بدا يلوح بالعجب فأشجار الحرية والكرامة التي تمت زراعتها ظلت قصيرة وصغيرة وهشة وقابلة للذبول... ... عاد عمران ولم يعرج على شارع الحبيب بورقيبة حتى لا يعتدى عليه وطار إلى قفصة حيث الأهل والأحباب والرفاق وعشاق العروبة اليتامى والمتيمين في ان واحد... أحالتني هذه العودة على قصيدة الشاعر الراحل عامر بوترعة المهداة إلى والدة الشهيد وتصويره للحظة العودة...فالشهيد لا يعود ميتا وإنما يعود حيا حسب تصويره لينطق ويتكلم... وعمران المقدمي إذ يعود اليوم فهو ينطق لكن ليس بلسانه وإنما بحكايته وبطولته... عاد عمران اخيرا مثلما توقع ذلك الشاعر ليحدثنا عن مجد المقاومة والبطولة ويكون شاهدا على نضالات تونسيين في سبيل فلسطين والامة العربية...وليعانق ثرى تونس في يوم تفوح فيه رائحة عبق التاريخ و«الكروموجان» في آن واحد... هذه القصيدة واحدة من القصائد التي تحسب للشاعر الراحل عامر بوترعة الذي رغم عدم تصادم قصائده مع النظام يعتبر صوتا للبداوة والعروبة و قد ترك في مدونته الكثير من القصائد الثورية والتحم بالقضايا العربية...وربما لم تجد تجربته الاهتمام الكافي من النقاد.