يقتل قريبه ليتخلص من إساءاته! تونس الشروق كان يتيما... لم تكن له زوجة ولا أبناء ولا إخوة ولكنه وجد قبل أيام من يبكيه بحرارة ويتأسف لمقتله المأساوي ويمشى في جنازته لا غرابة في ذلك إذا علمنا أن استقامته وأخلاقه العالية جعلته محبوبا ومحترما في منطقته الريفية التابعة لولاية جندوبة. هو شاب أعزب يبلغ من العمر24 سنة ويشتغل في البناء. كنا أوردنا في »الشروق« خبر العثور على جثته دون أن نتعرض إلى أسباب القتل ومن له مصلحة في ذلك نظرا لتضارب الروايات والاحتمالات والشكوك، لكن فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بجندوبة تمكنت بمساعدة الفرقة المركزية للحرس الوطني بالعوينة من كشف الحقيقة فتم ايقاف القاتل الذي اعترف بفعلته وذكر مبراراتها قبل أن يشخص الجريمة مؤخرا. يستعد للزواج كان الضحية قد وجد قبل أيام مقتولا في بركة ماء قريبة من الولي الصالح »سيدي عبيد» (على بعد 10 كيلومترات تقريبا من مدينة بوسالم). وكشفت الأبحاث الأولية عن معلومات بسيطة فالهالك توفي ليلا اثر طعنة بآلة حادة قد تكون سكينا. ولكن من له مصلحة في قتله؟ يبدو السؤال محيرا لأن الهالك عرف بدماثة أخلاقه واستقامة سلوكه واحترامه لجميع المحيطين به. وقد ولد هذا السؤال لدى أهالي المنطقة الريفية بعض الشكوك والاحتمالات أهمها أن يكون القتل مرتبط بطريقة غير مباشرة بخطيبته. كان الهالك تقدم قبل مدة لخطبة ابنة خالته بعد أن وجد كل طرف في الآخر نعم الشريك، وقد كان عند هلاكه يستعد للزواج منها. شكوك واهية عرفت الخطيبة بقدر كبير من المحاسن فهي جميلة ورفيعة الأخلاق وحسنة التربية ومستعدة للتضحية من أجل أقاربها. كانت شقيقتها هلكت قبل سنوات بصدمة كهربائية فخلفت اللوعة والحزن ورضيعة في أشهر حياتها الأولى. وقد عبرت الخطيبة عن استعدادها للزواج بأرمل شقيقتها حتى تكون خير أم للرضيعة لكن الفكرة لم تجد صداها فمرت الأشهر حتى كانت المناسبة السارة بإعلان خطوبة البنت لابن خالتها الهالك. فلما ظهر خبر الجريمة أكد البعض أن أحد الشبان كان مولعا بالخطيبة وأنه لم يكن مستعدا لقبول فكرة ارتباطها بغيره. ولهذا لم يستبعد البعض فكرة اقدامه على قتل الخطيب لازاحته من طريقه لكن المحققين تأكدوا من براءة ذلك الشاب. أفسد المحبة؟ كان اللغز محيرا وكان على مباشري البحث أن يستنفدوا خبرتهم وحنكتهم وذكاءهم فكانت النتيجة توجه الشبهة نحو أحد أقارب الهالك قبل أن تظهر وقائع مغايرة : كانت أواصر المحبة متينة بين الطرفين لكن الهالك بادر حسب رواية المشبوه فيه باضعافها قبل افسادها. وحسب توضيحه فإن الهالك كان يسيء إلى سمعته وشرفه بحكاياته وأقواله فحاول نهيه مستعملا جميع الوسائل السلمية لكنه تمادى في اساءاته فحقد عليه المشبوه فيه ولم يجد حلا أفضل من التخلص منه. وقد تخمرت الفكرة في ذهنه فتسلح بسكين وراح يترصد ضحيته ثم اختار الوقت والمكان المناسبين فانقض على قريبه وقتله دون أن يلفت انتباه أحد من الأجوار أو المارة. وعلمنا أن المتهم كشف عن أداة الجريمة ثم شخص فعلته فيما سارع قاضي التحقيق في استنطاقه بتهمة القتل العمد مع سابقية الاضمار في انتظار ما ستقرره دائرة الاتهام.