مازال الأستاذ محمد المكشر ينشر بلاغات على أعمدة الصحف تحت صفة رئيس لجنة الانتخابات لسد الشغور في خطة عميد المحامين، في الوقت الذي يمارس فيه أعضاء مجلس الهيئة برئاسة العميد شوقي الطبيب سلطتهم على المحاماة. الأستاذ محمد المكشر، وهو الذي عرف بصرامته عندما كان رئيسا للفرع الجهوي للمحامين بتونس، يتم اليوم اختياره من قبل بعض المحامين الرافضين لتولي الأستاذ شوقي الطبيب عمادة المحامين، رئيسا «للجنة الانتخابات والمكلف بتسيير شؤون العمادة مؤقتا» إلى حين انتخاب عميد جديد إلى حين انتهاء المدة النيابية سنة 2013. وسيتم عقد جلسة عامة انتخابية يوم الأحد 13 ماي 2012 بأحد النزل بالمنزه السابع بتونس العاصمة.
إلا أنه، حسب مصادرنا فإنه لا وجود لترشحات إلى حد الآن لمنصب العميد، وهو ما يضع لجنة التسيير في موقف محرج خاصة وان البلاغ تضمن إيداع مطالب الترشح لدى مقر الهيئة الوطنية للمحامين، أي لدى إدارة الهيئة.
العيادي ينفي
تداول عدد من المحامين اسم الأستاذ عبد الرؤوف العيادي لمنصب العميد من أجل سدّ الشغور. إلا أنه نفى، في اتصال مع «الشروق» تقديمه لترشحه إلى حدّ الآن، وقال الأستاذ العيادي إن بعض المحامين اقترحوا عليه الترشح لمنصب العميد، لكنه لم يقرّر بعد، وأبلغهم بأنه متفرّغ حاليا لموضوع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، الذي يشهد انشقاقا، خصوصا بعد تولي مجموعة من الحزب بقيادة عماد الدامي مستشار رئيس الجمهورية المؤقت، عزل العيادي من منصب الأمين العام. العيادي قال ل«الشروق»: «إنه ليس بإمكانه الجمع بين ما يجري في حزبه وعمادة المحامين». ومع ذلك، فإن اختيار ما يسمى بلجنة التسيير التي يرأسها الأستاذ محمد المكشر، مقر الهيئة لقبول الترشحات، لا يخلو حسب المتابعين من مجرّد تسجيل حضور لا غير، إذ أنه عمليا واداريا، فإن مجلس الهيئة الوطنية للمحامين برئاسة العميد شوقي الطبيب تمسك بكل الملفات، وخاصة أخطر ملف وهو الملف المالي، إذ أن أمينة المال الأستاذة سعيدة العكرمي ملتزمة مع مجلس الهيئة، ولم تتراجع عمّا أنيط بعهدتها في كل ما تعلق بمالية الهيئة الوطنية للمحامين.
التسيير الفعلي
عمليا وإداريا، فإن شوقي الطبيب هو المسيّر الفعلي لمجلس الهيئة الوطنية للمحامين باعتباره العميد، ويتجسم ذلك من خلال إشرافه على 6 جلسات لترسيم عدد من المحامين الجدد، واشرافه على 6 جلسات تأديب تم خلال محو عدد من المخالفين وتشطيب أسماء من جدول المحاماة، كما تم ايقاف أحد المحامين لمدة 6 أشهر وآخر لمدة عام، وأشرف أيضا على مجلسي تأديب. وبالتالي، فإنه واقعيا، يمسك مجلس الهيئة الآن بكل مفاصل المهنة وهو الممارس الفعلي للسلطة المخوّلة له قانونا.
وقد زادت الجلسة العامة الخارقة للعادة التي انعقدت يوم الجمعة 20 أفريل وسط العاصمة وضوحا، بقلب موازين القوى مرحليا لفائدة أنصار عمادة الطبيب، والدفاع عن وحدة المحاماة، ورفض مسلك مهنة برأسين.
وسيتم حسم الأمر يوم 5 ماي المقبل عندما يتم استفتاء المحامين حول عمادة الطبيب سواء بالقبول أو الرفض مما يعني غلبة هذا التوجه نظرا للأسبقية التاريخية عن الموعد الانتخابي للجنة التسيير المزمع عقد جلستها العامة يوم 13 ماي.
الدفاع عن الدفاع
عدد من المحامين، خاصة الشبان منهم، أعادوا إحياء لجان، عرفت تاريخيا بنضالها ضد الديكتاتورية مثل لجنة الشؤون المهنية ولجنة الدفاع عن الدفاع، التي أسسها محامون شبان خلال العشرية الأخيرة من حكم نظام بن علي، مثل شوقي الطبيب العميد الحالي، وفوزي بن مراد وبشير الطرودي ونجاة اليعقوبي ويوسف الرزقي وغيرهم من المحامين الشبان الذين أصبحوا اليوم من كبار المهنة.
هذه اللجان عادت اليوم للنشاط، لكن بدماء جديدة وشباب سنة 2012 من المحامين إذ تدارسوا أمس مسألة التوزيع العادل لقضايا الدولة على المحامين، بعدما كانت في شكل ارشاد للمحامين المقربين من حزب الجمّع وجماعات النظام السابق. كما تقرّر بعث مرصد لشؤون المحاماة وإصدار تقرير شهري حول أوضاع المهنة مع عرضه تقرير شهري حول أوضاع المهنة مع عرضه دوريا على وسائل الاعلام وهياكل الاشراف على المهنة ومختلف المتدخلين في المرفق العدلي كما تقرر القيام بحملة مراقبة على مباشرة المهنة لضبط من يباشر المحاماة ومن انقطع عن مباشرتها، كما تقرر القيام بحملة مهنية ضد الأساليب غير الشرعية للمنافسة بين المحامين، والقيام بدورات تدريبية في التوثيق بالاشتراك مع المعهد العربي لحقوق الإنسان.
الخلادي في البال
إذن، العميد الطبيب ومن معه، بصدد خلق واقع قد يستحيل معه القبول بزراعة انشقاق داخل مهنة عرفت تاريخيا بحساسية مفرطة بشأن مسألة وحدة هياكلها، خاصة بعد تجربة الانقلاب على العميد الخلادي في ستينات القرن الماضي وسجنه من قبل بورقيبة، وبعد محاولة نظام بن علي عبر وزيره للعدل البشير التكاري تقسيم مهنة المحاماة إلى هيئات جهوية.