تضاربت المصادر في تقدير نسبة المشاركة في انتخابات الجزائر التي جرت يوم الأمس ففي حين أكد وزير الداخلية الجزائري ان النسبة وصلت في حدود الساعة الرابعة مساء الى34،94 ٪ يقول زعماء الجبهة الاسلامية للإنقاذ المحظورة أن نسبة المشاركة أقل بكثير.
الى حدود الساعة الرابعة من ظهر يوم الأمس الخميس العاشر من ماي تدخل وزير الداخلية الجزائري ثلاث مرات في بهو وزارته الواقعة في وسط العاصمة الجزائر ليقدّم توضيحات بخصوص نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية التي انطلق التصويت فيها على الساعة الثامنة صباحا بكافة مكاتب الاقتراع الموزعة على كامل التراب الجزائري.
وقال وزير الداخلية الجزائري السيد دحّو ولد قبايلية ان النسبة بلغت الى حدود الساعة العاشرة صباحا 14.11٪ لترتفع في حدود الساعة الثانية عشرة الى 15،50٪ ووصلت نسبة المشاركة في الساعة الرابعة ظهرا الى 58٪.
لكن هذه النسب المقدمة من طرف وزير الداخلية الجزائري كانت محل تشكيك صدر عن قادة الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة والتي قرر مسؤولوها مقاطعة الانتخابات بل واعتبروا ضعف مشاركة المواطنين الجزائريين في الاقتراع انتصارا لهم في حين اعتبر بعض الملاحظين السياسيين ان ضعف نسبة المشاركة إذا تواصل الى الساعة السابعة موعد اغلاق المكاتب الانتخابية فإنه سيعطي برلمانا ضعيفا لا يمثل عموم الشعب الجزائري.
وكانت «الشروق» قد زارت منذ الصباح الباكر عديد مكاتب التصويت في مناطق عديدة من العاصمة الجزائر كالحرّاش وحسين داي وبلوزداد وباب الواد والقصبة وديدوش مراد والقبّة لنتأكد من حسن سير العملية الانتخابية والحقيقة أن كل الظروف تم توفيرها ليؤدي الناخب الجزائري واجبه فآلاف المدارس والمتوسطات والثانويات فتحت أبوابها لاستقبال 21 مليون ناخب وسط انتشار كبير لقوات الشرطة والدرك الوطني وكانت وحدات الأمن قد تمركزت منذ يوم الثلاثاء في المفترقات ومداخل المدن لمراقبة السيارات والشاحنات خاصة تلك الوافدة على العاصمة الجزائر وتعزز التواجد الأمني في محيط العاصمة الجزائر يوم الأمس خاصة بالقرب من مراكز الاقتراع حيث لاحظنا ارتداء الأعوان بالقرب من مراكز الاقتراع للأزياء الواقية من الرصاص في حين كانت عديد الدوريات تخضع السيارات الى تفتيش دقيق بواسطة الآلات الكاشفة للمتفجرات وعن أجواء الانتخابات داخل مكاتب الاقتراع فقد لاحظنا ان أغلبية الناخبين كانوا يرددون جملة واحدة: «سنصوّت للجزائر» ما فهمنا منه ان هناك عدم اهتمام بالمترشحين من الاربعة وأربعين حزبا المشارك في الانتخابات.
الأحزاب بين متفائل ومتخوّف
في الأثناء تواصل الاحزاب المترشحة الحرب الكلامية فيما بينها لتنقسم الى شقين بين متفائل ومتخوّف. الى ذلك قال السيد قاسي عيسى من حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم ان حزبه سيبقى اول وأكبر قوة سياسية في البلاد وسيحرز أكبر عدد من المقاعد في البرلمان القادم متوقعا ان تحصل جبهة التحرير الوطني ما بين 100 و150 مقعدا من أصل 462 مقعدا.
في المقابل جاءت تصريحات الناطق الرسمي باسم حزب التجمع الوطني الديمقراطي السيد ميلود شرفي لتتحدى قادة حزب جبهة التحرير الوطني قائلا بالحرف الواحد: «سنرى من سيفوز: نحن أم هم؟» في حين فضّل قادة جبهة القوى الاشتراكية لآية أحمد الصمت في انتظار الاعلان عن النتائج النهائية للانتخابات المقررة نهاية الاسبوع.
ولم تخف الاحزاب الاسلامية السبعة المترشحة قلقها من الظروف التي تدور فيها الانتخابات وقال أحد قادة جبهة العدالة والتنمية أحد الأحزاب المتحالفة في تكتل الجزائر الخضراء وهو تكتل للأحزاب الاسلامية ان هناك عديد التجاوزات حصلت خلال الحملة الانتخابية وكذلك في مراكز الاقتراع وهو ما يبرّر مخاوفنا من حدوث تلاعب بالنتائج.
حرب مفتوحة..
رغم تحذيرات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتهديدات رئيس الهيئة المراقبة للانتخابات السيد محمد صدّيقي باللجوء الى القضاء فإن أحزابا عديدة خرقت قانون الصمت بعد انتهاء الحملة الانتخابية وواصلت الترويج لمرشحيها إما بتعليق صورهم على الجدران او حتى فضح منافسيهم من خلال توزيع وثائق تورطهم في تجاوزات مالية.
وأكد السيد مسعود يعقوب عضو اللجنة الوطنية للاشراف على الانتخابات ان اللجنة تلقّت 9 ألاف إعلام بتجاوزات قانونية تتعلق بالحملة الانتخابية كما احالت اللجنة 20 ملفا الى النيابة العامة بعد تأكدها من ثبوت تجاوزات تمثلت بالخصوص في استعمال وسائل الدولة من سيارات إدارية ومقرات حكومية وتهم هذه الملفات بالاساس حزبي جبهة التحرير الوطني الحاكم وحزب التجمع الوطني الديمقراطي القريب من الحكومة.
ميدانيا تم حرق مقر أحد الاحزاب في بلدة أم البواقي من طرف عناصر تابعة لحزب منافس في حين قدمت لجنة مراقبة الانتخابات بولاية الوادي الواقعة في وسط البلاد استقالتها بعد تأكد حصول تزوير في المكاتب الانتخابية المتنقلة وفي نفس المدينة تعمد مجهولون الاستيلاء على صناديق التصويت والفرار بها الى وجهة غير معلومة. وفي ولاية سطيف الواقعة في شرق البلاد سكب أحدهم ما يقارب 5 كلغ من الدهن على أحد المترشحين بعدما تفطن هذا الأخير اليه وهو يعلق صورة مرشح آخر عوضا عن صورته.
في ذات السياق تعرض الشيخ عبد الله جابالله رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية الاسلامي الى حملة قد تعصف بآمال الحزب في الفوز بالانتخابات بعدما علق مجهولون على الجدران نسخة من حساب بنكي على ملكه في اسبانيا بقيمة 100 ألف أورو وبيانات عن ممتلكاته في دول أوروبية مختلفة وكان الشيخ عبد الله جابا& قد نفى خلال الحملة الانتخابية أن تكون له أموال في الخارج.
انفجارات وقتلى
رغم الهدوء الكبير الذي ميز الحملة الانتخابية في الجزائر فقد شهد يوم الاربعاء وليلة الخميس عديد الانفجارات لقنابل يدوية الصنع في مناطق مختلفة من الجزائر وأدت هذه الانفجارات الى مقتل جندي تابع للجيش الوطني الشعبي الجزائري وجرح ثلاثة عسكريين في حين أصيب ستة من رجال الأمن الجزائري بجروح متفاوتة الخطورة ووجهت أصابع الاتهام الى بقايا المجموعات الارهابية التي فقدت الكثير من قوتها خلال السنوات الأخيرة.
وكانت قوات الأمن الجزائري قد ألقت القبض على مواطن تونسي في محيط ولاية عنابة بعدما تجاوز الحدود التونسية الجزائرية خلسة وباستنطاقه صرح المواطن التونسي أنه قدم الى الجزائر من أجل الانضمام الى مجموعة ارهابية تخطط للقيام بتفجيرات تهدف الى افساد العملية الانتخابية.