يشهد قصر الإليزيه صباح اليوم مراسم تسليم السلطة من الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته نيكولا ساركوزى إلى الرئيس المنتخب فرانسوا هو لاند، والذي يبدأ ولاية جديدة لمدة خمسة أعوام. يبدأ حفل انتقال السلطة في فرنسا في الساعة العاشرة بإجتماع مغلق في قصر الإليزيه، ثم سيتم تنصيب الرئيس السابع للجمهورية الخامسة (القائمة منذ 1958) فرانسوا هولاند الذي وصل بأغلبية أصوات51.6% لتفتح فرنسا صفحة جديدة من تاريخها، ولكنها صفحة اشتراكية هى الثانية بعد ولاية الرئيس الفرنسى الأسبق فرانسوا ميتران التي بدأت في عام 1981.
ويحضر مراسم نقل السلطة والتنصيب رموز الدولة والوزراء السابقون والمنتهية ولايتهم، إلى جانب الفريق الانتخابي للرئيس الجديد وممثلي وسائل الإعلام، ولكن يغيب عن الاحتفال أبناء هولاند بحسب ما أكدته سيغولين رويال عضوة الحزب الاشتراكى والرفيقة السابقة للرئيس الفرنسى من أن أبناءها الأربعة من هولاند لن يشاركوا في مراسم تنصيب والدهم، معللة ذلك «بالحرص على أن نبدأ ولاية جمهورية لا غبار عليها».
ماراطون هولاند
وسيلقي الرئيس الجديد بعد مراسم تنصيبه كلمته الأولى قبل المرور في شارع الشانزيليزيه في سيارة «سيتروين ديه أس5» مكشوفة، وهى مراسم تقليدية يقوم بها كل رئيس جديد للبلاد في بداية ولايته قبل أن يتوجه إلى قبر الجندي المجهول بقوس النصر، على أن يقوم بعد ذلك بزيارة بلدية باريس بدعوة من رئيسها الاشتراكي أيضا برتران ديلانوي الذي دعا أيضا أبناء الشعب الفرنسى إلى الاحتشاد للترحيب بهولاند ومتابعة هذه الزيارة من خلال الشاشات العملاقة التي وضعت في محيط مقر البلدية بقلب العاصمة.
وحرص الرئيس الفرنسي المنتخب فرانسوا هولاند على عدم إغفال الرموز وتكريم الرموز الثقافية منها في يوم تنصيبه، كما يعلن غدا أيضا عن اسم رئيس الوزراء الجديد، على أن يتم الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة غدا الأربعاء.
ويبدأ الرئيس الفرنسي الجديد فورا واعتبارا من بعد ظهر اليوم أولى خطواته في «الملعب الدولي» حيث سيتوجه غدا إلى برلين للقاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، حيث ستتركز مباحثاتهما على موضوع النمو في أوروبا وإدارة الأزمة اليونانية بعد التعبير عن مواقف متضاربة في هذا الشأن بين الزعيمين.
ويتوجه هولاند يوم الجمعة القادم إلى واشنطن حيث يلتقي في البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي وجه له الدعوة فور فوزه في الانتخابات الأسبوع الماضى، ويعتبر المحللون أن الدعوة لها «بعد رمزي» في حين كان من الممكن أن يلتقي أوباما نظيره الفرنسي على مائدة عشاء قادة مجموعة الثماني المقررة في المساء نفسه بمقره في كامب ديفيد.
ويلوح في الأفق موضوع خلافي بين أوباما وهولاند قد يتطلب حلا وهو ملف افغانستان فهو لاند يرغب في سحب القوات الفرنسية المقاتلة قبل نهاية 2012، فيما خططت واشنطن التي تقود العمليات في أفغانستان لانسحاب بحلول نهاية 2014.
ويشارك الرئيس الفرنسي الجديد في كامب ديفيد في قمة الدول الصناعية الكبرى الثماني التي ستبدأ بعشاء مخصص لسوريا وإيران وكوريا الشمالية وميانمار. وتعقد يوم السبت القادم لقاءات أخرى غير مسبوقة لهولاند مع قادة أفارقة تم دعوتهم للتحدث عن الأمن الغذائي مع القوى العظمى، قبل يومين من قمة في شيكاغو مع نظرائه الدول الأعضاء في الناتو.
من روان الى الإيليزيه
ورحلة هولاند من مسقط رأسه في مدينة روان في النورماندي ووصوله إلى داخل قصر الإليزيه ربما تكون غير معروفة للبعض حتى من أبناء الشعب الفرنسى. وبنى المرشح الاشتراكى الذي ولد في 1954 في عائلة ميسورة مدينة روان بمقاطعة نورماندي (شمال غرب البلاد) طموحه شيئا فشيئا وتخرج من كبرى المعاهد الواحد تلو الآخر، وفي المدرسة الوطنية للإدارة مهد النخبة السياسية الفرنسية التقى سيغولين رويال التي تحولت إلى رفيقته طيلة 25 عاما وأم أبنائه الأربعة، لكنها هي من دخلت الحكومة وخاضت 2007 بينما اضطر هو إلى البقاء في الظل.
وفي عام 1981، وبعد وقت قصير من انتخاب ميتران كآخر رئيس فرنسي من اليسار، خطا الشاب الطموح هو لاند خطوته الأولى في رحلته الطويلة باتجاه قصر الإليزيه، حيث رسخ صورته كرجل يعبر عن المواطن بعد نجاحه الباهر في تمثيل المنطقة في البرلمان، ثم أصبح زعيما للحزب الاشتراكى.