جدد القضاة المشاركون في الجلسة العامة الخارقة للعادة لجمعية القضاة التونسيين أمس دعوتهم للمجلس الوطني التأسيسي إلى ضرورة التعجيل بسن القانون المتعلق بالهيئة الوقتية التي ستشرف على القضاء العدلي وحذروا من سن قانون يفتقر إلى ضمانات فعلية لاستقلالية الهيئة طبق المعايير الدولية. قرابة ال900 قاض من كافة أنحاء الجمهورية سجلوا أمس حضورهم بالجلسة العامة التي انعقدت بقصر المؤتمرات بتونس تحت شعار «من أجل هيئة قضائية مستقلة... من أجل سلطة قضائية مستقلة».
مشروع الوزارة كارثي
تمسك القضاة برفضهم المطلق لمشروع وزارة العدل المتعلق بالهيئة الوقتية التي ستشرف على القضاء العدلي وقالوا إنه كارثي ولا يستجيب للمعايير الدولية لاستقلال القضاء وأكدت رئيسة الجمعية كلثوم كنّو أن القضاة لن يقبلوا بأي قانون يحدّ من مسؤوليتهم وهو الأمر الذي يجسده مشروع الوزارة الذي يجعل القضاة مجرد هيكل تابع لها .
وتساءل القاضي فتحي القلاع عن كيفية الحديث عن صياغة مشروع قانون يؤبد لوصاية السلطة التنفيذية على القضاء وقال إنه حان الوقت حتى يكون القضاة أسياد أنفسهم ولن يسمحوا بتمرير هذا المشروع موضحا أن جمعية القضاة قد تقدمت بمشروع متكامل ويستجيب للمعايير المتفق عليها.
فيما اعتبر بعض المتدخلين من القضاة ان مشروع وزارة العدل استخفاف واستهزاء بهم وتمسكوا بالتركيبة القضائية للهيئة الوقتية عن طريق الانتخاب وحذروا من محاولات الزج بالقضاء داخل التجاذبات السياسية وكلف القضاة المجتمعون بالجلسة المكتب التنفيذي للجمعية بصياغة وثيقة تحليلية للمشروع من طرف وزارة العدل من الوجهتين القانونية والواقعية.
وصرحت رئيسة الجمعية أنهم سيخوضون كل الاشكال النضالية من أجل التصدي لهذا المشروع الذي تقهقر له وضع القضاء على حدّ قولها وأكدت أنهم كمكتب تنفيذي كانوا في مستوى المسؤولية المناطة بعهدتهم مؤكدة رفضهم النموذج الذي اختزل القضاء كسلطة تابعة للسلطة التنفيذية.
الحركة القضائية : مرفوضة
أعلن القضاة مقاطعتهم لأي هيئة خالية من ضمانات الاستقلالية سواء بالترشح أو الانتخاب رافضين إجراء أي حركة قضائية أو تعيينات خارج الهيئة الوقتية التي ستشرف على القضاء العدلي وقال القاضي فتحي القلاع ان الحركة القضائية لا يمكن أن تقع هذه السنة مقترحا أن يعاد النظر مجددا في مسألة التعيينات وأضافت السيدة كنو أن الأمر في غاية الأهمية ويجب الالتزام بالمعايير الدولية وذلك بمجالس عليا قضائية منتخبة خاصة أن القضاة على أبواب عطلة قضائية وقرروا مبدأ الاضراب كآلية للتصدي للمماطلة في سن قانون الهيئة الوقتية وطالبوا المكتب التنفيذي ادراج الاضراب ضمن جدول اعمال المجلس الوطني لتحديد شكل الاضراب ومدّته وبداية تنفيذه.
مسألة الاعفاءات: أوّل اعتراف بوجود الفساد
تطرّق القاضي أحمد الرحموني الرئيس الشرفي لجمعية القضاة خلال مداخلته الى قرار وزارة العدل باعفاء 81 قاضيا من مهامهم وقال ان الوزارة غير مختصة في اصدار أوامر الاعفاء لكن اعتبر ان ما صدر عنها هوأول اعتراف رسمي من سلطة كانت تنكر وجود أي فساد حتى وإن اعتبر الأمر مناورة سياسية وقال انه على القضاة أن يواجهوا بوعي وموضوعية اعلانا بمثل هذه الخطورة. وأوضح ان مبدأ الاعتراف بوجود فساد في المنظومة القضائية هو مسألة يجب ان تكون في أولوية الاعتبارات، لكن اعتبر ان قرار الوزارة تجسيم لانفراد السلطة السياسية بالوضع القضائي وقال انهم كقضاة ضد اعفاء القضاة بطريقة انفرادية.
ورأى بعض المتدخلين ان ما حصل بخصوص الاعفاءات مهزلة من مهازل الثورة وتساءل القاضي صلاح الشيخاوي قائلا «كيف يعيّن القاضي بأمر ويعزل بقرار؟».
المجمع القضائي
طالب القضاة المجتمعون أمس وزارة العدل بالكشف عن مشروعها بخصوص المجمع القضائي وتمسّكوا بضرورة التشاور مع القضاة في اطار الشفافية والعلنية بما يضمن تكوينه وفق معايير مضبوطة على أساس الكفاءة والنزاهة ودون تمييز بين القضاة.
وقد اتفق القضاة في نهاية الجلسة على صياغة رسالة مفتوحة حول الوضع القضائي وتوجيهها الى الشعب التونسي مع المطالبة بمقابلة الرئاسات الثلاث.