176 مشروعا بكلفة 191 مليونا و578 ألف دينار من بينها 91 مليونا و265 ألف دينار مبرمجة سنة 2012 لفائدة ولاية المهدية.. ذلك ما كشف عنه وزير التنمية الجهوية والتخطيط مؤخرا في إطار زيارة الوفد الوزاري للجهة. الوفد الوزاري ضم السادة عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع الوطني، وجمال الدين الغربي وزير التنمية الجهوية والتخطيط، ومحمد لمين الشخاري وزير الصناعة، وسليم الفخفاخ وزير السياحة، ومهدي مبروك وزير الثقافة كان من المبرمج أن يعقد جلسة عمل مع الإطارات الجهوية، وأعضاء المجلس التأسيسي، وممثلي الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني بمقر ولاية المهدية، إلا أنه وأمام الأعداد الغفيرة من المواطنين الذين قدموا من مختلف معتمديات الولاية لتبليغ أصواتهم للوزراء فقد تقرّر في آخر لحظة تغيير مكان انعقاد اللقاء إلى نزل «رويال المنصور».
وبتأخير دام قرابة الثلاث ساعات عن الموعد المبرمج انطلق الاجتماع وسط أجواء مشحونة، ومناوشات، وشعارات مرفوعة هنا وهناك تنادي بأحقية الشغل، وبحق الولاية في التنمية، وبإدماج عمال الآلية 16 وغيرها من المطالب بكلمة والي المهدية محمد الناجم الغرسلي بعد تلاوة الفاتحة على أرواح شهداء الثورة عرض فيها المشاكل التي تعاني منها الولاية في مختلف القطاعات على غرار البنية التحتية المترهلة، والصيد البحري، والوضع العقاري، والبطالة، مطالبا بمراجعة التنظيم الإداري، وبإعادة تصنيف الولاية، ومؤكدا أن متساكني الجهة ليسوا في حاجة إلى حلول استعجالية بقدر حاجتهم إلى استراتيجية تنموية حقيقية.
تركيز ثكنة عسكرية
وزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي عدّد بدوره وباعتباره ابن الجهة النقائص العديدة التي تعاني منها ولاية المهدية، معتمدا على الأرقام والنسب الدالة على التهميش الذي تعرضت له طيلة العقود الماضية، ومن بينها نسبة التحضر التي لم تتجاوز 55%، ونسبة الأمية 23%، ونسبة التزود بالماء الصالح للشراب 97%، مما يعني أن 3% من السكان البالغ عددهم أكثر من 400 ألف نسمة لا يتمتعون بهذه الخدمة الحيوية، وهو رقم مرتفع جدا حسب تعبير وزير الدفاع، هذا بالإضافة إلى ضعف التغطية الصحية (طبيب لكل 1258 ساكنا)، وقلة عدد المؤسسات الصناعية الذي لم يتجاوز 46 مؤسسة.
وفي نفس السياق أكد السيد الزبيدي أن التنمية تتطلب تكاتف الجهود والشراكة بين مختلف الأطراف الفاعلة إلى جانب الدولة وخاصة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، ورجال الأعمال، مضيفا أن الأشهر المتبقية من عمل الحكومة الحالية لا يمكن أن تُنجز فيها جميع المشاريع المبرمجة باعتبار قصر المدة، وما تتطلبه المشاريع الكبرى من وقت للانجاز، حاثا المواطنين على ضرورة التزام الواقعية في الطلبات والأخذ بعين الاعتبار منطق الأولوية.
وفي جانب آخر أعلن وزير الدفاع الوطني لأول مرة بمناسبة هذه الزيارة، وإضافة إلى المشاريع المزمع انجازها عن قرار تركيز ثكنة عسكرية ومركب سكني يضم قرابة 3500 عسكري وعائلاتهم بمنطقة «العالية» بتكلفة جملية تصل إلى 23 مليون دينار بالنظر إلى افتقار الجهة إلى تغطية عسكرية، ومساهمة في مزيد استتباب الأمن، وتقريب الخدمات من الشباب خاصة.
ميزانية غير كافية
وزير التنمية الجهوية والتخطيط السيد جمال الدين الغربي قدّم من جهته عرضا مفصلا للمشاريع المبرمجة بولاية المهدية والتي قُدرت كلفتها ب 191 مليونا و578 ألف دينار من بينها 91 مليونا و265 ألف دينار مبرمجة سنة 2012 وموزعة على عدة قطاعات من بينها 40 مشروعا في قطاع التربية بكلفة 5 مليون و489 ألف دينار، و35 مشروعا في البنية التحتية بكلفة 24 مليون و415 ألف دينار، و27 مشروعا في قطاع الفلاحة بكلفة 10 مليون و762 ألف دينار، و15 مشروعا في قطاع الصحة بكلفة مليون و820 ألف دينار، و6 مشاريع لتهيئة المناطق الصناعية بكلفة 5 مليون دينار، و5 مشاريع في قطاع التعليم العالي بكلفة تناهز 3 ملايين دينار.
وشدّد السيد الغربي في مداخلته على أن توزيع ميزانية الدولة بين الولايات تم على أسس علمية ورياضية دون تدخلات من أي طرف، ودون حسابات سياسية لعل أبرزها الخصائص الهيكلية والاقتصادية والاجتماعية لكل ولاية، إلى جانب معطى الكثافة السكانية وهي طريقة يقع اعتمادها لأول مرة في تونس والتي يجب تضمينها في دستور البلاد حسب رأيه لأنها تعتبر من المكاسب الهامة في تونس ما بعد الثورة.
مرحلة النقاش دارت في أجواء متشنجة وساخنة حاول وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي السيطرة عليها وتهدئة الأوضاع أكثر من مرة، وذلك بالنزول من المنصة والتحاور مباشرة مع المواطنين الذين تزاحموا من أجل تسجيل أسمائهم وتبليغ أصواتهم وآرائهم التي تمحورت حول ضعف الميزانية المرصودة للمشاريع بالمقارنة مع عدة جهات أخرى، وضرورة القطع مع البيروقراطية، والروتين الإداري المعطل للاستثمار، والغموض الذي مازال يلف المشروع السياحي بسبخة «بن غياضة» وحقيقة الاستثمارات القطرية، والمشاكل التي يعاني منها قطاع الصيد البحري، والعدالة بين المعتمديات في التنمية، ومشاكل البطالة المتفاقمة في صفوف الشباب.