نفذ أمس أعوان الصحة اضرابا عاما عن العمل بكامل المستشفيات والمراكز الصحية وهو ما خلق ردود أفعال عنيفة من قبل المواطنين وصلت حد الاعتداءات المادية على الأعوان. أعداد غفيرة من المواطنين كبارا وصغارا تدافعوا أمس أمام الابواب الرئيسية للمستشفيات التي أوصدت أبوابها أمام الجميع باستثناء الحالات الاستعجالية، كل يعبّر عن غضبه من إضراب أعوان الصحة بطريقته الخاصة خاصة أولئك الذين تكبّدوا عناء السفر وقدموا من جهات بعيدة عن العاصمة صحبة أبنائهم ولا مأوى لهم فمنهم من حاول الاستفسار عن سبب الاضراب وندّد بعدم اصدار بلاغ رسمي في الغرض لتفادي مشقة التنقل ومنهم من سلّم أمره لله قائلا: «حسبنا الله ونعم الوكيل... الفاتورة يدفعها المواطن دائما» فيما اختار آخرون «الحجارة» كوسيلة للاعتداء على الأعوان تعبيرا منهم عن رفضهم لمبدإ الاضراب وعمد شق آخر الى قطع الطريق للتنديد بتعطيل مصالح المواطن.
الاجواء لم تكن عادية في كل المستشفيات بل كانت مشحونة بالتوتر رغم محاولة أعوان الصحة تبرير لجوئهم للإضراب وشرح مطالبهم وبسط المظالم التي يتعرض اليها القطاع منذ سنوات والتي أضرّت بالمواطن موضحين ان في تحسين وضعية عون الصحة تحسينا لخدمة المواطن وان اضرابهم اضطراري بعد فشل المفاوضات مع سلطة القرار والتراجع عن الاتفاقيات المبرمة معها حيث اكد السيد عبد الرزاق الحفيان كاتب عام نقابة أعوان الصحة بمستشفى صالح عزيز الذي يضم قرابة 550 عونا من ممرضين وعملة أن مطالب القطاع لا تراجع عنها خاصة مطلب المنحة الخصوصية المقدّرة ب 70 دينارا ومطلب سحب الفصل الثاني من القانون الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية على أعوان الصحة بمختلف أسلاكهم الى جانب بقية المطالب الأخرى. وتساءل عبد الرزاق الحفيان عن سرّ التضارب الحاصل بين وزراء الحكومة ذاتها قائلا: «مع من سنتفاوض إن كان قرار وزير الصحة غير معترف به» وهو ما أيده عبد العزيز رزقي كاتب عام نقابة مستشفى الأطفال الذي تذمّر بدوره من الظروف الصعبة التي يعمل في كنفها عون الصحة مشيرا الى أن الاضراب هو آخر حلقات التفاوض وهو لم يكن غاية بقدر ما هو محاولة للفت أنظار السلط المعنية للنهوض بالقطاع في ظل حكومة شرعية. وقال إن قطاع الصحة يعاني من نقص فادح في الاعوان وهو أمر يعرقل سير العمل ويسبب ضغطا كبيرا على كل من العون والمريض ويوتر العلاقة بينهما وقال: «آن الأوان للنهوض بقطاع الصحة ونفض الغبار الذي تراكم عليه طيلة سنوات».
وقد سانده الرأي السيد جموعي بوزيان منددا بالاعتداءات الحاصلة على الأعوان من قبل بعض المواطنين والتي خلفت كسرا لأحد الممرضين وإصابة بليغة على مستوى الرأس لاحدى الممرضات بمستشفى الأطفال استوجبت نقلها الى قسم الاستعجالي بمستشفى شارل نيكول للتداوي وحمّل جموعي المسؤولية كاملة الى سلطة الاشراف والى وزير الشؤون الاجتماعية الذي رفض الاتفاق الحاصل بين الطرف النقابي ووزير الصحة قائلا: «استغرب موقف خليل الزاوية النقابي الذي له دراية كبيرة بشواغل قطاع الصحة ومع ذلك ها هو يقف حجر عثرة أمام تحسين وضعيتها».
طيب حامد قيم عام بمستشفى الأطفال ابدى من جهته تفهمه للاعتداءات الحاصلة من قبل بعض المواطنين الذين توافدوا من مختلف الولايات باعتباره المستشفى الوحيد في الجمهورية ومن الطبيعي ان تكون ردّة فعلهم عنيفة خاصة أن أغلبهم لا مأوى له في العاصمة إضافة الى مشقة السفر والمصاريف التي في انتظاره جرّاء تأجيل المواعيد.واقترح طيب حامد إنشاء مستشفيات مماثلة خاصة بالأطفال في الجنوب والوسط لتفادي الاكتظاظ وتيسير المعالجة لمتساكني المناطق البعيدة عن العاصمة وختم حديثه قائلا: «إن الاضراب في خدمة المواطن وليس ضده» كما طالب الهادي النفزي بضرورة ادماج العملة بسلك الصحة العمومية والتسريع في الترقيات مؤكدا ان نقص الاعوان يجعل العامل يشتغل عدة خطط ولابدّ من النهوض بقطاع الصحة.
مواطنون يتذمّرون
حاولنا التحدث الى بعض المواطنين فأبدوا استياءهم من «الحيف» و«الظلم» المسلط عليهم وهم القادمون من توزر وقبلي وقفصة وجندوبة وغيرها من المناطق البعيدة منددين بعدم إبلاغهم مسبقا بتاريخ الاضراب لتفادي ما وقع من اعتداءات حيث أكدت السيدة هادية الأندلسي ان مطالب أعوان الصحة مشروعة وعلى الحكومة تلبيتها ونادت بتوفير الأمن في كافة المؤسسات أما سميرة أولاد علي فقد صرّحت أنه كان من الأجدر حمل الشارة الحمراء مع مواصلة العمل بدل شن الاضراب حتى لا تتعطل مصالح المرضى لتساندها الرأي هندة التي تذمّرت من كثرة الاضرابات وقالت إن إضراب قطاع الصحة لم تكن على علم به وكان على سلطة القرار الإعلان عنه مسبقا.
وللأطفال أيضا موقف من إضراب أعوان الصحة حيث عبّر لنا بعضهم عن ارهاقه جراء حرارة الطقس وطول انتظاره امام المستشفى فيما اختار البعض الآخر البكاء لما شهده من اعتداءات أثارت خوفه. اقتربنا من أحد هؤلاء الأطفال فقالت: «تمنيت ان أنزع الجبس من على يدي هذا اليوم حتى أتمكن من الذهاب الى البحر».
قطع الطريق
وبعد طول انتظار عمد عدد من المواطنين الذين عجزوا عن اقتحام الأبواب الرئيسية للمستشفيات الى قطع الطريق تعبيرا منهم عن رفضهم لإضراب أعوان الصحة وتعطيل مصالحهم فيما توجه أعوان الصحة الى ساحة محمد علي للتنديد بموقف الحكومة في مطالبهم «المشروعة».
أعوان الصحة يهدّدون باضراب بيومين
تونس «الشروق»: أفاد زهير النصري الكاتب العام لجامعة الصحة بالاتحاد العام التونسي بأن كل أعوان الصحة العمومية التزموا بالاضراب يوم أمس والذي قاربت نسبته 100% في كل المؤسسات.
وقال النصري ان العمل تواصل فقط في الأقسام الاستعجالية والحالات المرضية الملحة جدا. كما أكد النصري انه ستتم دعوة الهيئة الادارية القطاعية الى الانعقاد واتخاذ القرار المناسب والذي من المرجح ان يكون اضرابا بيومين. وكانت ساحة محمد علي بالعاصمة قد شهدت يوم أمس تجمعا حاشدا لاعداد كبيرة من أعوان الصحة العمومية أكدت المصادر أنه لم تعرفه السنوات الماضية رفع خلاله المضربون عن العمل شعارات تدعو الى تطبيق ما تم الاتفاق اليه واعادة الاعتبار لأعوان الصحة العمومية. سفيان
تونس «الشروق»: أفاد محمد الشابي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بأريانة بأن مستشفيات الجهة قد سجلت نسبة نجاح للاضراب عالية جدا قاربت ال100% وأكد «الشابي» أن كل الهياكل النقابية الجهوية أعلنت دعمها الكامل لاضراب أعوان الصحة.
وقال محمد الشابي وهو ينتسب الى قطاع الصحة أن كل الأعوان بالجهة أكدوا على تمسكهم الكامل بمطالبهم وحقوقهم وعدم التنازل عن كل ما جاء في الاتفاقات مع الوزارة.