واصلت اللجان التأسيسية أمس أشغالها حيث بحثت لجنة التوطئة والمبادئ العامة وتعديل الدستور تضمين الدستور الجديد فصلا عن المؤسسة العسكرية وناقشت لجنة الحقوق والحريات الفصل 15 الذي ينص على الحق النقابي وحق الإضراب. وتمحورت النقاشات في لجنة التوطئة والمبادئ العامة وتعديل الدستور التي يرأسها الصحبي عتيق حول الفصل السادس الذي يحدّد تعريف الجيش الوطني ومهامه وينص على حياديته، إضافة إلى الفصل السابع الذي ينص على وجوبية الخدمة العسكرية، وقد ناقشت اللجنة مشروعي الفصلين اللذين تقدّم بهما ممثلون عن وزارة الدفاع أمس الأول إلى المجلس التأسيسي، ورأت اللجنة ضرورة اختزالهما واختصار الصياغة لما فيها من تكرار.
واتفق معظم أعضاء اللجنة على ضرورة تضمين هذا الفصل تعريفا للجيش ودوره وتنصيصا على حياده، لكن النائب عبد الرزاق الخلولي اعتبر أنّ الحديث عن فصل دستوري يخص الجيش يجب النظر فيه لأنه لا توجد دولة في العالم تخص المؤسسة العسكرية بفصل دستوري، حسب رأيه، كما نبه الخلولي إلى تحديد حياد الجيش عن ماذا هل عن السياسة أم الحياد المطلق.
وينص مشروع الفصل الذي نوقش على أنّ الجيش الوطني مؤسسة جمهورية في خدمة الوطن والمواطن وسيادة الدولة ووحدة ترابها ويلتزم بالحياد السياسي كما يُمنع من المشاركة في الانتخابات وفي العمل الحزبي والعمل النقابي، وهو ما اعتُبر صياغة طويلة تتطلب عدم الغوص كثيرا في التفاصيل والاكتفاء بالقول إن الجيش «يلتزم بالحياد وفقا لما يضبطه القانون» لأن القوانين هي التي تنظم عمل المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية وليس الدستور.
وأبدى النائب حسن الرضواني تحفظه على أن يكون الجيش في خدمة السيادة الوطنية قائلا إن «مهمة الحفاظ على الوحدة الترابية واضحة ولكن الحديث عن سيادة الدولة قد يعطي انطباعا بتدخل الجيش في مؤسسات الدولة».
وقدّم النائب عصام الشابي رؤية مخالفة لما أجمع عليه أعضاء اللجنة بخصوص مشاركة الجيش في الانتخابات متسائلا ما الذي يمنع من ذلك ومعتبرا أن حق الانتخاب لا يعني الخروج عن الحياد، لكن بقية الأعضاء عارضوا هذا المقترح واعتبروا أن سلطة الجيش سلطة هرمية وإذا ما أصبح بإمكان المؤسسة العسكرية أن تشارك في الانتخابات فسيكون من المحتمل أن يؤثر من هو في أعلى رتبة في الجيش في من هو دونه، فضلا عن أن الجيش عادة ما يؤمّن العملية الانتخابية وبالتالي لا يمكن أن يكون طرفا ناخبا.
من جانبها ناقشت لجنة الحقوق والحريات التي ترأسها النائبة فريدة العبيدي الفصل 15 المتمحور حول الحق النقابي والحق في الإضراب. وجرى النقاش حول ضرورة التنصيص على حق الإضراب مع تحديد هذا الحق هل هو مطلق أم مضبوط بالمصالح العامة أم بأمن الناس. وحذر نواب من أن ربط الإضراب بعدم المساس بالمصالح قد يكون فيه ضرب لحق الإضراب لأن الأصل أن الإضراب يعطل المصلحة بما في ذلك مصلحة العامل، وهو آخر سلاح يلجأ إليه العامل للمطالبة بحقوقه.
وقالت النائبة سلمى سرصوط إنه لا بد من التنصيص على أن يكون الإضراب في إطار نقابي منظّم وليس بصفة عشوائية، كما ينبغي تحديد من يحق له الانخراط في النقابات وتحديد القطاعات التي يُمنع عليها ذلك مثل الجيش والأمن كما ينص على ذلك العهد الدولي للحقوق والحريات.
وتحدّث أحد النواب عن ضرورة التنصيص على أن حق الإضراب مضمون مع عدم تعريض حياة المواطنين للخطر، قائلا إن الحق النقابي مضمون منذ سنوات طويلة ولكن يجب أن ندعمه بالقوانين متسائلا «لماذا لا تكون هناك حصانة نقابية لأن أول خطوة يقوم بها المؤجّر هي ضرب النقابة لترهيب العمال، وما نراه اليوم أن المؤجر يغلق مؤسسته ويساوم العمال إما بالرجوع مع الالتزام بعدم تعاطي عمل نقابي أو الطرد.
وأكّدت رئيسة اللجنة فريدة العبيدي ل «الشروق» أنّ هناك اتفاقا داخل اللجنة على حق ممارسة الإضراب والعمل النقابي لأنه دون إضراب يفقد العمل النقابي معتاه وكذلك دون عمل نقابي يكون الإضراب عشوائيا وبلا معنى، مبينة أن الخلاف هو في التدقيق حول إطلاقية هذا الإضراب وأن الاتفاق حاصل على «دسترة الإضراب».
وردّا على سؤال حول احتمال استكمال أعمال اللجنة بحلول منتصف جويلية كما هو متفق عليه، قالت العبيدي «نحن نجتهد ونحرص على إنجاز كامل فصولنا في أقرب الآجال».