سهرة السبت الماضي ضمن فعاليات مهرجان قرطاج الدولي كانت خاصة بالفن الشعبي وعرض للفنان الهادي حبوبة اختار له من العناوين «المطارق». أكثر من 50 عازفا كانوا على ركح المسرح الأثري بقرطاج، بين عازفي الايقاع (طبلة بندير درابك) وعازفي الآلات الوترية (كمنجة قانون أورغ...) الى جانب بالي الرقص ومجموعة الزكارة من الجريد التونسي.
عرض «المطارق» لم يكن عرضا غنائيا من المعتاد والمألوف، بل كان عرضا فرجويا استعملت فيه تقنيات صناعة المشهدية، من إنارة ومؤثرات وسينوغرافيا. وبقدر ما نجح المخرج سليم الصنهاجي في صناعة الصورة أو المشهد، نجح أيضا الفنان الهادي حبوبة في تقديم مجموعة من الأغاني التي اجتهد في جمعها من كل أرجاء البلاد، فكان الجمهور الحاضر على موعد مع ايقاعات وأنغام من كل الجهات، هذا فضلا عن الأغاني المعروفة لحبوبة مثل «كجيتك نجري» أو «هاك دللي» و«الزمياطي» التي اختتم بها العرض، ومجموعة من النوبات الصوفية و«الخروجات» التي يتميز بها الفن الشعبي.
نقطة قوة أخرى في هذا العرض الجديد للهادي حبوبة، هي الانسجام والتناسق بين جميع العازفين، فقد كان التوزيع متوازنا بين آلات الايقاع والآلات الوترية، وهو انسجام نادرا ما يتوفر في هكذا عروض موسيقية.
الهادي حبوبة استفاد كثيرا من عرض «النوبة»، لكنه لم يقلدها، بل أفرز عرضا فرجويا جديدا كان هو محوره موسيقيا، ولكن أيضا ركحيا، فقد رقص كأحسن ما يكون وأبرز أنه لايزال في عز عطائه.
في عرض «المطارق» برهن حبوبة أن الفن الشعبي ليس «ربوخا» فقط، بل يمكن أن يكون منطلقا لعرض فني فرجوي يرتقي الى مستوى بقية التعبيرات الفنية متى كان صاحبه متمكنا من أدوات العمل، عارفا لأصول الفن، والهادي حبوبة من هؤلاء، فهو قيمة فنية ثابتة وارتبط اسمه بالغناء الشعبي واسهاماته في تطوير الموسيقى والرقص الشعبي التونسي ليست خافية ولا تحتاج الى اثبات.