لمّا قدم الرسول ے المدينة غرس فيها بذور التسامح بين المسلمين وغيرهم فأقام معاهدة مع اليهود تنص على السماحة والعفو والتعاون على الخير والمصلحة المشتركة وحافظ الرسول ے على هذا الميثاق «ميثاق التعايش السلمي» لكن اليهود سرعان ما نقضوه. فيما كان رؤساء أكثر الأديان يستخدمون العنف كوسيلة لإقناع المسلمين على الدخول في أديانهم، ولو أدى ذلك الى قتلهم، ولكن هذا مخالف لقوله تعالى: {لا إكراه في الدّين قد تبيّن الرشد من الغيّ فمن يكفُر بالطاغوت ويؤمن با& فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها وا& سميع عليم} (البقرة: 236). كان المسلمون عند فتح كل منطقة يعدون سكانها بحمايتهم مقابل أداء الجزية، ولقد كان عمر بن الخطاب خير مثال على ذلك بالعهد الذي قطعه على نفسه لفائدة نصارى نجران: «أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من حيزها ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم».
ومن آثار الحرية الدينية ما رسمه الإسلام من أدب المناقشة الدينية ومجادلة أهل الكتاب المجادلة التي أساسها العقل والمنطق وعمادها الإقناع بالطريقة التي هي أحسن. قال تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن الّذين ظلموا منهم وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل اليكم وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} (العنكبوت: 46).
وقال تعالى: {ادع الى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالّتي هي أحسن إنّ ربّك هو أعلمُ بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} (النحيل : 125).
ومن التسامح في الإسلام إباحته طعام أهل الكتاب وتحليله لذبائحهم وإباحته للمسلم أن يتزوج من نسائهم، قال تعالى: {اليوم أحلّ لكم الطيّبات وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلّ لكم وطعامٍُكم حلّ لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم} (المائدة: 5)