انتصب المسجد قبالة قصر الرباط الأثرى الذي شيده القائد الاسلامي هرثمة بن الاعين سنة 180 ه الموافق لسنة 790 م، وقد يعود تاريخ انجاز مسجد الرباط الى نفس تاريخ انجاز القصر لحرص القادة المسلمين على توفير معلم ديني قريب من اقامة المرابطين بهذا القصر ولئن تعود الناس في السابق وحتى في أوقات لاحقة على بناء المساجد بقلب المدن فإن الأمر خالف المألوف في انجاز هذا المسجد اذ بني في الناحية الشرقية لمدينة المنستير على بعد عشرات الامتار من شاطئ البحر ويبدو أن المشيدين لهذا المعلم الديني قرؤوا حسابا لزحف الاعداء اذ كان النصارى يغيرون على السواحل التونسية عبر غزوات بحرية والأكيد أنهم أرادوا بترك مسافة بين البحر والمسجد تأمين حمايته من البحر من جهة وإعطاء الفرصة للمصلين للانتقال الى قصر الرباط والاحتماء من الاعداء وقت الضرورة. ومن خصوصيات هذا الجامع محرابه الذي يعتبر من أقدم المحارب ويتألف من تجويفة نصف اسطوانية تعلوها نصف قبة تستقيم رجلاها في جانبي الواجهة على كبشين مرتكزين على عمودين تحملهما قاعدتان والظاهر أنه وقع استعمال بقايا الخرائب الرومانية لانجاز هذا المسجد لأن ما يطلبه المرابطون في هذا المجال هو قوة البنيان ودوره الوظيفي ومن أبرز خصوصياته أيضا إلى جانب المحراب قاعة صلاته المفتوحة مباشرة على بيوت المرابطات مراعاة للعامل الديني بالنسبة للنساء المسلمات. وعلى غرار العديد من المساجد التونسية خضع مسجد الرباطبالمنستير الى عمليات توسيع اجريت على مر العصور خاصة في عهد الحفصيين الذين اضافوا اليه مئذنة ذات قاعدة مربعة الشكل من طراز راج في ذلك العصر ومستوحى من العمارة الاغالبية وجناحين من الجهة الشمالية الغربية ووصل المسجد الى حجمه الحالي بعد اضافة رواق في القرن الثامن عشر.