عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما.» (رواه البخاري). حين أردت أن أطالع ما تقدمه الشعوب والحكومات والمنظمات لليتيم حتى تنسيه ما به من هم وتشعره بالرحمة، لم أجد ما يوازي هذه المكافأة التي وعد رسول الله بها كافل اليتيم وهي مجاورته في الجنة.
أي تحفيز هذا على الرحمة باليتيم ومباشرة أموره؟ تُرى ماذا سيكون حال المسلم حين يعرف نتيجة رحمته باليتيم؟ حتما سيهرول ويبحث عن يتيم يكفله ويعتني به ويرحمه.
وحين تتأمل هذا الحديث تشعر أن هناك إشارة ما بأن بين درجة الرسول ودرجة كافل اليتيم قدرا بسيطا جدا، وهو القدر الذي يفصل بين السبابة والوسطى. مما يدفعك ويحثك لبذل كل طاقتك لرحمة اليتيم والاعتناء به.
ومن رحمته باليتيم أن قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من ضم يتيماً بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة.» (رواه أبو يعلى والطبراني وأحمد). عن ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «مَنْ قَبَضَ يَتِيماً مِنْ بَيْن المُسْلِمينَ إلىَ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ أَدْخَلَهُ الله الجَنَّةَ البَتَّةَ إلاَّ أَنْ يَعْمَلَ ذَنْباً لا يُغْفَرُ له» (رواه الترمذي).
والأحاديث التي تبين فضل الرحمة باليتيم كثيرة.
لم تقف وصايا الرسول ورحمته باليتيم عند هذا الحد، بل لقد وصف علاجا جميلا لكل من عانى من قسوة القلب، أن يمسح على رأس يتيم لتذوب قسوة قلبه، ويعود قلبه رقيقا صافيا كما ولد به.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه. قال: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك، يلن قلبك وتدرك حاجتك.» (رواه الطبراني).
هذا العلاج النبوي لقسوة القلب، علاج بسيط، ولكنه عند الله عظيم. إنه بداية لمسار الرحمة في هذا القلب. وكم هو جميل أن يبدأ هذا المسار برحمة ليتيم ومسح على رأسه.