أشارت صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية الى أن «أجهزة المخابرات القطرية والسعودية والأمريكية تعمل على تأجيج الصراع في سوريا في وقت رفضت فيه واشنطن التدخل عسكريا» وان مثل هذه الخطوة قد تفضي الى حريق مدمر. وأضافت الصحيفة الروسية أن «كل طرف من الأطراف المتصارعة في الحروب الأهلية عادة ما يعتقد أن رأيه هو الحقيقة المطلقة وأن موقفه هو الوحيد الصحيح. وهذا ما يحدث الآن في سوريا، ذلك أن كلاً من النظام والمعارضة، يقيم نفس الحدث، تقييما مختلفا، وله وجهة نظر مختلفة تماما بالنسبة لمستقبل البلاد». ضرورة المصالحة
ولفتت النظر الى إن «هذه المسلّمة يجب أن تؤخذ في الحسبان لكي لا تتم شيطنة الخصم، لأن المصالحة أمر لا بد منه في نهاية المطاف». وبالنسبة الى الموقف الروسي إزاء الأزمة السورية، رأت أن «روسيا ترفض مواصلة الحرب حتى يقضي النظام على المتمردين، أو حتى تسقط معارضة الرئيس السوري بشار الأسد». وأكدت أن «روسيا تؤيد إجراء إصلاحات بشكل متدرج تنتهي بانتخابات ديمقراطية». وذكرت ان «هذا هو الحل العقلاني الوحيد الذي ستتوصل إليه الأطراف قريبا.
وفي سياق متصل انتقدت روسيا بشدة الدول التي تطالب الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي، ووصفت هذه المطالب بأنها معرقلة لجهود التسوية السلمية للأزمة السورية. وقال سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي إن مطالبات كالتي تصدر عن حكومات الولاياتالمتحدة ودول أوروبية وعربية عدة وتركيا تغذي لهب العنف.. واعتبر لافروف أن مساندة الجماعات السورية المعارضة المسلحة مساندة للإرهاب.
وقال لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الصربي فوك غيرميتش في موسكو «نحن نقترح أشياء سوف تسمح بوقف فوري لإطلاق النار لكن الجانب الآخر يقول : لا، فإما أن يرحل النظام أو سنواصل مساندة المعارضة المسلحة على القتال، ما يبرر الأعمال الإرهابية».
وأضاف لافروف «طالما استمر هذا الدعم ، فأي نوع من العمل الإنساني نتحدث عنه؟، بما في ذلك مبادرات هؤلاء الذين لن يسمحوا لهذه النيران أن تخمد بل يغذونها». من جانبه حذّر مصدر في هيئة الأركان العامة للقوات المسلّحة الروسية امس من أن أية محاولة للهجوم من قبل المعارضة السورية المسلّحة على قاعدة تزويد السفن الروسية بالمؤن والوقود في طرطوس على الساحل السوري، ستواجه برد حاسم.
ونقلت وكالة (إنترفاكس) عن المصدر قوله «إذا ما قرّرت المعارضة السورية المسلّحة تنفيذ تهديداتها حول إمكانية الهجوم على قاعدة تزويد السفن الروسية بالمؤن والوقود، فإن القوات البحرية الروسية في المنطقة لها الإمكانيات الكافية للرد الحاسم عليه». وأضاف «ننصح الرؤوس الحامية في المعارضة السورية بعدم القيام بهذا العمل».
واكد ان «الجانب السوري قد اتخذ كافة الاجراءات الدفاعية اللازمة لحماية أمن القاعدة أيضاًوأعلن الفريق البحري فيكتور تشيركوف قائد سلاح البحرية الروسي، أنه توجد في البحر الأبيض المتوسط حالياً مجموعة من السفن الحربية الروسية التي تقوم بتنفيذ مهام التدريب القتالي. وكان أحد ممثلي (الجيش السوري الحر) قد هدّد في وقت سابق بالهجوم على القاعدة الروسية طرطوس.
مزاعم أمريكية
في المقابل أكدت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند أن الولاياتالمتحدة لن تتدخل في سوريا رغم قلقها من وقوع مجزرة في حلب واستعداد الجيش السوري لشن هجوم عليها، إلا أنها ستفعل كل ما تستطيع للضغط على نظام الأسد للحيلولة دون وقوع هذه المجزرة على حد تعبيرها.
وأضافت المتحدثة أن الموقف الأمريكي مازال هو عدم تسليم أسلحة للمتمردين السوريين، وقالت: «لا نعتقد أن صب الزيت على النار من شأنه أن ينقذ الأرواح»، مشددة على أن أغلبية السوريين مازالوا يرفضون التدخل العسكري الأجنبي وتدفق الأسلحة على بلادهم، خلافا للنزاع في ليبيا الذي تدخل فيه حلف «الناتو».
وقالت إن هناك معلومات ذات مصداقية تشير إلى أن دبابات تتقدم نحو حلب حيث تدور معارك شرسة بين قوات المعارضة وقوات النظام السوري، منوهة بأن تقدم الدبابات واستعمال المروحيات والطائرات يشير إلى تصعيد خطير في النزاع.
وأوضحت المتحدثة الأمريكية أن النظام السوري يحاول بكل الوسائل التمسك بالسلطة، وأن الولاياتالمتحدة قلقة جدا إزاء ما يمكن أن يفعله في حلب. وأوضحت أنه «في غياب القدرة على العمل في الأممالمتحدة علينا مضاعفة جهودنا مع الدول التي نشاطرها الرأي خارج منظومة الأممالمتحدة، وهذا هو ما نقوم به، حيث نحاول العمل من خلال لجنة العقوبات للضغط على النظام السوري».
وأكدت نولاند أن الولاياتالمتحدة لن تتدخل الا بتقديم المساعدات «غير الفتاكة» للمسلحين، وقالت إن «صب مزيد من الزيت في هذا الحريق لن ينقذ الأرواح». وأضافت أن واشنطن لا تتوقع تدخلا عسكريا في الصراع بدون تفويض من مجلس الأمن، واكتفت بالقول إنه يجب مضاعفة جهود الولاياتالمتحدة مع الدول التي تتفق معها خارج نظام الأممالمتحدة.
على صعيد الوضع الميداني ، عبر معارض سوري بارز عن شكوكه في تمكن قوات المعارضة من الاستمرار في السيطرة على المناطق التي تحتلها في مدينة حلب، وهي المدينة الثانية في سوريا، لوقت طويل.
وقالت مصادر مسلحي المعارضة إنهم يعتقدون أن قوات النظام ستشن هجوما كبيرا ضدهم في أي لحظة. وقد بدأت الدبابات بالتجمع عند مداخل المدينة متوجهة من عدة جهات.
وقال طلال الميهني وهو عضو مؤسس في تيار «بناء الدولة السورية»، في حديث لبي بي سي، إنه على اتصال بالناس في حلب إن قوات المعارضة تفتقر إلى التأييد الاستراتيجي والأسلحة.
وقال الميهني إنها كما يُحتمل قد تواجه هجمات من جيش الحكومة السورية المسلح تسليحا جيدا والذي يتحرك في اتجاه المدينة. وقالت وسائل الإعلام الرسمية في سوريا إن الجيش جابه المتمردين في حي الصاخور في حلب، وقتل عددا كبيرا منهم. وأضافت أن قوات الحكومة صدت هجوما على مركز للشرطة في منطقة أخري من حلب.
ويقول مراسل لبي بي سي في المنطقة إن الانطباع هو أن معركة السيطرة على حلب لم تبدأ بجدية بعد. وتستمر المعارك في أحياء الصاخور والسكري وبستان القصر بكافة صنوف الأسلحة وسط نزوح كثيف. وقالت المعارضة إنّها هاجمت مقراً للمخابرات الجوية والأمن الجنائي ومخفر الكلاسة في حلب وأعلنت المعارضة صباح امس عن مقتل 9 مدنيين على يد القوات الحكومية في حي الزهراء في حلب.