وقفات احتجاجية نفذها أمس المعملون في كافة المندوبيات الجهوية للتعليم احتجاجا على قرار خصم أيام الاضراب «الشرعي» عن العمل الذي نفذه معلمو التعليم الأساسي أيام 16 و30 و 31 ماي 2012. وعبر المعلمون عن استغرابهم من هذا القرار الذي وصفوه «بالجائر» في الوقت الذي كانوا ينتظرون فيه كغيرهم من أعوان الوظيفة العمومية صرف القسط الأول من المنحة الخصوصية خلال هذا الشهر علها تساهم ولو نسبيا في مجابهة مصاريف شهر رمضان والعيد والعودة المدرسية ليتفاجأوا بخصم 100 دينار من رواتبهم وهو ما أكده السيد الكافي العرفي كاتب عام نقابة جهوية معتبرا أن هذا القرار يستهدف المعلمين في قوتهم وقوت صغارهم إذ يشكل عقابا جماعيا تجويعيا واعتداء صارخا عن الحق النقابي وتوتيرا للمناخ الاجتماعي.
تراجع
وطالب الكافي العرفي بضرورة التراجع الفوري عن قرار الخصم مراعاة لظروف المعلم في هذه الفترة بالذات التي يتزامن فيها شهر رمضان مع مناسبة عيد الفطر ومستلزماته ثم العودة المدرسية التي هي على الأبواب والتي تتطلب ضرورة التوافق بين سلطة الاشراف وجموع المعلمين وهياكلهم النقابية وقال أنه وفي صورة عدم التراجع عن هذا القرار فان المعلمين مستعدون للدفاع عن مطالبهم المشروعة وتأمين قوتهم وكرامتهم بكل الأشكال النضالية المتاحة.
من جانبه صرح السيد محمد الحبيب بن الحاج كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم الابتدائي بالكرم أن قرار الخصم مرفوض أصلا وشكلا لعدة اعتبارات من بينهما أن وزير التربية كان قد أمضى على اتفاق يوم 15 جوان مع نقابة التعليم اثر اضرابين داما 3 أيام وهو ما يعني إقرارا ضمنيا بوجاهة المطالب ومشروعية الاضرابين وأوضح أن الحكومة من خلال قرار الخصم أرادت التصنيف على الحريات النقابية وعلى اداتها الفاعلة المتمثلة في الاتحاد العام التونسي للشغل حين بدأت برمي القمامة في مقراته ثم بسجن نقابييه بصفاقس واليوم هاهي تقتطع من مرتبات المعلمين وتستولي على الادارات وهو ما يفسر حالة هجومية لضرب الاتحاد كمدافع أول وأخير عن الشغالين. ووصف محمد الحبيب بن الحاج عملية الاقتطاع باللا اخلاقية إذ تزامنت مع رمضان والعيد والعودة المدرسية وهي محاولة للانتقام من المعلمين الذي انجحوا اضرابهم بنسب تقارب ال 100 ٪ وضرب للحريات النقابية في «حكومة» ما بعد الثورة وقال : «من يزرع الريح يجني العاصفة ولا مجال للسكوت عن هذا القرار مهددا بالتحرك في كل الاتجاهات بدءا بالاعتمادات في الادارات الجهوية ومقرات وزارة التربية وصولا الى الاضراب في مفتتح السنة الدراسية وطالب بالتراجع عن هذا القرار وضرورة أن يعتذر وزير التربية لكافة المعلمين الذين أساء اليهم بقراره هذا.
استقالة
أما السيدة فضيلة محمد (عضو نقابة أساسية بحلق الوادي) فقد اعتبرت ان قرار خصم 3 أيام من رواتب المعلمين الذي اضربوا خلال السنة الدراسية الماضية اعتبرته الحكومة حلاّ لمعضلة منحة العودة المدرسية التي هي على الأبواب خاصة أن عدد المضربين كبيرا جدا وبالتالي فإن نسبة الاقتطاع كذلك ستكون مرتفعة وستوفر عليها عناء صرف منحة العودة المدرسية المنتظرة وهي كذلك محاولة لضرب الحريات وحرية التعبير أساسا وقالت إنه قمع سياسي ينفذه الحزب الحاكم الذي لا يعترف بسياسة الحوار بل إنه يسلط استبداده السياسي الذي سيليه استبداد فكري وطالبت فضيلة محمد من وزير التربية التراجع عن هذا القرار «الظالم» وإلا فعليه بالاستقالة على حد تعبيرها.
وزارة التربية توضح
تعرب وزارة التربية عن استغرابها من بعض ردود الأفعال إزاء القرار القاضي بخصم ثلاثة أيام بعنوان عمل غير منجز لمدرسي التعليم الابتدائي الذين نفذوا إضرابين : الأول يوم16 ماي والثاني يومي 30 و31 من نفس الشهر لسنة 2012، ذلك أن الخصم من المرتب بعنوان يوم أو أيام الإضراب يعد الإجراء القانوني المعتمد في تونس وفي كل بلدان العالم وكل النقابات الوطنية وحتى الدولية تدرك جيدا أن الإضراب يرتب بالضرورة خصما من المرتب دون أن يكون في ذلك أي تقييد أو تعدّ على حق الإضراب أو الحق النقابي أو أي تشكيك في شرعية الإضراب، إذ أن شرعية الإضراب لا تعني أن تتولى الإدارة خلاص المضربين عن عمل لم ينجزوه بل تعني أن الإدارة تكتفي بالخصم من المرتب كإجراء إداري مستوجب قانونا دون اعتبار ذلك غيابا غير شرعي مما قد يترتب عنه تسليط عقوبات إدارية.
كما تؤكد الوزارة على أن عدم الخصم من المرتب يفقد الإضراب والمفاوضات الاجتماعية عموما أي معنى، ذلك أن العون المضرب يعلم أنه بإضرابه يضحي بأجرة يوم دفاعا عن حقوقه، لذا فإنه لا يلجأ الى هذا الحل إلا مكرها والإدارة من جهتها تسعى الى تفادي حصول الإضراب لأنه يؤول الى تعطيل السير العادي للمرفق العام وهذا الحرص المشترك على تفادي الإضراب باعتباره مضرا للطرفين يشكل حجر الزاوية في المفاوضات الاجتماعية، لأن كل طرف يسعى من موقعه الى التوصل الى حل وفاقي يسمح بتفادي الإضراب أما أن يكون الإضراب دون خصم فإن ذلك يمس من مصداقية التفاوض ومن فلسفة الإضراب ذاته.
والطرف الاجتماعي في تونس وفي كل أنحاء العالم مطلع بصفة كاملة ودقيقة على هذه القواعد التي تنص عليها كل تشريعات الشغل الوطنية والعالمية، وبالتالي يدرك جيدا أن ما قامت به وزارة التربية لا يشكل بدعة بل هو تطبيق للقانون على الوجه الأسلم.