كانت التطورات التي عرفتها قضية النقابيين الموقوفين في جهة صفاقس مفاجأة ليست للنقابيين فقط بل لكل الرأي العام الوطني وللمتتبعين والمراقبين حيث اتخذت منعرجا تصعيديا يبقي الوضع مفتوحا على احتمالات عدة إلى حد أمس الأول يبدو أن هياكل الاتحاد مركزيا وجهويا خيرت عدم التصعيد فقد كان هناك «بوادر»، لدى القيادات النقابية مركزيا وجهويا وقطاعيا بأن يتم الاعلان عن الافراج عن المعتقلين النقابيين لكن إحالة القضية إلى محكمة أخرى مع الابقاء على النقابيين بحالة ايقاف لم يكن متوقعا حتى من المحامين الذين حضروا بكثافة للدفاع.
مواجهة
وبصرف النظر عن المجرى القضائي للأزمة فإن بوادر المواجهة بين الهياكل النقابية والسلطة ستنطلق منذ اليوم بإعلان اضراب قطاعي أول في ولاية صفاقس في الوقت الذي أعلن فيه زهير النصري الكاتب العام لجامعة الصحة بالاتحاد العام التونسي للشغل عن الانطلاق في سلسلة من الاجتماعات العامة لتعبئة القطاع استعدادا للاضراب العام القطاعي في كل المستشفيات الذي سينفذ يوم 9 أوت الجاري.
ولا يستبعد أن تتحول قضية النقابيين المعتقلين إلى قضية رأي عام خاصة بعد اعلان المحامين ورابطة حقوق الانسان تبنيهم للقضية وإعلان جامعة الصحة والهياكل النقابية بأنها ستكشف كل تفاصيل التجاوزات التي حدثت وكان ضحيتها النقابيين المعتقلين.
أول محاكمة
لقد وجد الاتحاد العام التونسي للشغل نفسه أمام أول محاكمة للنقابيين بعد 14 جانفي مما دفع بالأمين العام حسين العباسي إلى التصريح في مناسبة ماضية بأن القانون لا يطبق بصرامة إلا على النقابيين فقط.
وإذا كانت ترى في القضية قضية حق عام وتتعلق اجراءاتها بالقضاء وحده فإن الهياكل النقابية لن تقبل هذا التبرير وتصر على أنه عذر للهروب من الحقيقة حيث أن المعتقلين النقابيين اعتقلوا على اثر تحركات واحتجاجات توجهها نقابي داخل المؤسسة وبالتالي فإن الهياكل النقابية لن يمكنها الصمت والسكوت والقبول بتواصل اعتقال نقابيين ولو أدى ذلك إلى مواجهة مع السلطة في ظرف حساس ويتميز بكثرة التجاذبات السياسية في الشارع.
ويرى المراقبون بأن الحكومة والسلطة القائمة في تونس من مصلحتها تجنب أية مواجهة الآن مع النقابيين مهما كانت الأحداث وخلفية القضية واجراءاتها فالواقع السياسي والاجتماعي لا يحتمل اليوم مثل هذه المواجهة ثم أن كل الأطراف السياسية وأطراف المجتمع المدني لن تقبل باعتقال نقابيين على خلفية تحرك نقابي وهو ما سيكون في صالح الاتحاد العام التونسي للشغل وفي صالح تحركاته.
وليس خافيا الآن على أحد أن جهة صفاقس تعد تاريخيا من أكثر الجهات الساخنة نقابيا واجتماعيا ولها تقاليد في التحرك منذ سنوات حكم بورقيبة وكانت لها تحركات كبيرة أهمها الاضراب العام يوم 2 جانفي 2011 والذي كان أهم التحركات التي أربكت النظام حينها وبالتالي فإن جهة صفاقس لن تقبل بتواصل اعتقال النقابيين وستسعى للتحرك بقوة من أجل اطلاق سراحهم.