أطلقت حركة البعث امس في ندوة صحفية لها ما اسمته «صرخة في وجه الحكومة» احتجاجا على ما يحصل في سيدي بوزيد من «استخفاف واستهانة في التعاطي مع قضايا الناس» معتبرة أن الحكومة بما تقوم به من أعمال «وكأنها تبحث عن شعب على قياسها»، فيما دعت باقي مكونات المجتمع المدني والسياسي إلى التحرك للدفاع عن اهالي المدينة. وقال عثمان بالحاج عمر رئيس الحركة خلال ندوة صحفية عقدها بمقر الحزب «سيدي بوزيد هي محرار الوضع العام في تونس وهي الاسم الحركي لها فاذا صرخت سيدي بوزيد أو توجعت فإن تونس كلها تتوجع... المشاكل تفاقمت ولا تتوفر إلى حد الآن مقومات الحد الادنى للعيش في سيدي بوزيد».
شعب آخر
وتابع «الاحتجاجات انطلقت منذ نهاية جوان الماضي وصولا إلى الاحتجاجات الاخيرة التي حصلت بعد قطع الماء والكهرباء كما أن هذه الندوة هي صرخة في وجه الحكومة على تعاملها باستهتار واستخفاف واستهانة في التعاطي مع قضايا الناس بل اننا اصبحنا اليوم نرى كل اعضاء الحكومة وكأنهم يبحثون عن شعب على قياسهم طيع وسهل ويفعلون معه ما يريدون دون أن يتكلم». واعتبر بالحاج عمر أن الحكومة كان عليها أن تهتم بمعالجة القضايا والملفات وليس الدخول في جدل مع الناس وكان على كل وزير أن يتكلم في اختصاصه لا أن يتدخل بتهديدهم مضيفا أن «الحكومة الحالية لا تعمل على تحقيق أهداف الثورة فذلك يتطلب مكافحة الفساد لكنها تتلكأ في هذا الموضوع وهو ما أدى بوزير الاصلاح الاداري إلى الاستقالة، كما انه كان من المفترض أن نقطع مع النظام السابق لكن اليوم من يذهب إلى النهضة من التجمعيين فهو آمن وأصل المشكل في الرقاب مثلا عمدة تجمعي أصبح نهضاويا».
وأشار رئيس حركة البعث إلى أن الحكومة «تسرعت في الكشف عن حقيقتها فعندما نعود إلى حكومة بورقيبة أو حكومة بن علي نجد انهم أخذوا وقتا طويلا ليستعملوا معجم شرذمة وملثمين وغيرها... اليوم نتساءل عن بقية أعضاء الجسم التونسي الذي يجب أن يتداعى ليوقفهم عند حدودهم فهم يقودون الناس إلى كارثة اقتصادية واجتماعية ولم نقل لاسقاط الحكومة التي لا تريد أن تصارح الشعب أن من يقف وراءها سواء امريكا او قطر أعجز من أن يساعدوها على حل مشاكل الناس». واوضح عثمان بالحاج عمر أن من يقومون بالتظاهر في سيدي بوزيد هم كل الطيف المدني وان الناس أصبحوا يعتصمون ليعرفوا أين يتم ايقاف أبنائهم، معتبرا أن ما حصل في صفاقس لم يحصل أبدا في السابق حيث أن النزاعات المتعلقة بالمؤسسات العمومية ينظر فيها القضاء الاداري وانه عندما حصلت حالة رفض للمسؤول الذي عينته الحكومة في المستشفى قامت برفع قضية أمام القضاء العدلي ثم استعانت مباشرة بالقوة العامة وبأنصار احد الاحزاب واحد قادته في تنفيذ الحكم «والنتيجة أن صفاقس اليوم تعيش كل تلك المشاكل».
واستنكر المتحدث ما اسماها بعمليات اختطاف للمواطنين «تسميها الحكومة عمليات ايقاف» مشيرا إلى أن مطالب أهالي سيدي بوزيد تتلخص في ثلاثة عناصر وهي «محاسبة من امر بايقاف الناس بتلك الطريقة العشوائية ومن امر بممارسة العنف وهم الوالي ورئيس منطقة الحرس ووكيل الجمهورية ونقلهم من الولاية وليس كما قيل في المجلس التأسيسي إن المتظاهرين يطالبون بحل المجلس واسقاط الحكومة هذا غير صحيح ومواقفهم مكتوبة في بيانات واضحة».
أسباب التوتر
وتابع موضحا «عندما يكذب وزير التنمية في المجلس بتلك الكيفية ألا يزيد ذلك من التوتر وانعدام الاستقرار في الجهة فالمسؤول الاول عن التدهور هو الحكومة والمسؤول عن مزيد التوتر هو الحكومة ايضا اليس فيهم من يقول لهم انهم مخطئون لكن الاكيد أن الحكومة لا تريد أن تتحمل مسؤولياتها اليوم واصبحت تجهز لحرب ضد المجتمع المدني والاحزاب لسنا دعاة فتنة ولن نكون الا في صف شعبنا». ومن جانبه قال حاتم الهاني عضو جبهة 17 ديسمبر للقوى التقدمية في سيدي بوزيد إن الجبهة هي من يقود الاحتجاجات ضد الوالي في الجهة خاصة بعد اختطاف عدد من المواطنين مشيرا إلى أن «ميليشيات النهضة كانت تهاجمنا كلما تحركنا لرفع مطالبنا، الاحتجاجات بدأت في الرقاب ضد عمدة تجمعي اصبح نهضاويا وبدل محاسبته هجموا على المنطقة وهو نفس السلوك ايضا في أزمة عمال الحضائر».
واكد الهاني أن نفس المشكلة واجهتها منطقة البكاكرية التي احتجت على انقطاع المياه الصالحة للشراب «فقابلتها الحكومة بهجمة منظمة لم نشهد لها مثيلا كما أن والي الجهة لا يعترف بأحد غير أتباع النهضة وحاولنا الاتصال به لكنه رفض وعندها اجتمعت جبهة 17 ديسمبر وقررت مسيرة يوم 9 أوت احتجاجا على الاعتقالات وكانت مسيرة كبيرة واعتصمنا امام الولاية والغريب اننا ووجهنا بقوات الحرس وقمعها الوحشي رغم اننا نتبع منطقة بلدية كان من الممكن على الاقل أن يستعملوا الشرطة لكن المسألة اصبحت اكثر وضوحا فالمتآمرون على بوزيد هم الوالي ورئيس منطقة الحرس ووكيل الجمهورية». وأضاف حاتم الهاني أن الجبهة قررت الدخول في اضراب يوم الثلاثاء 14 اوت مؤكدا «امكانية الوصول إلى اعلان حالة العصيان».
ومن جانبه اعتبر الحبيب الكراي عضو المكتب السياسي لحركة البعث أن الأحزاب التقدمية واليسارية مطالبة بتجاوز خلافاتها اليوم مهما كانت اسبابها وان تضع نصب أعينها بوصلة واحدة وهي التصدي لكل من يحاول الانحراف عن اهداف الثورة.
كما طالب الكراي الحكومة بان تصارح الشعب بانعدام الخيارات امامها وانها مضطرة إلى المضي في الخيارات التي يسطرها لها البنك الدولي وامريكا وغيرها وانها ستمضي في النهج الذي اتبعته الانظمة السابقة».