ازدادت الحرب السياسية ضراوة في باريس بين الحزب الاشتراكي الحاكم وحزب «الاتّحاد من أجل حركة شعبية» المُعارض الذي ينتقد مُقاربة قصر الإليزيه «السّلبية» للقضية السورية. وفجّر الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي هذا الصّراع السياسي عندما خرج عن صمته في 7 أوت وانتقد بشكل غير مباشر خلفه الاشتراكي فرانسوا هولاند، متّهما إيّاه ب»التّخاذل» في تبني موقف حازم إزاء ما يحدث في سوريا في الوقت الذي تشنّ فيه قوات بشار الأسد هجوماتها على حلب ومُدن وبلدات أخرى.
وعبر ساركوزي عن موقفه في أعقاب محادثة هاتفية استمرت نحو أربعين دقيقة مع رئيس المجلس الوطني السوري المُعارض عبد الباسط سيدا، تمخّض عنها بيان مشترك يؤكّد على «الحاجة لتحرك سريع من المجتمع الدولي لتجنب زيادة عدد الضحايا»، ويُشدّد على أن هناك «تشابها كبيرا مع الأزمة اللّيبية» التي شهدت تدخلا دوليا بقيادة فرنسا وبريطانيا وكان لساركوزي فيها «دور ريادي». واعتبر ساركوزي أن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات أكثر حزما بعد 16 شهرا من بداية الأزمة. غير أن البيان لم يحدد طبيعة الإجراءات.
وأعطى البيان إشارة الانطلاق لحملة يمينيّة مُتصاعدة ضدّ الإستراتيجية التي يتبعها الاليزيه حيال القضية السورية وضد فرانسوا هولاند، الذي تترأس بلاده حاليا مجلس الأمن، وهو «الموقع الإستراتيجي الذي يخولها فرصة تكرار المبادرات»، كما تقول صحيفة «لوفيغارو»، المُوالية ل»الاتّحاد من أجل حركة شعبية». وأشادت عدة أصوات من داخل «الاتحاد» بالخروج الإعلامي للرئيس السابق.
كما أطلق الأمين العام للحزب، جان فرانسوا كوبي، العنان لانتقادات لاذعة. أعرب عن «أسفه للصّمت الرّهيب لفرنسا» وعن «قلقه الشديد إزاء خمول الديبلوماسية الفرنسية» وعن «الغياب التام لرئيس الدولة على الساحة الدولية، وهو الذي يستمتع بدلا من ذلك بقضاء عطلته الصيفية». وقال أنه «لا يدعو إلى خيار عسكري شامل»، لكنه يُطالب ب«بمبادرة دبلوماسية فرنسية قوية، تتناسب مع مكانتها وتقاليدها».
ومن جهته ردّ اليسار بتصريحات لا تقلّ ضراوة، مُعتبرا أن الانتقادات اليمينيّة «في غير محلها وتتّسم بالخشونة»، كما قال النائب عن دائرة باريس جان كريستوف كومباديليس، الذي أكد أن فرنسا «تظل تضطلع بدور ريادي في الدعم الذي يُقدم للثورة السورية».
وندّدت أمينة الحزب الاشتراكي، مارتين أوبري، في بيان بالتصريحات التي أطلقها ساركوزي وجان فرانسوا كوبي وغيرهم من قادة «الاتحاد». ووصفت تلك الانتقادات بأنها «تفتقد لروح المسؤولية، في وقت تحتاج فيه فرنسا لتوحيد صفوفها لدعم المبادرات الحازمة التي تقوم بها الحكومة الفرنسية في هذا المجال».
وذكّرت أوبري بالاستقبال الحار الذي كان قد خصصه ساركوزي للأسد خلال استضافته له بباريس، واصفة هذه الحملة المغرضة ب«البذيئة» لأنها «توظف معاناة الشعب السوري لأغراض سياسوية».